بلد على كف مزيون...

نشر في 19-05-2018
آخر تحديث 19-05-2018 | 00:20
 فهد البسام إذا كنت تقرأ هذا المقال فهذا يعني أنك مازلت على قيد الحياة، وقد بلغت الشهر الفضيل، أعاده الله عليك وعلى جميع المسلمين والمنافقين أيضاً، فنحن نتمنى الخير للجميع، كما أن المنافقين هم ملح الحياة الذي يعطيها طعماً ونكهة، فيمتعوننا باستشرافهم المكشوف وتناقضاتهم المتلاحقة- حفظهم الله لنا- وحسابهم عنده، فلولاهم ما وجدنا ما يسلينا ويضحكنا ونكتب عنه بين الفينة والأخرى.

قبل أيام هوى نجم آخر من سماء الكويت، ساهم في رسم مزاج جيل كامل، سواء بصوته أو علاقته المجنونة بخالد الشيخ أو بإنتاجاته المتنوعة، لكنه قبل أن يهوي عانى الإهمال والتهميش والتجاهل من وزارة الإعلام والمسؤولين بها، مما دعاه إلى الابتعاد والعزلة، وقد تستغرب عزيزي القارئ أن عبدالله المحيلان بكل تاريخه وإبداعه وشعبيته كان يعاني في ذاك الزمان المنعوت بالذهبي، لكنك عندما تعرف أنه بعد ربع قرن قامت حكومة دولة الكويت بتفويض رجل واحد فقط لتولي مهام ومسؤوليات الإعلام والشباب والحيوانات ستعرف حينها حقيقة نظرتها ومدى تمييزها واهتمامها بالفئات المستهدفة، فالحالة الوحيدة التي يمكن فيها لمثل هذه الظروف أن تجتمع هي أن يقدم مذيع شاب برنامج "عالم الحيوانات"، ليعرض على قناة تلفزيونية، لكن الحكومة لها نظرة أخرى تنم عن العمق في التفكير.

وزارة الإعلام هي الجناح الثاني للدولة مع وزارة الخارجية للتعبير عن توجهاتها ومواقفها والدفاع عنها، فتسوق لسياساتها، وتسعى إلى نشر أفكارها من خلال ثقافتها وآدابها وفنونها، لتشكل بها القوى الناعمة الخفية للدولة التي تمهد الطريق لتوسعة نفوذها بما يحقق مصالحها وأهدافها، من هنا فالتداخل بين عمل "الخارجية" و"الإعلام" كبير ومتشعب، لذلك كانت تعتبر في يوم ما من ضمن ما يطلق عليها وزارات السيادة نظراً لأهميتها تلك، واليوم الوضع السياسي الإقليمي عالي التوتر من حولنا، دع عنك ترهات الرئيس الفلبيني المحترم وتأثيرها المحدود على نظافة منازلنا وجودة فطورنا ومفاعلات الهريس، فهناك انتخابات مهمة جرت على بعد كيلومترات منا في العراق، وانتفاضة جديدة تطبخ في القدس، والاتفاق النووي فُسخ من جانب واحد، والعلاقة المتشابكة بين كل ما سبق، كل ذلك لم يُثِر اهتمام معالي وزير إعلامنا الموقر ليخرج ويوضح للرأي العام وضعنا مما يجري حولنا، أو ليعطي موقف الكويت في الأمم المتحدة حقه من الاهتمام وتسليط الأضواء والتسويق، لكن ما حركه واستفزه وأزال تحفظه الغالي هو سؤال موجه من النائب "المزيون" الذي لم تهزه شتائم زملائه بالقاعة إلى معاليه "الأزين"، عن تعليق عابر لم يسمعه أحد لولا السؤال، وحصل كل الذي تعرفونه بعد ذلك، فلا زدنا انتشاراً وتأثيراً ولا سلمنا على صورة الكويت وسمعتها، وفوق ذلك صرنا محل تندر الصحافة الأجنبية بفضل جهود معالي وزير الإعلام والشباب والحيوانات حفظهم الله جميعاً، الله يرحمك يا محيلان ويغفر لك، ويكفينا وإياكم شر الضغط الذي قد تتسبب فيه أملاح الحياة الزائدة، خصوصاً في مثل هذا الشهر الفضيل.

back to top