«الجنايات»: بطلان أمر إجراء التحريات لعدم تضمنه القبض على الأشخاص

نشر في 08-05-2018
آخر تحديث 08-05-2018 | 00:00
No Image Caption
قضت محكمة الجنايات برئاسة المستشار أحمد الياسين وعضوية القاضيين أكرم الطويل وأحمد الصدي ببراءة ثلاثة متهمين في قضية سرقة بالقوة وإخفاء منقولات، بعدما انتهت الى بطلان التحريات ومخالفتها لقانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية، وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن المتهم الثاني لم يتم استجوابه في تحقيقات النيابة العامة، لأنه متوار عن الأنظار.

وأشارت المحكمة تمهيداً لقضائها إلى أنه من المقرر بنص المادة 39 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية ان «الشرطة هي الجهة الإدارية المكلفة بحفظ النظام ومن الجرائم، وتتولى أن جانب ذلك، طبقا لهذا القانون، المهمات الآتية: أولا- إجراءات التحريات الأزمة لكشف عن الجرائم ومعرفة مرتكبيها وجميع كل من يتعلق بها من معلومات لازمة، وثانيا: تنفيذ أوامر سلطات التحقيق والمحاكمة في كل ما يتعلق بالتحقيقات والمحاكمات، وثالثا: تولي من ثبت له من رجال الشرطة صفة المحقق للتحقيق في الأحوال التي ينص فيها القانون على ذلك).

وأضافت المحكمة أنه بنص المادة 45/1 من ذات القانون أنه «لرجال الشرطة عند قيامهم بالتحريات، ان يستعملوا وسائل البحث والاستقصاء التي لا تضر بالأفراد ولا تقيد حرياتهم، وليس لأحدهم مباشرة إجراءات التحقيق إلا إذا كان له صفة المحقق بموجب القانون»، وبنص المادة 46 من ذات القانون ان «محاضر التحري التي يحررها رجال الشرطة يجب عرضها على النيابة العامة أو محققي وزارة الشرطة بحسب الأحوال للتصرف فيها ومباشرتها، وعلى هؤلاء التأكد من استيفائها ولا يكون لهذه المحاضر حجية في الإثبات امام القضاء».

وتابعت أنه بنص المادة 151/1 من ذات القانون أن «تعتمد المحكمة في اقتناعها على الأدلة المستمدة من التحقيق الذي أجرته في القضية او من التحقيقات السابقة على المحاكمة، ولها الحرية المطلقة في ترجيح دليل على دليل وتكوين اقتناعها حسبما يوحيه إليها ضميرها».

وأوضحت أنه لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق ان المجني عليه قد تقدم بتاريخ 12/5/2017 الى مخفر شرطة القيروان بتعرضه لسرقة مبلغ نقدي ونظارة مملوكين له من داخل مركبته عن طريق تحطيم حرز (بكسر زجاجها) فتم تسجيل بلاغ له بذلك، وأحيل الى النيابة العامة التي باشرت بتاريخ 14-5-2017 التحقيق معه بسؤاله عن الواقعة وظروف ارتكابها.

وذكرت أنه بعد ذلك أصدر وكيل النيابة قراره بطلب تحريات الشرطة عن الواقعة، فأرسلت الشرطة تحرياتها الى النيابة العامة بتاريخ 30-5-2017، والتي انتهت فيها الى عدم التوصل الى شيء يفيد التحقيق، فأصدر وكيل النيابة بتاريخ 30-5-2017 قراره بحفظ التحقيق مؤقتا لعدم معرفة الفاعل مع تكليف الشرطة بموالاة البحث والتحري عنه.

وتابعت «ثم أعيد بتاريخ 4/ 1/ 2018 فتح التحقيق بناء على تحريات الشرطة التي أورد فيها شاهد الإثبات الثاني تحرياته- المشار اليها بشهادته- والتي على أثرها قامت بإلقاء القبض على المتهمين الأول والثالث وعرضهما على النيابة العامة التي باشرت استجوابهما وإحالتهما والمتهم الثاني المتواري عن الأنظار الى المحاكمة الجزائية».

ولفتت الى أنه لما كان المجني عليه على نحو ما سلف بيانه لم يتهم معلوما بارتكاب الواقعة، وكان الأمر الذي أصدره وكيل النيابة بعد سؤال المجني عليه لرجال الشرطة كان مقتصرا على اجراء التحريات «وهي وسائل البحث والاستقصاء التي لا تضر بالأفراد ولا تقيد حرياتهم» عن الواقعة توصلا الى معرفة مرتكبها وجمع كل ما يتعلق بها من معلومات لازمة، وهو امر لا يتضمن قبضا على احد معلوم لأن الفاعل بالأصل مجهول، ومن ثم كان يتعين على القائم بالتحريات ان يعرض محضر تحرياته على وكيل النيابة للتصرف فيه حسب تقديره لما جاء به».

وقالت المحكمة «اما وأن ضابط الواقعة قد تجاوز الاجراءات التي نظمها القانون بإلقاء القبض على المتهمين الأول والثالث دون أمر من سلطة التحقيق او ارتكابهما جريمة مشهودة، حسبما عرفها المشرع بقانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية، ومن ثم يكون إجراؤه باطلا وما ترتب عليه من إجراءات، وإذ خلت الأوراق من دليل على صحة إسناد الاتهام للمتهمين، فإن المحكمة تقضي والحال كذلك ببراءتهم مما أنسد اليهم عملا بنص المادة 172/1 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية».

back to top