«العائلات الثرية» لا تزال قوية في الاقتصاد العالمي

نشر في 22-04-2018
آخر تحديث 22-04-2018 | 00:01
No Image Caption
في أوروبا، تمتلك أغنى 10 عائلات في البرتغال قرابة 34٪ من حجم الثروة في البلاد، أما في فرنسا وسويسرا فتصل النسبة إلى 29٪.
تعد العائلات الثرية، التي تتحكم في جزء كبير من الاقتصاد العالمي بمنزلة أحد أهم محددات تحركه خلال مئات الأعوام، إذ تتداخل بما لديها من ثروات وعلاقات ونفوذ في تشكيله وتوجيهه حتى يومنا هذا.

وعلى الرغم من النمو اللافت في بعض الصناعات التكنولوجية المرتبطة لتخلق كيانات اقتصادية عملاقة "مفاجئة" وغير مرتبطة بالعائلات فإن الأخيرة لا تزال تستحوذ على نسبة لافتة من الاقتصاد العالمي.

ويشير تقرير لـ"إيكونومست" إلى أن 90 في المئة من المشاريع في العالم تمتلكها أو تديرها عائلات، وأن ثلث الشركات الأميركية تملكها عائلات و40 في المئة من الشركات الفرنسية والألمانية كذلك.

والملاحظ أن ظاهرة العائلات القوية في الاقتصاد تظهر في بعض البلدان أكثر من غيرها، فعلى سبيل المثال في هونغ كونغ 15 عائلة تتحكم في قرابة 84 في المئة من الناتج المحلي، بينما في ماليزيا تتحكم العائلات في ثلاثة أرباع الناتج المحلي وقرابة النصف في الفلبين.

وفي أوروبا، تمتلك أغنى 10 عائلات في البرتغال قرابة 34 في المئة من حجم الثروة في البلاد، أما في فرنسا وسويسرا فتصل النسبة إلى 29 في المئة.

وفي الصين، فإن 85 في المئة من الشركات مملوكة لعائلات أما في أوروبا فتصل النسبة لـ60 في المئة، ويأتي أكثر من ربع الدخل القومي لإنكلترا من شركات عائلية، بينما تسيطر العائلات على قرابة 80 في المئة من الشركات في الشرق الأوسط.

والملاحظ هنا أن الشركات العائلية نجحت في تفادي ظاهرة تنامي أعداد "العصاميين" الذين يبنون شركاتهم من الصفر (مثل فيسبوك أو مايكروسوفت على سبيل المثال) بل ونجحوا في الوقوف في وجه ظاهرة تنامي أعداد المساهمين في الشركات العامة من خلال البورصات.

وهناك العديد من المزايا التي تتمتع بها الشركات العائلية وتجعلها أكثر استقراراً وقدرة على النمو من الشركات العامة، ولعل أهمها هو قدرة الأولى على رسم سياسات تمتد عقوداً من الزمن دون قلق من رغبة حملة الأسهم في الحصول على عائد سريع.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الشركات العائلية عادة ما تنقل الخبرات بين أجيالها المختلفة بشكل أكثر سلاسة مما هو الحال عليه في الشركات العامة، كما أن إحساس مديري الشركة بأنهم وذووهم ملاكها كثيراً ما يدفعهم للتصرف بمسؤولية أكبر تجاه رأس المال، كما أن الخبرة في مجال العمال تتوارث في العائلة.

وعلى الرغم من أن تلك المزايا للشركات العائلية لكنها لا تخلو من العيوب، لعل أبرزها افتقار بعض الأجيال للخبرة الاقتصادية بما يؤدي لانهيار الشركات، وهو ما يحدث في الولايات المتحدة واليابان في الجيل الثالث وقبل ذلك أحياناً في بعض الدول الأخرى.

ويمكن اعتبار أن هذه هي أهم العائلات المسيطرة على الاقتصاد العالمي منذ سنوات عديدة وحتى يومنا هذا.

