الأغلبية الصامتة: بساطة لا طيبة

نشر في 03-05-2018
آخر تحديث 03-05-2018 | 00:09
 إبراهيم المليفي أتفق كثيرا مع من يرفضون مصطلح "زمن الطيبين" رغم ظرفه ووداعته، لأنه يحصر الطيبة في إطار زمني محدد ويقطع وصلها مع الزمن اللاحق الذي لن يكون سوى زمن الأشرار أو "الشريرين" لزوم التناغم مع "الطيبين".

الطيبة موجودة سابقا ولاحقا في بلد الخير، والمصطلح الذي فرض نفسه بقوة هو قناعة الناس فيه، ولا مجال لتغييره واستبداله بشيء آخر، ولكن ما يمكن تغييره ومحاولة نشره في الوعي الجمعي لدى الناس هو المعنى الكامن داخل "زمن الطيبين"، وهو البساطة التي غمرت تفاصيل الحياة– العصرية- التي عشنا الكثير من أيامها، وجعلت من استذكارها شاطئ حنين نهرول إليه كلما ضاقت بنا تعقيدات العصر الرقمي وجفوته السريعة مع المنتج الطازج لأن التحديث الجديد نزل!!

لدى كبار السن في السبعينيات والثمانينيات، كان "زمن الطيبين" عصر السرعة والرزق الهين والمنازل الواسعة والتلفزيون الملون والمطاعم والسفر بالطائرات، وخروج الأبناء في منازل مستقلة عن بيت العائلة الكبير، وكالعادة كان "الشياب" يعتبرون "زمن الطيبين" زمن "عيال هالوقت اللي ما فيهم خير"، وبمعنى آخر ما نستميت اليوم لعودته هو في الحقيقة كان مرفوضا ممن عاشوا جل أيامهم في حياة الفقر والسفر والغوص بحثا عن اللؤلؤ، وهذه المفارقة ليست حدثا نادرا بل هي نمط مكرر ينبع من صميم حياة البشر، كل جيل نفسه الأفضل.

الجديد في "زمن الطيبين" هو تعلق من ولدوا بعده به، وهم ممن لم يلامسوا منه سوى الصور والحكايات، خصوصا مع سهولة استعادة كل المكونات المتعلقة فيه من صور وفيديوهات ومواد إعلامية وفنية، مع كم واضح من التناقض في التهكم على الشكل، واحترام شديد للمضمون المرتبط بالنجاحات المتواصلة للكويت في مختلف المجالات في "زمن الطيبين".

إن الحنين إلى زمن مضى ربما يكون مرتبطا بخيبات الحاضر والعجز عن استعادة روح التحدي، وربما يكون إشعاع وميض للحظات من الوعي العام بأن الزمن الحالي يخلو من الطعم وطغيان الماديات والبطء في التمتع بتذوق أي منتج؛ لأن الجديد سيغزوه بعد أيام بقيادة كلمة "شخباري"، أما البساطة فلي قول مختصر فيها: لو أتيح لجيل زمن الطيبين ما أتيح للجيل الحالي من أدوات عصرية لما فعلوا غير الذي يحصل هذه الأيام.

ختاماً لا بد من الإشارة إلى وجه من وجوه خصوصية "زمن الطيبين"، وهي التعايش الودي بين نمطين رئيسين من أنماط الحياة، هما جيل ما قبل النفط والجيل الذي لحق على آخر الجوع وأول التخمة، ويتجلى ذلك في الروح القديمة التي سكنت البيوت الحديثة، وعمرتها بأفضل العادات والتقاليد، وأولها احترام قيمة العمل والاعتماد على النفس وتقدير الأكبر سناً.

back to top