مركز البحوث والدراسات الكويتية.. ذاكرة حية لتاريخ الكويت تزخر بـ 20 مليون وثيقة

نشر في 17-04-2018 | 12:43
آخر تحديث 17-04-2018 | 12:43
مبنى مركز البحوث والدراسات الكويتية
مبنى مركز البحوث والدراسات الكويتية
كشف رئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية الدكتور عبدالله الغنيم أن المركز يحتفظ بنحو عشرين مليون وثيقة رسمية وأهلية يعود بعضها إلى منتصف القرن التاسع عشر وكثير منها يعود إلى النصف الأول من القرن الماضي.

وقال الغنيم في لقاء مع وكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الثلاثاء إن المركز يبذل جهوداً كبيرة في سبيل المحافظة على تلك الوثائق وحمايتها من الآفات المختلفة وتعقيمها وترميم ما يحتاج منها إلى ذلك ثم تصنيفها وإيداعها الحاسب الآلي «لنتمكن من الرجوع إليها بسهولة ويسر مع المحافظة على الأصول وفق الطرق المرعية دولياً المتبعة في المحافظة على الوثائق».

وأضاف أن مركز البحوث والدراسات أنجز تصنيف عدد كبير من وثائق (الهيئة العامة للجنوب العربي) الذي يبلغ نحو مليونين ونصف المليون وثيقة كما أنجز فهرسة أكثر من مليون وثيقة من الوثائق الحكومية والرسمية الأخرى إضافة إلى مجموعة من الوثائق الأهلية ووثائق العدوان العراقي «في إنجاز كبير يجعل من المركز بحق ذاكرة حية لتاريخ الكويت السياسي والاجتماعي والاقتصادي».

الأبرز

وعن أبرز الوثائق التاريخية التي يمتلكها المركز أفاد بأنه «لا يمكن تمييز وثيقة دون أخرى في بيان قيمتها التاريخية فلدى المركز سياسة سار عليها هي أن كل وثيقة لها أهميتها في إطارها الموضوعي والتاريخي ومع ذلك اهتم المركز بالوثائق الأهلية التي أهديت إلى المركز من مجموعة من الأسر الكريمة».

وأوضح أن المركز نشر عدداً من الإصدارات التي تناولت تلك الوثائق مثل الكتب التي تحدثت عن وثائق أسر الخالد والعبدالجليل والنصف وغيرها ومبعث ذلك الاهتمام أن تلك الوثائق التي تكشف للمرة الأولى لجمهور الباحثين تقدم إضافة مهمة للتاريخ السياسي والاجتماعي والاقتصادي لدولة الكويت.

ولفت إلى أن أبرز الكتب التي صدرت أخيراً كتاب (أرشيف المدرسة الخيرية المباركية في وثائق الخالد) الذي تضمن نحو 370 وثيقة اشتملت على كل ما يتعلق بأنشطة المدرسة ومدرسيها وطلابها واستثماراتها منذ نشأتها عام 1912 حتى إنشاء دائرة المعارف عام 1936.

وذكر الغنيم أن تلك الوثائق قدمت مادة غير مسبوقة تتيح للباحثين في شؤون التعليم وتاريخه أن يجددوا البحث في هذا المجال وأن يقيموا نشاط المجتمع المدني في النهوض بالتعليم النظامي في دولة الكويت.

وبين أن تعزيز الانتماء الوطني يقتضي جمع العناصر التي تصب في هذا الاتجاه والتأكيد على قيمة المواطنة ويكمن جزء كبير من ذلك في السياقات التاريخية للبلاد ومعرفة أولئك الذين كان لهم الفضل في استقلال الكويت وتمكين الأمن والاستقرار فيها.

وقال «إننا لو راجعنا إصدارات المركز لوجدنا أن العناصر المشار إليها تم تضمينها بطريق مباشر أو غير مباشر ويتحقق ذلك حينما ينشر المركز سيرة الأمراء والحكام الذين حافظوا على هذه البلاد أو الرجال الذين كان لهم الفضل في تقدمها ورقيها».

موضوعات

وأشار في هذا الصدد أيضاً إلى الموضوعات المختلفة التي عالجتها تلك الإصدارات وقدمت من خلالها صورة للهوية الحضارية والوطنية لهذا البلد الذي قدم كثيراً لأبنائه وكفل لهم مساحة الحرية والرفاه محاطة بسياج من الأمن والاستقرار وهذه المادة المكتوبة هي أساس للمناهج الدراسية وللثقافة العامة وللإعلام المرئي والمسموع والمقروء ما من شأنه تعزيز الانتماء للوطن وتقدير معطياته التاريخية منذ نشأته إلى وقتنا الحاضر.

