«جايينكم»

نشر في 06-04-2018
آخر تحديث 06-04-2018 | 00:04
 فواز يعقوب الكندري الإيمان المطلق واليقين التّام بالفكرة والمبدأ يصنعان منك إنساناً محترماً يقتحم الدواوين برأسٍ مرفوع، وإن أغلقوا في وجهك باب حقوقك لاختلافك معهم، ويخلقان منك جسداً شامخاً يتصدّر التّجمعات بثيابٍ بيضاء نظيفة، وتناظر من حولك بابتسامة عطف على حالهم، فهذا يرفع صوت ضحكاته على نكتة "معزبه" السّمجة، وآخر يحمل أكياس الجمعيّة لسيّده، وهناك من يتطرّف المجلس منتظراً عطف الباشا بأن ينهي معاملته.

أوجع المتنفذّين صوتُ الشّباب العالي الذي صدح في وقتٍ مضى مطالباً بحرّيته وكرامته في وطنه، اللتين قدّمهما على احتياجاته، فقابلت ذلك مافيا المصالح بالاستهزاء، وأنّهما مجرّد شعارات؛ لأنّهم يدركون تماماً معنى أن تعود هذه الرّوح في المجتمع، فاستُخدمت حينها كل الأسلحة حتّى المُحرّمة إنسانياً، وفُتحت السجون، وهاجر الشّباب الذين صدرت بحقّهم الأحكام، وتوقّفت بعثات دراسيّة، فتخندق حينها أغلب الرّموز السياسيّة المعارضة، وباتوا ينظرون إلى الطّائرة وهي تقصف الحناجر التي ظلّت في الميدان تطالب بحقوقها.

لأنّنا غير مؤمنين بفكرة، وقدّمنا الحماس على الوعي، وسلّمنا قضيّتنا لمجموعة محامين مرتزقة، يريدون أن يكونوا هم محور القضيّة، والنّاس تطوف من حولهم، ولا يريدون أن تكون الفكرة هي محورنا ويدور الجميع حولها حتّى نصل إليها، ولأن حبّ الذّات طغى، والنفوس الدّنيئة ارتضت الرشوة، عمّت هنا الفوضى، ورحل بعض الأنقياء "كبش فداء". عُدنا حينها إلى الدّائرة الأولى: معاملة علاج بالخارج، وانتداب ونقل ميداني وفرعيّات، عُدنا إلى سطوة المتنفذّين وارتضينا أن نمنحهم رقابنا حتى يتكرموا علينا دون أن ندرك معنى "ولسوف يعطيك ربّك فترضى".

يقول لي أبي دائماً: "العاقل من يتعلّم من أخطائه، والحكيم من يتعلّم من أخطاء غيره"، ولأنّي شاب أشعر أنّ عقلي لا يُخطئ، كنت دائماً أصرّ على أنّنا سنتمكّن من تحقيق أحلامنا في أن نعيش في وطن جميل، ليس مثالياً لكنّه مهذّبٌ نوعاً ما، ومازلت مؤمناً ومتيقناً من ذلك، إلا أنّ الجيل الذي سيصل إلى ذلك يجب أن يتعلّم من أخطاء من سبقه في الميادين، فلا يقدّم مرتزقاً يقبل سيارة ليبيع قضيّته، ولا يمنح سياسياً شرف القيادة إن كان يحبّ ذاته ويبحث عن شهرة على حساب وطنه، والأهم من ذلك أن يؤمن بفكرة ويعيشها ليقنع بها مجتمعه.

"أمّي الغالية.. شنو غدانا؟!".

back to top