تعيين بولتون يبرز تخبط سياسة ترامب الخارجية

نشر في 31-03-2018
آخر تحديث 31-03-2018 | 00:02
حرب العراق في سنة 2003
حرب العراق في سنة 2003
مع القدر الضئيل من صبر ترامب إزاء المعاهدات والمنظمات الدولية فإن اختياره جون بولتون لمنصب مستشار الأمن القومي الأميركي ليحل محل الجنرال أتش آر ماكماستر كان منطقياً تماماً.
بالنسبة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يدعو إلى تطبيق سياسة «أميركا أولاً» مع قدر ضئيل من الصبر إزاء المعاهدات والمنظمات الدولية كان اختيار جون بولتون لمنصب مستشار الأمن القومي الأميركي منطقياً تماماً، فقد قال بولتون الذي كان يشغل منصب سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة إن بلاده يمكن أن تخسر 10 روايات من دون أن يلاحظ أحد ذلك، كما دعا إلى تمزيق اتفاق إيران النووي مع الغرب.

وبالنسبة الى ترامب الذي حمل خلال حملته الانتخابية في عام 2016 بشدة على مؤيدي حرب العراق والعمليات العسكرية الأخرى في دول الشرق الأوسط كان اختيار بولتون يمثل خطوة مماثلة، فقد كان من أشد أنصار جورج دبليو بوش في غزوه للعراق في سنة 2003– وهو قرار لا يزال يدافع عنه حتى يومنا هذا– كما أنه أيد في السنوات الأخيرة القيام بعمليات عسكرية تهدف الى تغيير الأنظمة في إيران وسورية وليبيا.

خبراء السياسة الخارجية في الحزبين الجمهوري والديمقراطي من المقربين من الدبلوماسي السابق المعروف بأنه من الصقور والذي اختاره دونالد ترامب أخيراً ليحل محل مستشار الأمن القومي الأميركي الجنرال أتش آر ماكماستر يقولون إن وجهة نظر بولتون إزاء السياسة الدولية تقوم على «العمل العسكري أولاً» كما هي الحال في الدعوة الى «أميركا أولاً».

زيادة الارتباك

وتبرز النتيجة حالة الارتباك في وجهة نظر الرئيس الأميركي إزاء السياسة الخارجية، وما إذا كان الرئيس نفسه يعرف ماذا يعني استخدام القوة العسكرية الأميركية في القضايا الدولية.

وحسب لورين ديجونغ شولمان التي عملت كمساعدة رفيعة لمستشارة الأمن القومي لدى الرئيس باراك أوبامام سوزان رايس فإن «ترامب يقول إنه يريد فريقاً يتفق معه في وجهة نظره ولكن كيف يتطابق هذا مع اختياره لبولتون لمنصب مستشار الأمن القومي؟».

ويقول لاري داياموند وهو زميل رفيع لدى مؤسسة هوفر في جامعة ستانفورد وسبق أن خدم مستشارا للحكومة الأميركية في العراق في عهد جورج دبليو بوش «إنه اختيار غريب من جانب شخص يقول إنه يعارض شن حرب ضد العراق».

وقال ترامب في الرابع من شهر مارس الجاري إن «غزو العراق كان أسوأ قرار تم اتخاذه على الإطلاق»، وفي حديث الى شبكة فوكس نيوز بعد ثلاثة أيام قال بولتون إن «الحياة كثيرة التعقيد في الشرق الأوسط».

وسبق أن تعهد دونالد ترامب إبان حملته الانتخابية في سنة 2016 بأن «تتوقف الولايات المتحدة عن السعي الى اطاحة الأنظمة الأجنبية»، وفي شهر يناير كتب بولتون يقول إن «سياسة بلاده يجب أن تهدف الى إنهاء الثورة الإسلامية في إيران قبل ذكراها السنوية الأربعين».

وحتى مع تقرير صدر عن شبكة «سي إن إن» يقول إن ترامب طلب من بولتون وعداً بعدم بدء أي حروب فإن خبراء في الحزب الديمقراطي والسياسة الخارجية يقولون إن بولتون قد يقنع الرئيس بضرورة اللجوء الى العمل العسكري في حالات معينة.

وقال جاك ريد وهو رئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي في بيان له إنه يخشى من أن يشكل ترامب وبولتون «ثنائياً متفجراً».

