خاص

رئيس الهيئة العليا للإفتاء في جيبوتي الشيخ عبدالرحمن محمد علي لـ الجريدة.: الفتاوى الشاذة خطر داهم على الأمة... والساحة تعج بالفوضى

«الفقه الإسلامي على اختلاف مذاهبه مرن ومتطور لإفساح مساحة للاجتهاد»

نشر في 20-05-2018
آخر تحديث 20-05-2018 | 00:02
علي متحدثاً إلى محرر «الجريدة»
علي متحدثاً إلى محرر «الجريدة»
قال رئيس الهيئة العليا للإفتاء في جيبوتي، الشيخ عبدالرحمن محمد علي، إن من سمات الفتوى الرشيدة أنها تتغير بتغير الزمان والمكان والحال، داعيا في مقابلة مع "الجريدة" أثناء زيارته الأخيرة للقاهرة، إلى تأسيس جهاز إسلامي واحد، يجمع شتات هذه المراكز الإسلامية ويوحد بينها ويذيب الخلافات العرقية أو السياسية أو المذهبية، لتتحول إلى جماعات ضغط فاعلة على صناع القرار في العالم الغربي... وإلى نص المقابلة:
● ما تعليقك على ظاهرة انتشار الفتاوى الشاذة في مجتمعاتنا الإسلامية؟

- الفتاوى الشاذة تمثل خطراً داهماً على الأمة وأمنها واستقرارها، لأن من يطلقون تلك الفتاوى لهم أغراض ضيقة ولا يدركون مصلحة الشعوب، ومع الأسف تعج الساحة بكارثة فوضى الفتاوى، وبالتالي لابد من ضبط الفتوى وتنظيمها وقصرها على أهل الاختصاص من العلماء الموثوق بهم.

● كيف يمكن مواجهة التطرف؟

- مواجهة التطرف والإرهاب لها شقان، جانب فكري يتمثل في جهود العلماء والإعلام والمفكرين والتعليم، من خلال نشر المفاهيم الصحيحة ودحض الأباطيل، إضافة إلى شق أمني للتعامل مع الإرهابيين والمتطرفين بالقوة، لأن هناك من يرفض الحوار ويتمسك بأفكاره المتطرفة، وبالتالي لابد من فرض قوة الدولة وهيبتها.

● كيف تطورت الفتوى في العصور السابقة؟

- الموقف من الفتوى في العصر الإسلامي الأول في أجياله الثلاثة، الذي وزن الفتاوى بميزان الشرع كان غايته الحق والعدل، يعرف الرجال بالحق، ولا يعرف الحق بالرجال، لا يخشى في الله لومة لائم، وهو ما يختلف تماماً عن موقف أدعياء الفتوى المتاجرين بها في عالم المسلمين المعاصر، وما يلجأون إليه من الخداع والتدليس على جموع المسلمين، من خلال اتخاذ زي وشعارات، حتى أوقعوا ضحاياهم في شباكهم، وسخروهم لأهوائهم، واستخدموهم أدوات طيعة لتحقيق أهدافهم وغرروا بهم، وزينوا لهم الباطل، وأفسدوا عليهم دينهم وعقولهم، ومزقوا مجتمعاتهم.

● ما سمات الفتوى الرشيدة؟

- من سمات الفتوى الرشيدة أنها تتغير بتغير الزمان والمكان والحال وتغير الفتوى هو انتقالها من حالة كونها مبينة لمشروعية الحكم إلى حالة عدم المشروعية، فيصبح الحكم ممنوعاً بهذه الفتوى، بعد أن كان مشروعاً، أو بالانتقال من حالة المنع إلى ضدها، فيصبح الحكم مشروعاً بعد أن كان محظوراً، بناء على أمر مستجد هو أقرب إلى تحقيق المصلحة والعدل.

