الغـفوة

نشر في 19-04-2018
آخر تحديث 19-04-2018 | 00:08
من غير المنطقي أن تحاول بعض القوى الظلامية بمساعدة الحكومة أن تستورد فكرة أثبتت عدم نجاحها بل عدم رغبة معتنقيها في استمرارها، ومحاولتهم القوية للتخلص منها بأسرع وقت، ونحاول فرضها على الكويت!!
 علي محمود خاجه قبل ست سنوات تقريبا كتبت مقالا بعنوان "لا تسعودوا الكويت"، وكان الدافع حينها هو بعض المحاولات النيابية إلى سن تشريعات وإضفاء تعديلات دستورية تقلص من الحرية وتشجع على الأحادية في محاولة لأن تكون الكويت مشابهة للمملكة العربية السعودية في تعاطيها مع الانفتاح حينها.

وقد ارتكز ذلك المقال على أن لكل دولة طبيعة خاصة، وأن لكل مجتمع طابعا وهوية خاصة لا يصلح فرضها على دولة أخرى قسرا دون مراعاة لطبيعة المجتمعات وتكوينها وشكلها الذي ارتضته منذ القدم.

كان هذا الكلام قبل 6 أعوام حينما كانت الرؤية لدى القيادة السعودية مختلفة عما هي عليه اليوم، فبعد التغييرات التي حدثت في المملكة ظهرت بعض الأمور الخافية عني شخصيا لعدم اطلاعي على التاريخ السعودي المعاصر بشكل جيد قبل الاستماع لسمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي شدد في أكثر من مناسبة على أن المملكة العربية السعودية لم تكن طوال تاريخها بالشكل الذي رأيته أنا شخصيا ورآه الكثيرون منذ نهاية السبعينيات إلى الفترة القريبة الماضية، بل إنها كانت أكثر انفتاحا وحرية قبل أن تحدث "الصحوة" كما سماها سمو الأمير محمد بن سلمان، والتي كان من شأنها تغيير شكل المجتمع السعودي وهويته، وهو الشكل الذي يتضح بأن القيادة في المملكة الشقيقة لا ترغب في استمراره، بل تسعى إلى التخلص منه، وهو ما يتضح جليا في الثورة الاجتماعية المتسارعة في المملكة العربية السعودية، وهو أمر خاص بالمملكة وقيادتها وشعبها بكل تأكيد.

إلا أنني أرى أن هناك محاولات حثيثة ومتسارعة من بعض القوى في الكويت، وقد تكون مدعومة حكوميا أحيانا بأن ينقلوا إلينا ما تسعى المملكة العربية السعودية الشقيقة التخلص منه، وأعني هنا ما يسمى بالصحوة، وإن كنت لا أتفق مع التسمية أبدا، فالأصح تسميتها بالغفوة بل السبات وفرض الرأي الأحادي والتعدي على دستور الدولة القائم المبني أصلا على الحريات من خلال محاولات ناعمة ستشتد بكل تأكيد ما لم تواجه بقوة من المجتمع لضمان عدم الانجراف مع هذا الظلام الذي سيبتلع الجميع.

فمن غير المنطقي أن تحاول بعض القوى الظلامية بمساعدة الحكومة أن تستورد فكرة أثبتت عدم نجاحها بل عدم رغبة معتنقيها في استمرارها، ومحاولتهم القوية للتخلص منها بأسرع وقت، ونحاول فرضها على الكويت!!

الكويت التي لم تكن هذه "الصحوة" المزعومة تصلح لها أصلا في أوج قوتها حتى تصلح لها اليوم عند تلاشيها، ومحاولة صرف الأنظار عن هذا التحرك المريب في الكويت أو تقليل أهميتها أعتبره بلا شك خطأ جسيما سيؤدي حتما إلى تقوية هذا التحرك وتعزيزه، فلتكن المواجهة الفعلية اليوم لأي محاولة لإحياء الغفوة وبكل السبل لضمان عدم حدوثها في مجتمعنا.

back to top