فاتن حمامة... موعد مع السعادة (3- 31)

نشر في 19-05-2018
آخر تحديث 19-05-2018 | 00:05
وقف المصور يراقب الحديث الدائر بين الأم زينب هانم وطفلتها فاتن، وهو يضحك ساخراً في داخله. فكيف لهذه الطفلة التي لم تتجاوز الثامنة من عمرها أن تفهم تلك النصائح التي تلقيها الأم عليها، حول دور الممرضة وأهميته، وتقديرها الزي الذي ترتديه؟! ولكن ما إن ابتعدت الأم لتتركها لعدسة المصور، حتى فوجئ بما لم يتوقع على الإطلاق.
إزاء عدسة المصور، طلبت الأم من فاتن أن تتخيل أن ثمة مريضاً أمامها وستعمل على علاجه. على إثر ذلك، لمعت «دمعة» في عيني فاتن حمامة، وهنا كانت براعة المصور، الذي التقط لها هذه اللحظة النادرة المفعمة بالإحساس الطفولي البريء، غير أنه لم يستطع أن يخفي دهشته. كيف لطفلة لم تتجاوز الثامنة من عمرها أن تستدعي هذه المشاعر كافة بشكل عفوي، وبهذه الصورة الأقرب إلى الحقيقة؟ فلم تملك الأم سوى أن «تكبر» في وجهه خوفاً من الحسد. وما إن تسلمت الصورة، حتى سارع والدها إلى إيصالها بنفسه إلى إدارة مجلة «المصور» في «مؤسسة دار الهلال» بالقرب من منزلهم القاهري في شارع «إسماعيل أبو جبل». غير أنه وصل قبل غلق المسابقة، ليتمّكن قبل اللحظات الأخيرة من تسجيل بياناتها سريعاً، وهو على يقين بأنها إجراءات شكلية، لأن النتيجة سيعرفها حتماً على صفحات المجلة.

ما إن وصلت الصورة إلى إدارة المجلة حتى أذهلت اللجنة المشرفة على المسابقة، فلم تكن فاتن أجمل طفلة شاركت في المسابقة، بل أصدقهم إحساساً. لذا استقر الرأي على أن تنشر صورتها على غلاف المجلة، ليكون هذا التمييز اعترافاً مسبقاً بأنها الفائزة الأولى، وهو ما تحقق فعلاً، ما كان سبباً في إسعاد الأسرة بأكملها بهذا التميز للطفلة، خصوصاً الأم التي شعرت بالإنصاف للمرة الأولى، وبأن اللجنة لم تظلمها.

هكذا كان نشر الصورة على غلاف مجلة «المصور» كافياً لإسعاد الطفلة وأسرتها، على الأقل في هذه المرحلة المبكرة من عمرها، من دون أن تدري الأسرة ما الذي تخفيه لها الأقدار.

اقرأ أيضا

طلعت حرب والسينما

انطلقت السينما في مصر منذ نهاية القرن التاسع عشر، تحديداً عام 1896، إلا أنها ظلت قاصرة على الأفلام المصرية والأجنبية القصيرة الصامتة، حتى ثورة 1919، ليبدأ بعدها عرض الأفلام الأجنبية الروائية الطويلة الصامتة.

وفي مطلع العشرينيات بدأت السينما تقديم الأفلام الروائية الطويلة «الصامتة» لتؤسس بعدها الفنانة عزيزة أمير، أول مخرجة ومونتيرة ومنتجة وممثلة وموسيقية مصرية، في عام 1926 أول شركة إنتاج لها باسم «إيزيس فيلم»، ثم قدّمت في عام 1927 «ليلى» من بطولتها وإنتاجها، وفي العام التالي أنتجت «زينب». كان الفيلمان صامتين. وشهد العام نفسه تأسيس الفنانة بهيجة حافظ شركة إنتاج «الفنار» لتشهد نهاية العشرينيات نهضة حقيقية نحو صناعة السينما، إذ انضمّ لها أيضاً الأخوان «لاما» وأسسا شركة «كندور فيلم»، ثم «آسيا داغر» بشركة «لوتس فيلم»، لتنتج مصر بين 1927 و1930 11 فيلماً، كان أهمها «تحت ضوء القمر» 1930، وهو أول فيلم مصري ناطق، استُخدم فيه تسجيل الصوت على «أسطوانات» ليصاحب شريط السينما، وهو من تأليف عبد المعطي حجازي وإنتاجه، وإخراج شكري ماضي. شارك في بطولته كل من إنصاف رشدي، وعبد المعطي حجازي، وإيلينا إتزنا، وكنسي فهمي، وفتحي الصافوري... الأمر الذي جعل الاقتصادي المصري الكبير طلعت حرب يفكر في عمل نهضة حقيقية في السينما، إذ آمن بأن تجديد الاقتصاد في مصر لن يتحقّق إلا إذا ازدهرت الثقافة واستنارت العقول بالأفكار الجديدة والثقافة الرفيعة، مؤكداً أن الثقافة والفن ليسا مجرد نوع من المعرفة والتسلية، بل أيضاً يشكلان استثماراً كبيراً. وإيماناً منه بضرورة تدعيم الثقافة والفنون ونشر الوعي، فكّر في تأسيس شركة مصر للتمثيل والسينما.

