صناعة التفاهة!‎

نشر في 21-04-2018
آخر تحديث 21-04-2018 | 00:03
 ‏‎وليد توفيق النجادي كنّا في الماضي نجتمع على موعد الغداء، الجميع يحضرون في الوقت المحدد، وإذا تأخر أحد أفراد العائلة نصاب بالهلع ونتراشق الأسئلة وتتراكم الظنون، لأن فلاناً تأخر على غير العادة، حيث لم يكن التواصل عبر الهاتف المتنقل أو وسائل الاتصال المعروفة حالياً متاحاً! وبعدها، يظهر فلان لنعرف أن سبب تأخره كان "بنشر"، ولكن بعد أن نكون قد اتصلنا بجهة عمله والمستشفيات والمخافر بحثا عنه! ‏‎هذا ما كان عليه الزمن الجميل، الزمن البطيء، الذي فيه الوقت اللازم لقضاء كل حاجة، ذاك الزمن الذي لا ترى فيه رؤوساً مطأطئة بسبب الموبايل، بل الكل مشغول بمن معه، والحوار متواصل بين بعضنا حول أحوال الحياة.

نصل إلى يومنا هذا فنرى العجب! لا أريد أن أدخل في تفاصيل أكثر عزيزي القارئ، لأنها على العكس تماما مما كتبته فيما سبق، ولكن اسمح لي أن أتحدث عن تفاهات يسلكها البعض، تاركاً كل القيم الثمينة التي تعلمها من ذاك الزمن الجميل، ولجأ إلى جهل سفهاء ذلك الزمان، الذين لم تكن لديهم تلك الفرص المتاحة أو المساحة الكافية ليمارسوا عاداتهم الدنيئة الخارجة عن كل النصوص الأخلاقية، لأنه كان هناك من يردعهم ومن كان لديه ما يكفي من النخوة ليمنعهم، ومن كانت غيرته لا تسمح له بمثل هذا السلوك، ومن يشمئز من مجرد وصول هذا السلوك إلى مسامعه أو ناظريه. نأتي اليوم ونلوم "الفاشينستات" على سلوكيات تثير اشمئزاز كل شهم وذي خلق من النساء والرجال! لا يا أخي القارئ، بعضنا باع قيمه، واسترخص أخلاقه، وساوم على مبادئه، وإلا، فلماذا اشتهروا إذن! نحن من صنعهن، وساهمنا في شهرتهن إلى أن بلغت حد المساس بتربية أبنائنا فلذات أكبادنا، نحن في خطر! نعم نحن في خطر، إذ إننا لم نترك لأجيالنا وشبابنا شيئا من قيم الزمن الجميل.

أنا لا أعارض استخدام التكنولوجيا ولا وسائل التواصل، ولكنني أبغض طريقة استخدامها من تاجر جشع أو سياسي وصولي يتستر بقضية إنسانية أو وطنية أو دينية، أو من شاب أو فتاة لم تعد القيم الأخلاقية والذوق العام يشكلان لهما أي أهمية إطلاقاً. والسؤال الأهم الآن: من المسؤول؟

back to top