ضربات أميركية وبريطانية وفرنسية تستهدف شلّ قدرة دمشق على استخدام «الكيماوي»

• صواريخ «كروز» و«توماهوك» تدمر مراكز بحثية وقواعد ومقار للحرس الجمهوري بالعاصمة ومحيطها و«ستورم شادو» تتكفل بمواقع في حمص
• ترامب يعلن إنجاز المهمة ويهاجم موسكو • ماكرون يلوّح بضربة جديدة ويحيي العملية السياسية
• ماي: الهجوم صائب وقانوني • الأسد: سأسحق الإرهاب
• ترحيب أوروبي وأطلسي بالعملية العسكرية الثلاثية... وإسرائيل تؤكد إعادة رسم الخطوط الحمر للنظام وحليفته إيران
• بوتين: الغرب أظهر ازدراءً وقحاً للمنظمة الدولية

نشر في 15-04-2018
آخر تحديث 15-04-2018 | 00:05
في عملية استهدفت شل قدرة دمشق على استخدام السلاح الكيماوي مستقبلاً، شنت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا فجر أمس ضربات عسكرية على أهداف للنظام السوري رداً على هجومه على مدينة دوما السبت الماضي.
وفي الوقت الذي كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعلن من البيت الأبيض أن العملية جارية، ترددت أصوات انفجارات متتالية في العاصمة السورية ومحيطها لنحو 45 دقيقة.
وجّهت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، أمس، ضربات عسكرية لأهداف عسكرية في دمشق ومحيطها، رداً على الهجوم بالسلاح الكيماوي الذي نفذته قوات الرئيس السوري بشار الأسد السبت الماضي في مدينة دوما بالغوطة الشرقية.

وفي خطاب توجه به إلى الأمة من البيت الأبيض، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب: "أمرت القوات المسلحة بتنفيذ ضربات محددة على أهداف مرتبطة بقدرات الدكتاتور السوري بشار الأسد في مجال الأسلحة الكيماوية"، موضحاً أن العملية مشتركة بين الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.

وندد ترامب بدعم موسكو للنظام السوري بطريقة قاسية للغاية، معتبرا أن "هجوم الأسد الكيماوي والرد اليوم هما نتيجة مباشرة لفشل روسيا في الوفاء بوعودها"، في إشارة إلى اتفاق حول تفكيك الترسانة الكيماوية السورية في عام 2013 بين سلفه باراك أوباما والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وشدد ترامب على أنه "يمكن الحكم على دول العالم من خلال أصدقائها. ولا يمكن لأي دولة أن تنجح على المدى الطويل من خلال تشجيع الطغاة والمستبدين القتلة"، مضيفاً: "يجب على روسيا أن تقرر ما إذا كانت ستستمر في هذه الطريق الشريرة، أم أنها ستنضم إلى الأمم المتحضرة كقوة للاستقرار والسلام".

وكتب ترامب، عبر موقع "تويتر"، "ضربة منفذة بشكل مثالي، شكرا لفرنسا والمملكة المتحدة على حكمتهما وقوة جيشيهما"، مضيفاً: "ما كان من الممكن تحقيق نتيجة أفضل. أُنجزت المهمة".

رد بوتين

وعلى الفور، أصدر بوتين، الذي اعتبر سفيره لدى واشنطن أناتولي أنتونوف الضربات إهانه له، بياناً دان فيه بأقصى درجات الحزم الهجوم على سورية، حيث يساعد عسكريون روس الحكومة الشرعية في مكافحة الارهاب"، معلناً عن دعوة لاجتماع عاجل لمجلس الأمن للبحث في "الأعمال العدوانية للولايات المتحدة وحلفائها".

واعتبر بوتين أن الغربيين أظهروا "ازدراء وقحاً" لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية التي بدأت أمس تحقيقها في مدينة دوما، بتنفيذهم "عملية عسكرية من دون انتظار نتائج التحقيق"، مشيراً إلى أن خبراءه "حضروا لمكان الحادث الخيالي، ولم يجدوا أي أثر لاستخدام الكلور أو أي مادة سامة أخرى. ولم يؤكد أي من السكان المحليين الهجوم".

ضربات دقيقة

وبهدف تجنب تصعيد عسكري خطير وعواقب لا يمكن التنبؤ بها بين القوتين العظميين، مع تدهور العلاقات، جاءت العملية العسكرية محدودة، وحرصت القوى الغربية على عدم المس بالقوات الروسية الموجودة في سورية إلى جانب قوات النظام.

وبعد أكثر من ساعة على خطاب ترامب، أعلن رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة جو دانفورد أنه تم تحديد "هذه الأهداف بدقة، بغرض التقليل من خطر تورط القوات الروسية"، مشيراً إلى عدم تحذير موسكو مسبقا بالأهداف المختارة.