طلب طلعت حرب من أحمد سالم الإشراف على بناء الأستوديو، بعدما كان سافر إلى إنكلترا لدراسة الهندسة، فدرس هندسة الطيران وعاد إلى مصر عام 1931 وهو يقود طائرته الخاصة التي اشتراها. وبمجرد عودته عيِّن مهندساً لشركات أحمد عبود باشا. ولما كان يملك روحاً متمردة، ويبحث عن التميز والشهرة، فلم يستمر في هذا العمل طويلاً رغم شهادة الجميع له بالنجاح الكبير كمهندس، وانتقل إلى العمل كمدير للقسم العربي بالإذاعة المصرية، ليكون أول من يخرج صوته للمستمع المصري بعبارة: «هنا القاهرة» في عام 1934. وقدّم برامج إذاعية ناجحة عدة. وحين ذهب يوماً لتقديم حفلة أقامها طلعت باشا حرب بمناسبة نجاح «شركات بنك مصر»، أعجب رجل الأعمال بذكاء المذيع الشاب، وطلب منه أن يتفرغ لإنشاء «شركة مصر للتمثيل والسينما» وبناء استوديو كبير يكون مصرياً خالصاً.

فعلاً، قدّم أحمد سالم استقالته وتفرغ لبناء صرح السينما المصرية، فبنى «أستوديو مصر» وتولّى عملية توظيف الفنيين الأجانب والمصريين. وكان الافتتاح في عام 1935، من خلال «شركة مصر للتمثيل والسينما». كذلك قرّر أحمد سالم، بالاتفاق مع طلعت حرب، إرسال بعثات فنية إلى أوروبا لتعليم فنون العمل السينمائي، وهي خطوة قام بها كل من أحمد بدرخان وموريس كساب اللذان درسا الإخراج، وحسن مراد ومحمد عبد العظيم اللذان اختارا التصوير، فيما فضّل مصطفى والي دراسة الصوت، وولي الدين سامح الديكور، ونيازي مصطفى المونتاج.

لم يكن هذا الفكر الثقافي الفني يسيطر على طلعت باشا حرب وحده، بل على كثيرين من المؤمنين به، من محبي الثقافة والفنون أيضاً، من النساء والرجال، وربما كان من أهمهم في تلك الفترة محمد كريم، أحد أبناء حي عابدين بالقاهرة، الذي بدأ عشقه للسينما في العاشرة من عمره، عندما كان يتردّد على دار «أمبير» التي كانت إحدى أوائل دور العرض السينمائي في القاهرة، حيث بهره هذا الفن الجديد الوافد من الخارج، وشدّ انتباهه واهتمامه كثيراً، وملك عليه مشاعره كلها، خصوصاَ بعدما شاهد فيلمي «أسرار نيويورك، وفانتوماس».

تمصير السينما

كبر كريم وكبرت معه هواية التمثيل، فاشترى من مصروفه الخاص كاميرا فوتوغرافية، وحوّل سطح المنزل الذي يسكنه في حارة «الهدارة» بعابدين إلى أستوديو.

وكان شديد الحرص على تقليد الممثلين في الأفلام الأميركية التي يشاهدها، فكان يقف إزاء كاميرته ويصوِّر نفسه في حالات متعددة، بعد أن يضع الماكياج ليتمكّن من التعبير عن الشخصية التي يمثلها. بعدها راح يكتب مقالات عن السينما في الصحف المصرية، وكان تفكيره في الكتابة منصباً على «تمصير السينما»، ولماذا لا توجد صناعة سينما مصرية؟ كذلك ترجم الأخبار الفنية من بعض المجلات السينمائية الأجنبية التي كانت تصله من الخارج ونشرها، إذ كان يراسل أكثر من 15 شركة سينمائية أوروبية، من بينها أستوديو «أوفا» في العاصمة الألمانية برلين.