وعن الدور الكبير للمركز في التعريف بتاريخ الكويت وقضاياها أكد الغنيم أن إصدارات مركز البحوث والدراسات بلغت نحو 350 إصداراً تناولت مختلف الجوانب العلمية المتعلقة بدولة الكويت والتي تعنى خصوصاً بالتعريف بتاريخ الكويت وقضاياها المختلفة.

وقال إن المركز اهتم أيضاً بأن يترجم كثيراً من تلك الكتب إلى مختلف اللغات الحية كالإنكليزية والفرنسية والإسبانية وغيرها وهناك من الكتب ما ترجم إلى نحو ثماني لغات.

ولفت إلى حرص المركز على وصول تلك الكتب إلى أيدي الباحثين والمهتمين في مختلف أنحاء العالم من خلال الصلات التي عقدها مع المراكز المماثلة على المستويين الإقليمي والدولي كذلك مراكز البحث التابعة للجامعات المرموقة فضلاً عن مساهمات المركز في الفعاليات الثقافية والعلمية المختلفة والتعريف من خلالها بمطبوعات المركز ونشاطه في المحافظة على تاريخ الكويت.

وقال إنه في مقدمة تلك الفعاليات تأتي معارض الكتب التي يحرص المركز على المشاركة فيها ومنها على المستوى الإقليمي معارض الرياض والشارقة والكويت والبحرين وعلى المستوى الدولي معارض فرانكفورت وباريس ولندن و«تلمسنا من خلال هذه المعارض مدى الفائدة التي تعود علينا منها إذ يتم التعرف والتواصل مع كل المهتمين بالشأن الكويتي وتقديم مادة علمية صادقة وموثقة عن بلدنا الحبيب الكويت».

إصدارات

وحول البحوث والإصدارات التي يعدها المركز حالياً، أوضح الغنيم «أنه لا يخلو شهر من صدور دراسة أو بحث للمركز وجميع هذه الإصدارات تخضع لتحكيم علمي ومراجعة دقيقة لمضمونها فالمركز من الكيانات العلمية المرموقة».

وقال إن من أبرز إصدارات المركز الأخيرة كتاب (رسائل من الكويت للدكتور بيتر لينهاردت) الذي ترجمه الدكتور طارق فخر الدين ونال هذا الكتاب جائزة الدولة لهذا العام عن أفضل كتاب مترجم عن الكويت وقد صدر الكتاب باللغتين العربية والإنكليزية.

وأضاف «أنه صدر أيضاً كتاب (أسواق الكويت القديمة) الذي أعده علي الرئيس ويعرض فيه عدداً من الصور الفوتوغرافية لأسواق الكويت منذ عام 1916 حتى عام 1966 وتعيد تلك الصور إلى الذاكرة ملامح معالم مدينة الكويت التي اختفى كثير منها بعد التطور العمراني الحديث».

وكشف أنه توجد في المطبعة الآن مجموعة من الكتب على رأسها كتاب (أرشيف المدرسة المباركية) وكتاب (مشروعات السكك الحديدية في الشرق الأوسط في نهاية القرن الـ 19 وأوائل القرن العشرين - وثائق فرنسية) وهو ترجمة لمجموعة المقالات والوثائق الفرنسية المتعلقة بالظروف التي صاحبت مسألة مد سكة حديد برلين - بغداد إلى الكويت وأثر هذا الموضوع في الوضع السياسي للكويت في عهد الشيخ الراحل مبارك الصباح، مشيراً إلى أن النشر «عملية مستمرة واستطعنا بواسطتها تكوين مكتبة كويتية قيمة نعتز بها ونفاخر».

استشراف

وحول إعداد المركز دراسات استشرافية للمستقبل بين الغنيم «أن استشراف المستقبل من القضايا الاستراتيجية الملحة في عالمنا المعاصر الذي بات يموج بالتحديات والمشكلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والبيئية»، مضيفاً «أن الكويت ليست بعيدة عن تلك التطورات التي يمر بها العالم بل إن اعتماد الكويت على مورد اقتصادي رئيسي قابل للنضوب يشكل معضلة كبيرة لا بد من التنبه إليها مبكراً».

وأضاف أنه انطلاقاً من إيمان المركز بأهمية هذا الأمر فقد أصدر عدداً من الدراسات تتناول استشراف مستقبل الكويت ومن أبرزها دراسة (الكويت وتحديات القرن الـ 21.. رؤية استراتيجية استشرافية) كشفت العديد من التحديات المتوقعة وتداعياتها وفي مقدمتها التعامل مع إشكالية احتمال نضوب النفط والغاز الطبيعي في النصف الثاني من القرن الحالي وقضية النمو السكاني الحالي المتزايد بوتيرة متسارعة».