● الخلاف حول مسألة الاجتهاد، كيف تراه؟

- الفقه الإسلامي على اختلاف مذاهبه - وإن كان ثابتاً على الأصول والكليات - فإنه مرن ومتطور ومتغير في الفروع والجزئيات التي تركتها النصوص الشرعية لإفساح مساحة للاجتهاد، والنظر فيما يحقق المصلحة العامة، ويراعي المقاصد الشرعية رحمة بالأمة، وتوسعة على الإنسانية، فالمجال في هذا الباب رحب، تتحرك فيه اجتهادات المجتهدين بيسر وسهولة عن طريق القياس المنضبط بشروطه وقيوده، وعن طريق المصلحة المرسلة التي لم يرد فيها نص خاص باعتبارها أو بإلغائها، مع دخولها تحت النصوص العامة.

● هل أنت راض عن مستوى التواصل مع الأقليات الإسلامية؟

- مع الأسف، هناك تجاهل للدور المنوط بالأقليات الإسلامية، والتي يمكن أن تشكل قوة ضغط كبيرة إذا ما أُحسِن تنظيم جهودها واستثمار إمكاناتها، خاصة في ظل سيادة أجواء تبعث على التفاؤل، وتمس حرية التعبير وحرية التفكير في البلدان الغربية، وإذا كان المسلمون في العالم الغربي شأنهم شأن غيرهم يتمتعون بهذه الحقوق، إلا أننا لم نحسن الاستفادة من هذا المناخ بصورة فعالة لخدمة قضايا الأمة، مما أدى إلى ضعف هذه الأقليات وتقاعس الدول والمنظمات الإسلامية عن دعمهم.

● كيف يتم دعم الأقليات؟

- تفعيل الدور شبه الغائب للأقليات الإسلامية يحتاج إلى وقفة صادقة لمساعدتها في مشروع الحفاظ على هويتها والدفاع عن دينها واستثمار قدراتها لتشكيل جسور تعبر من خلالها الدعوة الإسلامية إلى الملتقي الغربي، خاصة أن الإسلام ينتشر بقوته الذاتية في العالم بسرعة وقوة تذهل خبراء السياسة والعلاقات الدولية.

● هل يمكن للأقليات المساهمة في تحسين صورة الإسلام في الخارج؟

- نعم، يمكن للأقليات المسلمة في العالم الغربي أن تؤدي دورا فاعلا في تصحيح صورة المسلمين في وسائل الإعلام، وذلك إذا تم التنسيق بينها، خاصة أن المسلمين في الدول الغربية، هم الأكثر فهما لطبيعة الجمهور المستهدف وأساليب مخاطبته، وهذا أمر يتطلب على الخصوص التفكير لتنظيم خطوات، ومبادرات الأقليات المسلمة، وفق خطة إعلامية موحدة، تستثمر كل الإمكانات المتاحة، وتؤدي نشاطها وفق أسس علمية، وذلك من خلال جهاز إسلامي واحد، يجمع شتات هذه المراكز ويوحد بينها ويذيب الخلافات العرقية أو السياسية أو المذهبية بينها لتتحول إلى جماعات ضغط فاعلة على صانع القرار في العالم الغربي، ثم يتم بعد ذلك ربطها بديار الإسلام وتحديد الأدوار المطلوبة منها بدلا من التشتت والتباعد والتفرق.

● برأيك، ما أهم التوصيات التي صدرت عن المؤتمرات الدينية التي عقدت خلال الشهور الأخيرة لمواجهة حملات التشويه؟

- هناك مؤتمرات عديدة خرجت بتوصيات مهمة، لعل أبرزها دعم العلاقة بين المراصد الإسلامية وممثلي الأقلية المسلمة في مختلف دول العالم، بما يتيح لأفراد هذه الأقليات الاتصال بالمراصد، وإبلاغها بأي معلومات يمكن الحصول عليها في هذا الشأن، وتكثيف الاتصال بوسائل الإعلام الغربية، ومراكز البحوث والجامعات في الدول غير الإسلامية لتصويب ما يصدر عنها بشأن الإسلام والمسلمين، أيضا فتح أبواب الحوار مع مراكز التأثير في صناعة القرار والرأي العام في الدول الغربية، وكذلك مراكز البحوث، والدوائر الأكاديمية، ووسائل الإعلام العالمية، والتحرك السريع لمواجهة المواد الإعلامية المسيئة للإسلام.

تقاعس المنظمات الإسلامية عن دعم الأقليات المسلمة انعكس على قضايا الأمة
back to top