وأوضح دانفورد أن القوات الأميركية والفرنسية والبريطانية قصفت ثلاثة أهداف تتعلق ببرنامج الأسلحة الكيماوية، أحدها قرب دمشق والاثنان الآخران في حمص بوسط سورية.

من جهته، قال وزير الدفاع جيم ماتيس الذي كان موجودا في مقر "البنتاغون" إلى جانب دانفورد، إن "الأماكن المستهدفة على وجه التحديد أضعفت قدرات الجيش السوري على إنتاج أسلحة كيماوية، ولم تكن هناك محاولة لتوسيع عدد الأهداف".

وفي إشارة إلى ضرب قاعدة الشعيرات في أبريل الماضي، قال ماتيس: "من الواضح أن نظام الأسد لم يتلق الرسالة العام الماضي"، مضيفا: "هذه المرة، استخدمنا ضعفي الأسلحة وضربنا مع حلفائنا بشكل أقوى. ووجهنا رسالة واضحة إلى الأسد ومعاونيه: يجب ألا يرتكبوا هجوما آخر بالأسلحة الكيماوية لأنهم سيحاسبون".

مقاتلات بريطانية

وأعلنت وزارة الدفاع البريطانية مشاركة 4 مقاتلات "تورنيدو جي آر 4 إس" في العملية العسكرية، موضحة أنها انطلقت من قاعدة أكروتيري بقبرص، وأطلقت عددا من صواريخ "ستورم شادو" على أهداف قريبة من مدينة حمص تشمل قاعدة عسكرية استخدمها النظام لتخزين أسلحة كيماوية.

وأشارت الوزارة إلى نجاح العملية وتمكن الصواريخ بإحداث أكبر تدمير ممكن للمخزونات الكيمياوية دون منع تسرب المواد السامة، مبينة أن تقييم النتائج لا يزال جاريا لكل الأهداف.

وإذ أكد الجيش الروسي عدم وجود أي قصف قرب قواعده في حميميم وطرطوس، أشار إلى أن الدول الغربية الثلاث "أطلقت أكثر من مئة صاروخ عابر وجو أرض، بعضها من طراز كروز وتوماهوك من البحر والجو على أهداف سورية عسكرية ومدنية"، موضحا أن الدفاعات الجوية نجحت في اعتراض 71 منها.

ووفق رئيس إدارة العمليات بهيئة الأركان سيرغي رودسكوي فإن الولايات المتحدة وبريطانيا استخدمتا كذلك قنابل مسيرة من نوع "جي بي يو 38-، وطائرات من نوع بي1-بي، وإف 16، وإف 15، وصواريخ جو- أرض، وطائرات "تورنادو" البريطانية و8 صواريخ "سكالب إي جي".

وأفاد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، بأن "قصف التحالف الغربي استهدف مراكز البحوث العلمية وقواعد عسكرية عدة ومقار للحرس الجمهوري والفرقة الرابعة في دمشق ومحيطها"، إضافة إلى مطار ومركز بحوث المزة وجمرايا ومصياف، مشيرا إلى أن هذه المواقع كانت خالية تماماً إلا من بضع عناصر حراسة، جراء تدابير احترازية اتخذها الجيش السوري مسبقاً.

واكتفى التلفزيون الرسمي بالإشارة إلى "استهداف مركز البحوث العلمية في برزة بشمال شرق دمشق وتصدي "الدفاعات الجوية لنحو 13 صاروخاً بمنطقة الكسوة في ريف دمشق".

وفي بيان متلفز، أعلنت قيادة الجيش السوري أن "العدوان الثلاثي الغادر" شمل إطلاق 110 صواريخ باتجاه دمشق وخارجها، وأن منظومة الدفاع الجوي تصدت لها وأسقطت معظمها، في حين تمكن بعضها من إحداث أضرار مادية بأحد مباني مركز البحوث في برزة، وأصيب ثلاثة في تحريف مسار صواريخ استهدفت موقعا عسكريا بالقرب من حمص.

لا بديل للقوة

واعتبرت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي أنه "لم يكن هناك بديل عن استخدام القوة لمنع النظام السوري من استخدام الأسلحة الكيماوية"، مضيفة: "بحثنا في كل الوسائل الدبلوماسية، لكن جهودنا تم إحباطها باستمرار"، وتم اتخاذ القرار بالتدخل العسكري من أجل "حماية الاشخاص الأبرياء في سورية".

واتهمت ماي النظام بأنه لجأ الى استخدام الاسلحة الكيماوية ضد "شعبه" بـ "أبشع وأفظع طريقة"، مشيرة الى معلومات من المخابرات ومصادر متاحة للجميع تؤكد مسؤولية النظام عن هجوم دوما يوم السبت الماضي.

