ترامب يعرب عن فطنته في التعامل مع كيم: هل نستطيع الوثوق به في الشأن الإيراني؟

نشر في 16-05-2018
آخر تحديث 16-05-2018 | 00:08
 ذي إندبندنت كان مخرج العروض العظيم الأخير في البيت الأبيض رونالد ريغان، الذي عمل سابقاً ممثلاً في أفلام هوليوود وحافظ على حسه بالتوقيت الدرامي حتى النهاية، لكن ترامب قد ينجح في مضاهاته، إذا استندنا إلى إخراجه التطور الأخير في التقارب الكوري الشمالي.

قبل ترامب، حاول الرؤساء الأميركيون المتعاقبون الحد من التوتر في شبه الجزيرة الكورية، محققين درجات متفاوتة من النجاح، ولكن لم يشأ أي منهم القيام بالرهان الثلاثي الذي أقدم عليه ترامب: أولاً، الرهان على أن صياح القائد الكوري الشمالي الشاب العدائي يخفي وراءه قدرة أضعف على العمل، ثانياً، الرهان على أن العدائية النووية لم تولد من قوة بل من عدم استقرار، وثالثاً، الرهان على أن ما يسعى إليه كيم في المقام الأول قبوله هو شخصياً وقبول بلده وأنه مستعد لتقديم تنازلات كبيرة لقاء ذلك.

كانت هذه عموماً الحسابات النفسية التي قام بها ترامب، رغم كل أنواع التحذير التي تلقاها من الخبراء والمستشارين، ويبدو حتى اليوم أنه مصيب، فما يسعى إليه كيم يونغ أون هو اللقاء وجهاً لوجه مع الرئيس الأميركي، على غرار ما يحظى به القادة الوطنيون الآخرون عادةً، مع فريق دعمه والمراسم المناسبة وعلمه الوطني، وبمنحه هذا يبدو ترامب مستعداً للمخاطرة بوقار منصبه، بخلاف كل الرؤساء الذين سبقوه.

ستكون سنغافورة مكان هذا اللقاء، ويبدو أن الطرفين اجتازا شوطاً كبيراً في استعداداتهما، ولكن ما زلنا نسمع تلك التحذيرات التحليلية، لكن هذه التحذيرات تخطئ الهدف مما يحدث، فلا تشمل غاية هذا اللقاء التوصل إلى أي بيان أو نتائج محددة، فالمهم أن يحدث هذا اللقاء فعلاً.

ولكن قبل أن نسارع إلى ترشيح ترامب (بفضل بوريس جونسون) لجائزة نوبل للسلام لمساهمته في تخفيف التوتر في شمال شرق آسيا، ثمة مثال آخر لدبلوماسية ترامب تقوم على حدسه، وعلينا أخذه في الاعتبار، علماً أن نتائجه لا تنبئ بالخير على أقل تقدير.

وفي حين كان السجناء السابقون الثلاثة في كوريا الشمالية في طريق العودة إلى الولايات المتحدة، كانت جبهة جديدة تُفتح في الصراع الدائم التبدل في الشرق الأوسط. وبعدما حدت إسرائيل من تدخلها في الحرب السورية حتى اليوم، ها هي تشن ما وُصف بضربات كبيرة على أهداف إيرانية رداً على هجمات صاروخية إيرانية على مرتفعات الجولان.

تلت هذه الغارات سحب ترامب الولايات المتحدة من الصفقة النووية الإيرانية رغم المناشدات الأوروبية الشخصية والعلنية.

كما يُفترض أن يكون العالم قد اكتشف اليوم ميل الرئيس الأميركي الحالي إلى التصرف بخلاف ما يُنصح به أو يُقال له، فيقوم بما يشعر أنه صائب ضمن إطار شعاره "الولايات المتحدة أولاً"، قد يكون حكمه صائباً، فإذا نجح في قراءة كوريا الشمالية بدقة، كما يبدو أنه فعل، فهل علينا أن نثق به مجدداً؟ وهل عمدت مقاربته العالية المخاطر، كما يشير البعض، إلى تقييم إيران، وتوصلت إلى نتيجة أنه من الممكن الاتفاق على تعديلات عدة في الصفقة قد تهدئ المخاوف الأميركية؟

هذا محتمل، وإذا كان ترامب قادراً على الحصول على بعض التنازلات نتمنى له كل التوفيق، لكن خطر إضافة عامل عدم استقرار جديد إلى وضع إقليمي متقلب إلى هذا الحد يُعتبر كبيراً جداً، فإذا عجز الأوروبيون عن إقناع طهران بمواصلة الالتزام بالصفقة لفترة من الزمن، فقد يؤدي رهان ترامب إلى صراع جديد في الشرق الأوسط، كما تنبئ الأعمال العسكرية الأخيرة لإسرائيل وإيران.

لا تقف المسألة عند هذا الحد، فإذا لم يعد نموذج دولة إيرانية راضخة لبيونغ يانغ، بل دولة إيرانية تشعر ألا خيار أمامها سوى استئناف طموحاتها النووية فسيضيع أي احتمال لفوز ترامب بجائزة نوبل للسلام، وقد يكون النجاح في تقديم العروض جزءاً من الاضطلاع بدور الرئيس الأميركي بفاعلية، لكن الحكم الصائب يشكّل أيضاً جزءاً من المعادلة، ولن يكون النجاح في قراءة كوريا الشمالية وحده كافياً.

* ماري دييفسكي

«الإندبندنت»

back to top