الهوية الاقتصادية الوطنية

نشر في 13-04-2018
آخر تحديث 13-04-2018 | 00:08
 أ. د. فيصل الشريفي فهمي للأداء الحكومي والبرلماني يدور حول أمرين: الأول تحسين جودة الخدمات والمساواة المجتمعية كحرية التعبير وحرية العبادة باعتبارهما قواعد أساسية نحو تحقيق مفهوم الرفاهية، والثاني تكوين وجه اقتصادي يساهم في استمرارية القدرة الاقتصادية للدولة بعيداً عن المخاطر المتوقعة لتقلبات أسعار النفط وتحول العالم عنه خلال السنوات القليلة القادمة.

انصراف عمل مؤسسات الدولة التنفيذية والرقابية والتشريعية نحو تحقيق الرفاهية والعدالة الاجتماعية (حرية العبادة وإبداء الرأي) وتحسين جودة الخدمات التعليمية والصحية وتوفير السكن المناسب، وتحديث شبكة المواصلات الجماعية والفردية، وتحويل أنظمة المعاملات الورقية إلى إلكترونية، أمور تتطلب أن يسايرها وعلى الخط نفسه وضع خريطة طريق لكيفية إدارة الموارد البشرية والمالية من خلال صناعة الهوية الاقتصادية.

هناك مفهوم أطلقه كارجليو أيت أل من جامعة أمستردام 2011 حول تعريف المدينة الذكية (بأنها "ذكية" عندما تساهم الاستثمارات في تدعيم رأس المال البشري والاجتماعي والبنية الأساسية لوسائل النقل الحديثة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛ للوصول إلى التنمية الاقتصادية المستدامة من خلال إيجاد نوعية راقية من الحياة بواسطة الإدارة الحكيمة للموارد الطبيعية، والتزام الإدارة القائمة على العمل الجماعي).

هذا التعريف أضاف له الاتحاد الأوروبي مفردة الصناعة، والمواطن بتفاعل مشترك مع القطاع الاقتصادي يعتمد على الابتكار كي تتسق فكرة الاقتصاد الذكي، ويكتمل مفهومها باعتماد الخطوات التالية: الجاذبية والمنافسة، والإنتاجية، وتنمية روح الابتكار، وزيادة الأعمال.

منذ اكتشاف النفط والكويت تعتمد بشكل كلي عليه كمدخول أحادي تدور عليه رحى الرفاهية دون أن تضع في اعتبارها تنشيط المحركات الاقتصادية الأخرى رغم ما صاحب سوق النفط من تقلبات في الأسعار أجبرت الدولة على الاقتراض أكثر من مرة، ناهيك عما هو متوقع خلال السنوات القليلة القادمة من تحول وعزوف عن النفط قد يصيب الاقتصاد الوطني في مقتل.

ما زال هناك الكثير من متطلبات الاقتصاد الذكي بعيدة المنال لتحديد هوية الكويت الاقتصادية رغم كل ما طرح وسيطرح من مشاريع، وذلك لأسباب كثيرة وجوهرية وفي مقدمتها غياب خطط التنمية البشرية ومؤسسات التعليم عنها، وقد يكون الطريق في بدايته، فالقصور واضح أيضاً بالخدمات الإدارية، حيث مازالت الوزارات والمؤسسات الحكومية تعمل بالنظام التقليدي، ومازالت شبكات النقل الجماعي غير فاعلة.

الحديث عن وجود أكثر من 200 ألف وظيفة ستوفرها مشاريع تطوير الجزر ومشاريع التنمية يتطلب توضيحا، بمعنى هل ستكون هذه الوظائف متاحة للشباب الكويتيين؟ وما نوع تلك الوظائف؟

الهوية الوطنية الاقتصادية كانت حاضرة قبل اكتشاف النفط، حيث اشتهرت دولة الكويت بالتجارة البينية وصيد اللؤلؤ، فقامت على إثرها صناعة السفن، وبعد اكتشاف النفط تغيرت الهوية حتى أصبحت الكويت تعرف بالبترول، واليوم ونحن على أعتاب هوية اقتصادية جديدة، فإننا نأمل أن يضعها المشرع محل التنفيذ، بحيث نرى المشاريع القادمة وبرامج التنمية البشرية تدور في فلك الاستثمار المالي والتجاري والصناعي لتحويل الكويت إلى مركز مالي واقتصادي.

ودمتم سالمين.

back to top