الراهب عبد الهادي؟

نشر في 17-04-2018
آخر تحديث 17-04-2018 | 00:09
 يوسف عبدالله العنيزي ليعذرني القارئ العزيز على متابعة الكتابة عن رحلة الحياة الدبلوماسية التي عشتها وعايشتها، ومن خلالها تجولت في أنحاء الدنيا ابتداء من مدينة جدة عروس البحر الأحمر، مرورا بمدينة الرياض العزيزة، وصولاً إلى أرض الإغريق بلاد أفلاطون وأرسطو، والقفز منها إلى تلك الجزيرة الحالمة قبرص بشواطئها الرائعة وجرفها القاري العظيم، ومنها إلى مدينة الجزائر الثائرة، حتى الوصول إلى مدينة نيامي عاصمة جمهورية النيجر في وسط إفريقيا، ثم العودة إلى بلغاريا والبرتغال في أوروبا.

ثم بدأت قفزة واسعة عبر المحيط إلى أميركا الوسطى والجنوبية وجزر الكاريبي والباهاما، ومن الطرف الآخر للأرض عدت إلى بلاد سيف بن ذي يزن، وهو جالس في قصر غمدان لتلقي التهاني بتحرير اليمن من احتلال الأحباش، إنها صنعاء أقدم مدن الأرض، فكما يقال إن سيدنا سام بن سيدنا آدم، عليه السلام، هو من قام ببنائها، ومن اليمن العزيز انتقلت إلى أرض النشامى أردن الكرامة، ومنها إلى بلاد زهور التوليب مملكة هولندا الصديقة، ثم إلى مدينة سراييفو عاصمة جمهورية البوسنك والهرسك.

في الشهر السادس من عام 1997 وصلت إلى مدينة ليما عاصمة البيرو، وعلى بعد أمتار قليلة من شواطئ المحيط الهادئ وقفت أمام ثلة من الحرس الرئاسي التي قامت بعزف السلام الوطني الكويتي، وأخذ بيرق الوطن يرتفع خفاقا في سماء تلك الأصقاع البعيدة في ذلك الركن الجميل من هذا العالم، بعد استعراض حرس الشرف دخلت إلى ذلك القصر الرائع، حيث قمت بتقديم أوراق اعتمادي لفخامة الرئيس ألبرتو فيجوموري.

كان اللقاء فيه الكثير من الود والتقدير للكويت وقيادتها ونظامها، وقد حضر ذلك اللقاء معالي وزير الخارجية الذي كان يستخد م الكرسي المتحرك نتيجة إصابته في حادث احتجاز أعضاء السلك الدبلوماسي وبعض رجال الدولة والذي تعرضت له سفارة اليابان في مدينة ليما، وذلك خلال حفل الاستقبال، وقد استمر الاحتجاز 126 يوما، وقام بالعملية 14 مسلحا، وقد قامت القوات البيرونية باقتحام السفارة وقتل جميع الخاطفين وتخليص الرهائن، وكان من بينهم سفير مصر الذي أقام مشكوراً حفل غداء بمناسبة تعييني سفيراً غير مقيم لدولة الكويت لدى البيرو، وقد تحدث سعادة السفير عن تلك الأيام القاسية، حيث قام الخاطفون بتقسيم المحتجزين إلى مجموعات تم عزلها في غرف وصالات مبنى السفارة اليابانية.

وعودة إلى الراهب عبدالهادي فقد التقيت في حفل الغداء الذي أقامه السفير المصري القائم بالأعمال الليبي الذي حدثني عن الراهب عبدالهادي، والذي كان قد التحق بأحد "الأديرة"، لكنه مع جل تقديره واحترامه كان يشعر بأن إيمانه بالخالق لم يكتمل، لذا قرر التحول إلى الدين اليهودي، وبعد أن حصل على منحة دراسية في الولايات المتحدة تعرف على بعض الأصدقاء المسلمين من ماليزيا وإندونيسيا الذين قاموا بتزويده ببعض النشرات والكتب عن الإسلام، فتحول إلى الدين الإسلامي، وحينها كما يقول شعر بارتياح لما وصل إليه من إيمان بالخالق جلت قدرته، وهو الآن يعمل مؤذناً وخطيباً في مسجد ليما الكبير، علما أن أعداد المسلمين في جمهورية البيرو ليست كبيرة، ولكن دورهم مؤثر في المجتمع الذي يتميز بالتسامح والمشاركة في الأعياد الدينية بين كل الطوائف، وقد اتفقت مع الأخ الكريم القائم بالأعمال الليبي للالتقاء بالراهب عبد الهادي، ولكن الأسفار لم تترك لي تلك الفرصة الرائعة.

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

مأساة

كما يقال قام النظام السوري باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد الشعب السوري مما أدى إلى مقتل عشرات المدنيين بين نساء وأطفال، فقامت أميركا وبريطانيا وفرنسا باستخدام الصواريخ العابرة للقارات والطائرات الحربية الحديثة بالهجوم على مواقع عسكرية سورية مما أدى لمقتل أعداد لم يتم تحديدها من السوريين، وتدمير البنية التحتية في سورية، متوعدة بالرد على أي هجوم يقوم به النظام ضد شعبه، وكالعادة انقسمت الساحة العربية بين مؤيد للهجمات الأميركية الغربية ومعارض، وأصوات خنقها الألم، وتساؤلات مؤلمة: كم ثمن هذه الضربة؟ ومن يقوم بزرع الأحقاد بيننا؟ ولمصلحة من؟ وهل تدمير سورية حماية للشعب السوري أم حماية لإسرائيل؟ إنها حقا مأساة.

back to top