كريم قرّر لاحقاً السفر إلى ألمانيا، حيث استطاع أن يحصل على دعوة من أستوديو «أوفا» للعمل به في قسم «المونتاج». وخلال 18 شهراً، أصبح أحد مساعدي المخرج الألماني «فريتز لانج»، ما أكسبه خبرة ودراية بفن الإخراج السينمائي، حتى سمع عنه طلعت حرب، في إحدى زياراته إلى برلين، فطلب مقابلته واتفق معه على العودة إلى مصر، لأنه ينوي إنشاء أستوديو للتصوير السينمائي.

عاد محمد كريم إلى مصر، بصحبة زوجته الألمانية التي اختارت لنفسها اسم «نعمة اللّه» بعد إشهار إسلامها. غير أن طلعت حرب لم يكن شرع في بناء الأستوديو، فلجأ كريم إلى صديقه يوسف وهبي للعمل معه، ولأنه يعشق التمثيل وافق على اعتلاء خشبة «مسرح رمسيس» ممثلاً ليؤدي دور ضابط في مسرحية «تحت العلم». وحـاول خلال ذلك إقـنـاع وهبي بإنتاج فيلم سينمائي يخرجه هو.

تردّد يوسف وهبي في هذه الخطوة، فما كان من كريم إلا أن صوّر بعض المناظر الخارجية من مسرحيات صديقه، ودمجها في المسرحية أثناء العرض، فنجحت التجربة الرائدة، من ثم اقتنع وهبي بدخول مجال السينما، ونشأت شركة «رمسيس فيلم»، واتفق معه على إخراج فيلم يكون باكورة إنتاجها.

غير أن يوسف وهبي لم يرد أن يخوض تجربة يغامر خلالها بتاريخه المسرحي، فقرر ألا يشارك في التجربة الأولى والتي اختار لها محمد كريم رواية «زينب» للأديب محمد حسين هيكل، لتكون بـداية العـلاقـة بين الأدب والسينما المصرية. ولما كان شريط الصوت لم يدخل بعد إلى الشريط المصور، فخرج الفيلم صامتاً.

بعدها قادته المصادفة إلى لقاء محمد عبد الوهاب، فاتفق معه على أن يقدما فيلماً سينمائياً، يكون المطرب الشاب بطله. ولم ينته اللقاء إلا بعد أن وضعا الخطوط العريضة للمشروع، وانصرفا على وعد بأن يكون الاجتماع الثاني في بيت كريم في اليوم التالي.

عندما دخل عبد الوهاب منزل كريم، بدا عليه التوتر والقلق، وصافح صديقه وزوجته وهو يغطي يده بمنديل، ما أثار دهشة الزوجين:

= أهلاً وسهلاً شرّفت يا أستاذ.

- مرسي.

= قوللي بقى قبل ما نبدأ تشرب معايا فنجان قهوة.

- لا مرسي.

= طب تحب تاخد شاي.

- لا لا مرسي.

= ما انت لازم تشرب حاجة.

- يا ترى ألاقي عندك كونياك.

= هاهاها... طب يا سيدي ما تقول كده من بدري... يبقى كونياك.

تهلّل كريم عندما طلب عبد الوهاب الكونياك، ولم يندهش، غير أن دهشته الحقيقية بدت عليه هو وزوجته عندما أحضرا «الكونياك» و«الكاسات»، إذ لاحظا أن عبد الوهاب تناول الزجاجة ولم يشرب «الكونياك» بل استخدمه «لغسل يديه»، وبعدها لم يستمر بقاؤه في البيت طويلاً، ليترك الزوجين في دهشة من أمره:

= ده شاب مجنون أكيد!

- مع أنه فنان هايل وصوت وموسيقاه رائعين.

= مش ممكن يكون طبيعياً... مش هاينفع تشتغل معاه يا كريم.

- يا ستي مش طبيعي مش طبيعي... المهم نعمل سينما.

كان اللقاء التالي بينهما في مكتب محمد عبد الوهاب، حيث أزاح المطرب الستار عن التصرفات التي بدرت منه في بيت كريم، مؤكداً أنه أثناء صعوده إلى شقته، سمع جاره وقد «عطس» فانتابه قلق شديد سبّب له هذا التوتر، لدرجة أنه فكر في أن يخرج من البيت فوراً، لكنه تراجع احتراماً لموعده، ما يفسر التصرفات غير اللائقة التي تمت في منزل كريم.