عائلة روتشيلد

من أهم العائلات في العالم ولها مساهمة كبيرة في العديد من البنوك حول العالم، دون أن تمتلك بنكاً بشكل كامل، وعلى الرغم من ذلك فكثيراً ما يظهر اسم العائلة أو أحد أفرادها ضمن قوائم فوربس للأكثر ثراء حول العالم.

واعتمد مؤسس العائلة على حيلة لكي تبقى الثروة داخل العائلة بأن أقر حصول الذكور فقط على الميراث، بما جعل نساء العائلة يملن للزواج من ذكورها للحرص على إبقاء الثورة داخل إطار العائلة.

وعلى الرغم من عدم وجود دراسة واضحة تؤكد حجم ثروة العائلة لأكثر من سبب أولها تداخلها الشديد وثانيها الحركية الشديدة التي تتسم لكن أغلب التقارير ترجح أن تتراوح حول مئات المليارات من الدولارات.

عائلة روكفلر

إمبراطور صناعة النفط في القرن التاسع عشر الذي أسس عائلة اقتصادية أصبحت بين الأقوى في العالم.

وصنفت مجلة فوربس -حسب معاييرها ورؤيتها- "ديفيد روكفلر" على أنه كان "أغنى رجل في التاريخ" بثروة تقارب 1.5 في المئة من الناتج المحلي الأميركي عام 1937 وبما يعادل بالأسعار الترجيحية ليومنا هذا 340-400 مليار دولار.

والملاحظ هنا أنه على الرغم من اتهام المحاكم الأميركية لـ"روكفلر" بالاحتكار وقررت تفكيك إمبراطوريته فإن العائلة ما زال لها تأثير أو حتى اليد الطولى في شركات مثل "إكسون موبيل" و"شيفرون" و"بريتيش بتروليوم" وغيرها من شركات النفط التي تعد مجال نفوذ العائلة الأبرز.

وعلى الرغم من تقدير ثروة أحفاد روكفلر مجتمعين بما يزيد قليلاً على 11 مليار دولار، لكن تأثيرهم يفوق كثيراً مجموع تلك الثروة بفضل وجودهم الكثيف في صناعة النفط والسلاح والإعلام في عالمنا المعاصر، فضلاً عن بقاء نسبة كبيرة من ثروتهم طي الكتمان.

عائلة والتون

بثروة تزيد على 150 مليار دولار وتوغل كبير في عدد من الصناعات أبرزها تجارة التجزئة في الولايات المتحدة تبوأت العائلة مكانتها في الاقتصاد العالمي.

والملاحظ هنا أن العائلة تمتلك أكثر من 50 في المئة من أسهم متاجر "وول مارت" لتجارة التجزئة في الولايات المتحدة، وأقرت العائلة استراتيجية متميزة بتفادي العمل في المدن الكبيرة مع التركيز على الضواحي والمدن الصغيرة في المقابل بما جعلها تتجنب المنافسة وتتبوأ مكانة متميزة.

عائلة دو بونت

يسميها البعض بـ"قبيلة دو بونت" حيث يتجاوز عدد أفرادها 3500 لا يعرفون بعضهم بعضاً بشكل شخصي بالطبع، لكن منشأهم واحد في فرنسا، إذ كانت لمؤسس العائلة مساهمة في قطاع البنوك والثروة الصناعية في بدايات القرن التاسع عشر. واللافت هنا أيضاً أن العائلة المنتشرة في الولايات المتحدة وفرنسا لا تتجاوز ثروتها عشرات مليارات الدولارات، لكن عددها الكبير وتوغلها في صناعات عدة مثل البنوك والسلاح والصلب وغيرها جعل تأثيرها ونفوذها ممتداً عبر الولايات المتحدة وأوروبا.

وهناك عائلات أخرى يتداخل فيها المال والنفوذ السياسي بشكل لافت مثل عائلة بوش، ويعتبر الكثير من المتابعين أن مثل تلك العائلات تشكل الوجه القبيح لتدخل العائلات القوية في الاقتصاد والسياسة، حيث كثيراً ما تفسدان كلاهما من أجل "مصلحة العائلة".

back to top