ويذكر أن ترامب وبعد أشهر فقط من تنصيبه أمر بصورة غير متوقعة بتوجيه ضربة بصواريخ كروز ضد موقع عسكري سوري.

ويقول المدافعون عن ترامب إن المخاوف من أن يكون داعية حرب مبالغ فيها ويستشهدون على ذلك بدراسته في كلية الحقوق في جامعة ييل، كما أن إريك أيدلمان الذي خدم وكيلا لوزراة الدفاع في إدارة بوش وعمل عن كثب مع بولتون يقول إنه لا يعتقد أن بولتون ليس متطرفاً بالقدر الذي يبدو عليه في أغلب الأحيان، ويضيف في حديث الى بوليتيكو إن بولتون يقول أشياء عبر فوكس نيوز تبعد كثيراً عن تفكيره الحقيقي.

خلافات رئيسة حول العراق

وعلى الرغم من وجود خلافات رئيسة حول العراق وسياسة الولايات المتحدة المتعلقة بتغيير الأنظمة الخارجية فإن ترامب وبولتون يقدران نأي واشنطن عن الدخول في قضايا خارجية مهمة الى حد كبير، وفي مقالة نشرت حديثاً جادل بولتون في الأسباب التي تخول الولايات المتحدة القيام بتوجيه ضربة استباقية الى كوريا الشمالية.

وقد حذر ترامب كوريا الشمالية بأنه على استعداد لتدميرها بصورة كاملة كما أن مستشاريه درسوا إمكانية توجيه ضربة أولية من أجل منع بيونغ يانغ من امتلاك وتطوير قدرات صاروخية قادرة على توجيه ضربة نووية الى الولايات المتحدة.

وفي مقالة نشرتها له صحيفة وول ستريت جورنال في شهر يناير الماضي دعا بولتون الى إلغاء الاتفاق النووي مع إيران الذي تم التوصل اليه في عام 2015، كما أن ترامب وصف ذلك الاتفاق بأنه «الأسوأ على الإطلاق»، وغضب من جهود مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية ريكس تيلرسون التي هدفت الى إقناعه بالحفاظ عليه.

وعندما يتعلق الأمر بروسيا يردد بولتون اتهامات أطلقها ترامب وتقول إن مسؤولي ادارة أوباما حاولوا اضفاء سمة محددة تفيد بأن الرئيس الأميركي الحالي هو أداة في يد الكرملين، ويذهب بولتن الى القول إن قرصنة البريد الإلكتروني للديمقراطيين قد تمثل «عملية زائفة» قامت بها إدارة أوباما.

ولكن فيما أظهر ترامب رغبة في التودد الى روسيا فقد صور بولتون الرئيس بوتين على شكل خطر وتهديد لا يمكن الوثوق به، كما أعلن في شهر يوليو من عام 2017 أن بوتين كذب على ترامب في اجتماع بينهما عندما نفى تدخل حكومة موسكو في انتخابات الرئاسة الأميركية الأخيرة، قائلاً إن ذلك التصرف يمثل «أحد أعمال الحرب وإن واشنطن لن تغفره مطلقا».

دروس مستقاة

وأضاف بولتون أن ذلك يجب أن يمثل درساً حول صفات بوتين إزاء ترامب وبمثابة «إنذار يعكس مدى نزاهة بوتين سواء بالنسبة الى التدخل في الانتخابات الأميركية أو الانتشار النووي أو الحد من التسلح أو الشرق الأوسط».

في غضون ذلك أبلغ ترامب الصحافيين أنه اتصل مع بوتين لتهنئته على فوزه في انتخابات الرئاسه التي اعتبرت على نطاق واسع غير ديمقراطية، وأضاف أنه يأمل في الاجتماع مع يوتين عما قريب لبحث طائفة من القضايا بما في ذلك الحد من التسلح والشرق الأوسط.

مايكل كراولي وبرايان بندر– بوليتيكو

خبراء السياسة الخارجية في الحزبين الجمهوري والديمقراطي يقولون إن وجهة نظر بولتون إزاء السياسة الدولية تقوم على «العمل العسكري أولاً»

في يناير الماضي دعا بولتون الى إلغاء الاتفاق النووي مع إيران الذي تم التوصل إليه في عام 2015
back to top