في مكتبه طلب عبد الوهاب من محمد كريم أن يخرج له فيلماً عن قصة حياته الفنية، لكنّه اعتذر إليه بلطف ونصحه بأن من المبكر أن يخطو هذه الخطوة الآن لأن مشواره الفني لا يزال طويلاً، وهو من المؤكد سيمرّ بنجاحات أكبر تستحق أن تسجل في الفيلم الذي ينوي صنعه عن حياته. من ثم، اتفقا على أن يقدما موضوعاً آخر تبلورت فكرته في لقاءات عدة باسم «الوردة البيضاء»، ليكون أول أفلام محمد عبد الوهاب مع محمد كريم، في عام 1932، وكتب له أمير الشعراء أحمد شوقي أغنية «النيل نجاشي»، فيما تولى الشاعر أحمد رامي أغنية «يا وردة الحب الصافي»، وكانت الأغنية الثالثة «جفنه علم الغزل» للشاعر اللبناني بشارة الخوري.

وشارك عبد الوهاب في البطولة كل من محمد عبد القدوس، وسميرة خلوصي، واستمر العرض ستة أسابيع بنجاح فائق، وكان يمكن أن يستمر أكثر من ذلك لولا اعتراض مشيخة الأزهر على مشهد يظهر فيه عبد الوهاب وهو يقبل سميرة خلوصي، ليس اعتراضاً على القبلة، بل على وجود الطربوش في اللقطة، وهو يمثِّل رمزاً مصرياً.

وساوس فنية

بينما كانت الأسرة تلقن طفلتها أصول التنشئة والتربية، سواء على أيدي والديها، أو من خلال معلميها في المدرسة، كان الموسيقار محمد عبدالوهاب اختبر موهبته كممثل في فيلم «الوردة البيضاء»، ثم أكّدها في فيلمي «دموع الحب» 1936، و«يحيا الحب» 1938. وما إن اطمأن على نجاح الأخير، حتى بدأ الاستعداد للفيلم الرابع مع مخرجه المفضل محمد كريم، الذي أخرج له الأفلام الثلاثة السابقة، وراح يكتب قصة الرابع بالاشتراك مع عبدالوارث عسر، واختارا لها مبدئياً عنوان «غرام». لكن لما كان محمد عبد الوهاب مشهوراً «بالوسوسة» وباعتباره المنتج، وميزانية كل فيلم لا تقل عن 25 ألف جنيه، وهو أضخم إنتاج يقدم آنذاك، فأراد أن يستطلع آراء عدد من أصدقائه الكتاب والصحافيين في القصة، قبل التعاقد عليها والشروع في التنفيذ.

حتى يقضي على «وساوسه الفنية» دعا محمد عبد الوهاب ومخرجه محمد كريم، في مكتبه أكثر من عشرة أشخاص ممن يثق في رأيهم وفكرهم، تقدمهم الصحافي الكبير محمد التابعي، ومعه تلميذيه مصطفى وعلي أمين، وسبعة آخرون بين كتّاب وصحافيين ونقاد، راحوا يستمعون إلى محمد كريم وهو يحكي ملخص الأحداث، بادرهم عبد الوهاب بذكائه المعهود:

= الأستاذ عباس علام كتب القصة، والأستاذ كريم والأستاذ عبد الوارث عسر... هما اللي كتبوا الفيلم واختاروا له اسم «غرام» ويهمني جداً أعرف رأيكم في الفيلم والاسم بتاعه.

- رأينا هانقوله... لكن يهمني أنا شخصياً أعرف رأي بطل الفيلم.

= هاهاها... رأيي مؤجل في ظل وجودك انت والأساتذة يا أستاذ تابعي.

- طب اسمع رأي مصطفى وعلي.

ـ أنا شايف أن موضوع الفيلم جديد ومختلف عن اللي قدمته في أفلامك التلاتة اللي فاتت... وكمان الاسم حلو ومناسب للحالة بين البطل والبطلة.

# وأنا من رأي مصطفى.

= عال أوي.. وده رأي بقية الأساتذة. يفضل رأي الأستاذ محمد التابعي!

- أنا رأيي مش هايختلف عن رأي الأساتذة. لكن أنا شايف أنك استخدمت كلمة «الحب» في الفيلمين الأخيرين... وماتفرقش كتير كلمة «الحب» عن كلمة «غرام» كلمتين مختلفتين لكن المعنى واحد.

