ديوان حقوق الإنسان وديوانية الفريج

نشر في 26-03-2018
آخر تحديث 26-03-2018 | 00:25
 أ.د. غانم النجار فجأة، ومن دون مقدمات، ثار جدل عجيب غريب حول دستورية القانون 67/ 2015 ، الذي ينشئ جسماً جديداً في الدولة أطلق عليه، لسبب غير معروف، اسم "الديوان الوطني لحقوق الإنسان"، وهو قانون صدر قبل نحو ثلاث سنوات، وأماتته الحكومة سريرياً، مع سبق الإصرار والترصد، فتحول إلى غرفة الإنعاش أو وضع في أحد رفوف "الكبت" الشهير.

أن يصدر قانون منذ 3 سنوات دون تنفيذ، ودون محاسبة الحكومة على عدم تنفيذه، فهي المسألة التي تستحق الإثارة. ولست هنا لأناقش السبب أو النوايا وراء إثارة الجدل بعد مضي 3 سنوات من صدور القانون، فالجدل لم يكن في موضوع القانون وأهدافه، بل كان حول موضوع شكلي وهو: هل موافقة مجلس الأمة على ترشيحات الحكومة تتناقض مع الدستور أم لا؟

وهي مسألة قابلة للجدل الدستوري وليست محسومة على أقل تقدير، فالمجلس هنا لا يعيّن، ولكن يوافق على ترشيحات الحكومة. عدا ذلك سيبقى الإشراف تابعاً لمجلس الوزراء، كما جاء في القانون.

كان من الأفضل أن تتم إحالة القانون إلى المحكمة الدستورية للنظر فيه وفي مدى دستوريته، بدلاً من الجزم بذلك من قبل سياسيين في البرلمان.

وحسب مبادئ باريس الواردة في مبررات القانون، ليس مهماً جهة التعيين، لكن الأهم هو الاختصاصات والصلاحيات. وهذا ما لا يطوله التعديل المقترح، ولذا من المفترض أن يعاد القانون إلى اللجنة التشريعية وتخليصه من المثالب، وإلا فإنه سيضاف إلى الديكور القانوني، كما سيضاف إلى الجنايات التشريعية التي يرتكبها نواب الأمة عن قصد أو عن غير قصد.

قبل فترة قصيرة، اشتكى عدد من القضاة على قانون هيئة مكافحة الفساد، انطلاقاً من أن تقديم القضاة لذممهم المالية للهيئة يعد من قبيل تداخل السلطات وهيمنة السلطة التنفيذية، إلا أن المحكمة الدستورية حكمت في نوفمبر الماضي بعكس ذلك، ملزمة القضاة بتقديم ذممهم المالية.

فليس كل ما يقال عنه دستوري، أو خلاف ذلك يصبح واقع الحال، والمفترض اللجوء إلى المحكمة الدستورية لا الخضوع لآراء سياسية، تفرح لها الحكومة وتدعمها.

على المنوال نفسه هناك إشكالية جديدة، حيث خول قانون تعارض المصالح، الذي تم سلقه بسرعة، الحكومةَ بإصدار لائحة السلوك، وهي لائحة سيتم تطبيقها على نواب مجلس الأمة والقضاة، فهل هذا الأمر دستوري؟ وهل هو تداخل بين السلطات؟

الإشكالية مع قانون هيئة حقوق الإنسان أنه غير مرغوب فيه من السلطة ومن يسيرون في نهجها، والدليل على ذلك هو صدوره منذ قرابة 3 سنوات دون تنفيذ.

فالقانون كان ميتاً سريرياً، وتم إحياؤه مجدداً. ولذلك حكاية سنرويها في سلسلة مقالات، كما سنوضح فيها كيفية تعديل القانون ليحقق الهدف المرجو، وهو مزيد من التركيز على كرامة البشر لا أهواء السياسيين... وللحديث بقية.

back to top