وفي باريس، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن الضربات "اقتصرت على قدرات النظام في إنتاج واستخدام الأسلحة الكيماوية وعدم التساهل مع الاعتياد عليها"، مبيناً أن "الوقائع ومسؤولية النظام ليسا موضع شك" بشأن مقتل "عشرات الرجال والنساء والأطفال" في دوما.

وقال: "الخط الأحمر الذي حددته فرنسا في مايو 2017 تم تجاوزه. لذلك أمرتُ القوات المسلحة بالتدخل هذه الليلة في إطار عملية دولية تجري بتحالف مع الولايات المتحدة وبريطانيا وتستهدف الترسانة الكيماوية السرية للنظام السوري".

وبعد ذلك، نشر ماكرون على "تويتر" صورة له وهو يترأس اجتماعاً في "الإليزيه" مع وزيرة الدفاع فلورانس بارلي وأبرز مستشاريه الدبلوماسيين والعسكريين.

ولاحقاً، أكد وزير الخارجية جان إيف لودريان تدمير جزء كبير من ترسانة الأسد، محذراً من "تدخل عسكري آخر" في حال وقوع هجوم كيماوي جديد، ومعلناً رغبة فرنسا في "العمل منذ الآن من أجل استئناف" العملية السياسية بهدف التوصل الى خطة لإنهاء الازمة".

صمود الأسد

وبعد ساعات من الضربة، نشرت الرئاسة السورية على حسابها بتطبيق "تليغرام" تسجيل فيديو يظهر الأسد يرتدي بذلة وربطة عنق ويحمل حقيبة أوراق ويسير في مدخل رخامي لأحد المباني، مرفقاً بتعليق يقول: "صباح الصمود".

وخلال اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الإيراني وأبرز حلفائه حسن روحاني، اعتبر الأسد أن ضربات الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ستزيد تصميمه على "محاربة وسحق الإرهاب"، مؤكداً أن "العدوان جاء نتيجة لمعرفة القوى الغربية الاستعمارية الداعمة للإرهاب بأنها فقدت السيطرة، وفي الوقت نفسه شعورها بأنها فقدت مصداقيتها أمام شعوبها وأمام العالم".

روحاني وخامنئي

وأبلغ روحاني الأسد بأن إيران تقف إلى جانبه، محذراً من أن ضربه سيؤدي إلى مزيد من الدمار في الشرق الأوسط، وأن الأميركييين يريدون تبرير وجودهم في المنطقة بمثل هذا الهجمات.

وقبله، ندد المرشد الأعلى آيه الله علي خامنئي، أثناء استقباله كبار القادة السياسيين والعسكريين في طهران، بشدة، بالضربات، ووصف ترامب وماكرون وماي بـ "المجرمين"، مؤكداً أنهم "سبق أن وجدوا في العراق وسورية وأفغانستان، وارتكبوا مثل هذا النوع من الجرائم، ولم يحققوا أي مكاسب ولن يحصلوا على شيء".

وإذ حمل مساعد قائد الحرس الثوري للشؤون السياسية يد الله جواني الولايات المتحدة كلفة تداعيات الضربات وتعقيد الموقف، شدد وزير الدفاع حسين دهقان على أن "الشعب السوري سيرد بالتأكيد على تلك الهجمات، وعلى شعوب العالم أن تدين هذا الاعتداء".

وذكرت وزارة الخارجية أن "الولایات المتحدة وحلفاءها شنوا هجوما دون أی حجة دامغة. وهم المسؤولون وحدهم عن التداعیات والنتائج الإقلیمیة والدولیة لهذه المغامرة"، مبينة أن "إیران، بناء علی المعاییر الدینیة والقانونیة والأخلاقیة الملتزمة بها، تعارض استخدام السلاح الكیماوی وترفض بشدة توظیف هذه الذریعة للاعتداء علی بلد مستقل ذي سیادة".

ضبط النفس

وبينما دعت الأمم المتحدة كل الدول الاعضاء الى "ضبط النفس"، صدرت مواقف مؤيدة للضربات الغربية من إسرائيل التي اعتبرتها "مبررة، وتركيا التي وصفتها بـ "الرد المناسب"، وكندا، والاتحاد الاوروبي، وحلف شمال الاطلسي، وألمانيا.

واعتبر الوزير البارز في حكومة الإسرائيلية يوآف جالانت أن الضربة "إشارة مهمة" لإيران وسورية وجماعة "حزب الله" اللبنانية، مبينا أنها ‬فرضت خطا أحمر على الأسد فيما يتعلق باستخدام "الكيماوي".

خامنئي: قادة واشنطن وباريس ولندن مجرمون ولن يجنوا شيئاً
back to top