= وأنا من رأيك يا أستاذ تابعي.

- المفروض أن الحدث الفارق في الفيلم هو لما البطل بيقابل البطلة في الترام... ده بيكون أسعد يوم في حياته وكمان في حياتها.

= فعلا هو يوم سعيد بالنسبة لهم هم الاتنين.

قبل أن ينتهى اللقاء كان الحضور أجمع على أن القصة جيدة، تصلح لتكون فيلماً جديداً ومختلفاً.. واستقر على أن يكون اسمه «يوم سعيد» بدلاً من «غرام».

اكتشاف «أنيسة»

بدأ الاستعداد للفيلم، وراحت الطامحات إلى الشهرة يترددن على مكتب عبد الوهاب، وكان اعتاد هو ومحمد كريم أن يقدما في كل فيلم وجهاً جديداً أو أكثر. بعد أن اكتشفا ثلاث فنانات جديدات، هن بالترتيب، سميرة خلوصي، ونجاة علي، وليلى مراد، راحا يبحثان عن وجه جديد لفيلمهما الرابع، فتسابقت هاويات التمثيل والسينما، من أجل الفوز بهذه الفرصة الكبيرة، إلى جانب أشهر موسيقار في الشرق.

استقر محمد كريم على أدوار الفيلم كافة، فرشّح لمشاركة عبد الوهاب كلاً من عبد الوارث عسر، وعلوية جميل، وفؤاد شفيق، وفردوس محمد، وأحمد علام، والفنانات الشابات إلهام حسين، وبديعة صداقة، وفاطمة محجوب... ليتبقى دور البطلة الأولى التي ستشاركه البطولة، ولا بد من أن تكون وجهاً جديداً، كذلك دور لطفلة المفروض ألا يزيد عمرها عن ثماني سنوات.

وقعت عينا محمد كريم على غلاف العدد الأخير من مجلة «المصور» حيث صورة الطفلة فاتن حمامة بزي الممرضة. ما إن رآها حتى هتف قائلاً: «هي دي أنيسة... البنت دي تنفع تعمل دور أنيسة بشكل مناسب جداً».

اتصل محمد كريم فوراً بمجلة «المصور» وحصل على عنوان أسرة الطفلة، وأرسل إليها فوراً خطاباً يزف البشرى، ويطلب إحضار الطفلة.

لم يصدق أحمد حمامة وزينب هانم أنفسهما وهما يعيدان قراءة رسالة محمد كريم مرة بعد أخرى، وهو يؤكد لهما أن شركة «أفلام محمد عبدالوهاب» وقع اختيارها على ابنتهما لتشارك في أحد أفلام موسيقار الشرق محمد عبد الوهاب.

قبل اللقاء المرتقب الذي حدّده خطاب الشركة لتمثل فاتن إزاء أعضاء لجنة لإجراء اختبار لها، كان لا بد من إعداد الطفلة. تقاسم الوالدان المهمة، فكان على الوالدة الاهتمام بالشكل الخارجي، من ملابس ومظهر، واختيار «الفستان» المناسب، فيما كان على الوالد العمل على الجزء الداخلي أو العقلي، بمعنى مراجعة المعلومات التي من المتوقع أن تسأل فيها اللجنة، وتعليم فاتن كيفية الكلام ومخارج الألفاظ، وإلقاء الأناشيد، وأدب الحديث... متى تتكلم عندما يوجه إليها سؤال، ومتى تصمت لتستمع إلى الكلام؟ فضلاً عن عدد لا بأس به من المعلومات حول معنى السينما والأفلام والتمثيل، مستغلاً في ذلك معرفتها المسبقة بتلك الأفلام التي شاهدتها. من ثم، أصبحت الطفلة جاهزة تماماً لهذا اليوم، الذي اقترب كثيراً، ولم يعد يفصلها عنه سوى ساعات الليل، غير أنها فوجئت بوالدها يعقد لها امتحاناً خاصاً.

البقية في الحلقة المقبلة

فاتن تفوز بالمركز الأول في مسابقة «المصور» لإحساسها الصادق

زوجة محمد كريم تتّهم محمد عبدالوهاب بالجنون بعد زيارته لهما في بيتهما

محمد التابعي يختار اسم «يوم سعيد» بدلاً من «غرام» لفيلم عبدالوهاب الجديد

عينا محمد كريم تقعان على غلاف «المصور» فيهتف: هي دي «أنيسة»
back to top