المكسّرات تحمي قلبك... استهلكها قدر المستطاع

نشر في 22-04-2018
آخر تحديث 22-04-2018 | 00:00
No Image Caption
المكسرات وجبة شائعة بالنسبة إلى البشر منذ أقدم العصور. وبينما يتابع العلماء دراسة منافع استهلاكها، بدأت قدراتها على مستوى حماية القلب تتّضح بدرجة إضافية.
تتمتّع المكسرات، رغم صغر حجمها، بمزايا غذائية لافتة على مستوى القلب لاحتوائها على أحماض دهنية غير مشبعة وألياف وبروتينات والفيتامين E، فضلاً عن حمض الفوليك وبعض المعادن كالبوتاسيوم والزنك والمغنيسيوم. كذلك تشمل أنواعاً أخرى من المواد الكيماوية النشيطة بيولوجياً، من بينها الفينولات والفيتوستيرول.

صحيح أن المكسرات صغيرة وباهتة لكنها معقدة من الناحية الكيماوية وتتّسم بمذاق لذيذ من حسن حظنا، وأثبت بعض الدراسات أن النظام الغذائي الذي يشملها يحمي الناس من الوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية.

لا تزال طريقة عمل المكسرات من أجل حماية القلب محطّ جدل، لكن تبرز نظريات في هذا المجال: يظن البعض أن المنافع تتعلّق بقدرتها على تحسين مستويات الدهون في الدم وتقليص مخاطر اكتساب الوزن، بينما يعتبر آخرون أنها ترتبط بمفعولها المضاد للالتهاب.

لكن يتّفق الجميع في المقابل على تراجع خطر الوفاة نتيجة أمراض القلب عند استهلاك المكسرات. مع ذلك، يقلّ عدد العلماء الذين حللوا الرابط بين أنواع محددة من أمراض القلب واستهلاك المكسرات. أي جوانب من أمراض القلب والأوعية الدموية تتأثر فعلياً بتناول المكسرات إذاً؟

تحت المجهر

في الفترة الأخيرة، قرّر فريق من محبّي المكسرات في معهد “كارولينسكا”، ستوكهولم، أن يوضح هذه المسألة الشائكة ويُحلل آثار المكسرات الداخلية. نُشرت النتائج في مجلة “هارت”.

لكن عند تحليل تأثير بعض الأغذية في الشخص العادي، لا بد من مراجعة كميات هائلة من البيانات قبل استخلاص أي استنتاجات.

في هذه الحالة، استعمل فريق البحث بيانات مأخوذة من 61 ألف شخص سويدي تتراوح أعمارهم بين 45 و83 عاماً وكانوا ملؤوا استبيانات حول إيقاعهم الغذائي. خضع كل شخص منهم للمراقبة طوال 17 سنة أو حتى وفاته.

استناداً إلى البيانات المتوافرة، حصل العلماء على لمحة عن الحياة الداخلية لأي شخص عادي يحب المكسرات. مقارنةً بالأشخاص الذين لا يأكلون المكسرات مطلقاً، أشارت الاستبيانات إلى أن الأفراد الذين يتبنون عموماً أسلوب حياة صحياً يكونون أقل ميلاً إلى التدخين وأقل عرضة للبدانة وأكثر اهتماماً بالتحرك واستهلاك الفاكهة والخضراوات.

كذلك، لوحظ أن مستهلكي المكسرات كانوا أقل ميلاً إلى الإصابة بارتفاع ضغط الدم وأكثر ثقافة من غيرهم. تكمن صعوبة استكشاف آثار الأغذية في الناس في هذه النقطة تحديداً: ما الذي يحمي قلوب مستهلكي المكسرات؟ أسلوب الحياة النشيط أم تناول الكاجو من وقت إلى آخر؟ هل الحفاظ على الرشاقة الجسدية والميل إلى استهلاك الخضراوات أهم من عادة أكل المكسرات أم أقل أهمية؟

عند أخذ عاملَي العمر والجنس بعين الاعتبار، برز رابط عام بين أكل المكسرات وبين تراجع مخاطر النوبات القلبية والرجفان الأذيني وقصور القلب وتمدّد الشريان الأورطي البطني.

لكن عند مراعاة متغيرات أخرى، من بينها تفاصيل أسلوب الحياة والحمية الغذائية والتاريخ العائلي ومرض السكري، تلاشى عدد من تلك الروابط من الناحية الإحصائية. لكن رغم تلاشي جزء من التحليلات السابقة، بقي بعض المنافع على مستوى القلب قائماً.

بعد مراقبة مجموعة كبيرة من العوامل الأخرى، سجّل الأشخاص الذين أضافوا المكسرات إلى نظامهم الغذائي تراجعاً في خطر إصابتهم بالرجفان الأذيني الذي يشير إلى تسارع ضربات القلب وعدم انتظامها.

تبيّن أن أكل قبضة من المكسرات، بين مرة وثلاث مرات أسبوعياً، يسهم في تقليص خطر الإصابة بالرجفان الأذيني بنسبة 3% فقط، لكن تزيد تلك النسبة إلى 18% عند استهلاك المكسرات ثلاث مرات وما فوق أسبوعياً.

كذلك، رُصِد رابط بارز بين أكل المكسرات وبين قصور القلب بعد مراقبة عوامل متغيرة في أسلوب الحياة، لكن لم يكن ذلك الرابط متماسكاً بالقدر نفسه.

على صعيد آخر، أثبت الباحثون أن أكل كمية معتدلة من المكسرات يرتبط بتراجع خطر قصور القلب بنسبة 20%. لكنّ ما يثير الغرابة أن الأشخاص الذين أكلوا ما يفوق تلك الكمية المعتدلة لم يستفيدوا من حماية إضافية.

تدخّل بسيط وفاعل

يبقى هذا النوع من الدراسات مبنياً على المراقبة، لذا لا يمكن الاتكال عليه لإقامة روابط سببية جازمة. لكن في هذه الحالة استعمل الباحثون قاعدة بيانات ضخمة وهذا ما يزيد قيمة نتائجهم. مع ذلك، يذكر العلماء أنّ أحداً لا يستطيع تأكيد أن المكسرات أو سلوكيات أخرى ذات صلة هي التي تُحدِث الفرق.

كتب المشرفون على الدراسة: «ربما يؤدي استهلاك المكسرات أو عوامل أخرى مرتبطة بهذا السلوك الغذائي دوراً مؤثراً في تخفيض خطر الإصابة بالرجفان الأذيني أو ربما قصور القلب».

تُضاف هذه النتائج الحديثة إلى الأدلة المتزايدة التي تشير إلى منافع المكسرات على مستوى القلب. يبدو مُعِدّو الدراسة مقتنعين بوجود طريقة بسيطة وغير مكلفة لتحسين الوضع الصحي العام: «بما أن نسبة صغيرة من المشاركين كانت تستهلك كمية معتدلة (نحوا 5%) أو كبيرة (أقل من 2%) من المكسرات، حتى أصغر زيادة في كمية المكسرات المستهلكة قد تتمكن من تقليص حالات الرجفان الأذيني وقصور القلب لدى هذه الفئة من الناس».

بالتالي، إذا كنت تعشق المكاديميا أو تتردد في أكل اللوز، يمكنك أن تتناول بضع قبضات من المكسرات التي تختارها كل أسبوع. سيكون قلبك ممتناً لك على الأرجح!

أكل قبضة من المكسرات بين مرة وثلاث مرات أسبوعياً يساهم في تقليص خطر الرجفان الأذيني
back to top