وأشار إلى أن هناك أمراً يقف في مقدمة تداعيات قضية تحقيق الأمن المائي للأجيال القادمة وما يرتبط بها من تداعيات أخرى تمثل تحدياً مهماً جداً وهو توفير الطاقة البديلة المستدامة اللازمة لتشغيل محطات تحلية المياه.

ترميم

وعن دور المركز في ترميم الوثائق والطرق المتبعة في ذلك، أوضح أن ترميم مواد التراث الثقافي وصيانتها وحفظها من أبرز اهتمامات المركز إذ يتم الاعتماد على مختلف الطرق العلمية التي تضمن سلامة هذه المواد وتحد من تلفها أو تدهورها نتيجة لكثرة تداولها واستخدامها أو بسبب تفاعل مكوناتها مع المواد أو الغازات في بيئة الحفظ والتخزين.

وأوضح في هذا الصدد أنه يتم تخزين المواد في أماكن مناسبة ومزودة بأجهزة خاصة لقياس درجات الحرارة ونسبة الرطوبة أما المواد التالفة والمتدهورة فيتم علاجها باستخدام مجموعة من الطرق والمواد العلمية والتقليدية المناسبة التي تضمن إعادتها إلى شكلها الأصلي قدر الإمكان.

وذكر الغنيم أنه وبتبرع كريم من سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وفر المركز جهازاً خاصاً يعمل على تعقيم مواد التراث الثقافي باختلاف أنواعها من الوثائق والصور الفوتوغرافية والسجلات والقطع التراثية الخشبية والمعدنية دون أن يسبب أي تلف لهذه المواد إذ يعمل الجهاز على خفض نسبة الأوكسجين ورفع نسبة غاز النيتروجين داخل غرفة التعقيم مما يؤدي إلى التخلص من كل الحشرات والكائنات الحية الدقيقة وبيوضها.

تاريخ

وأنشئ مركز البحوث والدراسات الكويتية في سبتمبر عام 1992 بمقتضى المرسوم الأميري رقم 178 لعام 1992 الذي نص على أهداف المركز وأبرزها أن يكون المركز مصدراً وطنياً للعلم والمعرفة بتاريخ الكويت وشؤونها السياسية والاجتماعية والتراثية وإعداد البحوث المتعمقة المتصلة بذلك ونشر نتائج هذه البحوث محلياً وخارجياً بمختلف اللغات والإفادة منها علمياً وإعلامياً وحضارياً وتيسيرها للباحثين باستخدام أحدث التقنيات.

وفي سبيل تحقيق ذلك استندت آلية العمل في المركز على إنشاء مكتبة متخصصة يؤمها الآن كثير من الباحثين في مختلف المجالات المتعلقة بالكويت تشتمل على نحو 35 ألف كتاب وجمع الوثائق الرسمية والأهلية والعمل على تعقيمها وترميمها وتضمينها في برنامج متطور للفهرسة والإفادة منها في التأريخ لكل جوانب الحياة في الكويت والمحافظة عليها وقد جمع المركز نحو 20 مليوناً من الوثائق يعمل حالياً على الإفادة منها على النحو المذكور.

ويعمل المركز على إصدار البحوث والدراسات عن الكويت وترجمة عدد منها إلى مختلف اللغات الأجنبية وأصدر حتى الآن أكثر من 350 بحثاً ودراسة عن الكويت ونال كثير منها جوائز الإبداع والتميز في معارض الكتاب التي يشارك فيها داخل الكويت وخارجها.

ويستقبل المركز الزائرين من ضيوف الكويت للاطلاع على أنشطته وأعماله وتزويدهم بإصداراته التي تنال تقديرهم وإعجابهم واستقباله أيضاً أسبوعياً صفوفاً من طلبة مدراس الكويت.

وأصدر المركز (رسالة الكويت) وهي مجلة دورية فصلية صدر منها حتى الآن 61 عدداً قدمت من خلالها مجموعة من البحوث والوثائق التي تنشر لأول مرة عن الكويت.

وشارك المركز في عدد من معارض الكتب العربية والدولية لاسيما معارض الكويت والقاهرة والشارقة والرياض وفرانكفورت وباريس وغير ذلك من معارض مهمة يتم فيها التعريف بدولة الكويت من خلال مطبوعات علمية وموضوعية موثقة.

back to top