شوشرة: أمل «البدون»

نشر في 17-03-2018
آخر تحديث 17-03-2018 | 00:10
 د. مبارك العبدالهادي ما أجمل أن تعيد الأمل إلى أجساد بشر فارقوا الحياة وهم على قيدها بعد أن سئموا كل شيء وملوا الوعود وفقدوا الثقة بعلاج قضيتهم التي تصعب على كل من يفكر للحظة في أحوالهم ومعاناتهم وظروفهم القاسية. عودة الأمل إليهم بإقرار قانون يكونون شركاء فيه، وهو انضمام البدون إلى الجيش، رغم الضوابط المحددة، تعد خطوة تصحيحية نحو معالجة فاعلة لقضيتهم وتأمين عنصر أساسي لمواجهتهم أمواج الحياة التي تعصف بهم بين شواطئ الألم، وهي الوظيفة التي تؤمِّن لهم نهاية كل شهر راتباً يكون بمثابة السعادة الكاملة لأسرة تقطن في جحر تكالبت على نوافذه الرمال المتراكمة والمتحركة في آن واحد.

الأمل لا يزال معلقاً ويرسم معه أحلام ارتداء "بذلة" هناك من استعد لتحيتها والاصطفاف تحت العلم رافعاً رأسه إليه، وهو يقسم: "أقسم بالله العظيم أن أكون وفياً لدولة الكويت، أميناً على حقوقها، مخلصاً لأميرها المفدى".

ما أجمل ترديد هذا القسم... يقولها بحسرة وألم وأمنية لا تزال معلقة... كم تمنيت أن أكون عسكريا وخادما لوطني الكويت... هذه الكلمات التي خرجت من "أبومريم"، وهو أحد أفراد أبناء البدون، هي دلالة واضحة على إخلاص وحب أبناء البدون لهذا الوطن، لأنه وطنهم وليس لهم وطن غيره. أبناء البدون الذين يعلقون آمالهم على النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الأحمد للسماح لهم بالالتحاق بالخدمة العسكرية، أعربوا عن سعادتهم لما قام به وزير الدفاع من خطوة صادقة في حلحلة قضيتهم بالتعاون مع النواب الذين تبنوا هذا القانون رغم أن جهودهم في حل هذا الملف لا تزال قاصرة ومكانك راوح.

إن الانتماء إلى وطن لا تحدده ورقة بالنسبة لأبناء البدون كما يؤكدون، لأن حب الكويت ولد وعاش ويعيش معهم في كل لحظة، وهذا الأمر الذي لا يعيه بعض من حملوا لواء "ولد بطنها" الذين يسعون لتفكيك المجتمع الكويتي بأفكارهم المسمومة وتصنيف أبناء الشعب الكويتي على مزاجهم، ولا يزالون يرددون عبارة هذا بدوي وهذا حضري وهذا سني، وهذا شيعي، وغيرها من التصنيفات التي تحتاج إلى تدخل طبي من المختصين في علمي النفس والاجتماع لعلاجهم من عش الدبابير الذي اعتادوا العيش فيه والاختباء خلفه.

إن حب الوطن الذي ترعرع في نفوس أبناء البدون لم يأت بالفرض أو من أجل حفنة من الدنانير، بل بالانتماء إليه، والدليل على ذلك كم من البدون هاجروا وحصلوا على الجنسيات الأوروبية أو العربية ثم عادوا إلى الكويت للعيش فيها، وكم من أبناء البدون ما إن تلتقيهم في الخارج ويعرف أنك كويتي حتى تجده أمامك وهو يقول لك "هلا بريحة الأهل... كم مشتاقين حق ديرتنا الكويت"، هذا الأمر لم يعرفه بعض المتكالبين على قضية البدون الذين يعلمون جيدا كم من الظلم قد وقع على بعض الأبرياء من هذه الفئة، ولست هنا في هذا المقال أكتب لتسجيل موقف أو بطولة بحق هؤلاء الأشقاء بقدر ما أريد التعريف بمدى ألمهم ومعاناتهم اليومية التي يجهلها الذين لا يزالون يكابرون في مواقفهم.

أن قول كلمة الحق في هذه القضية هو من الشجاعة التي يفتقدها بعض من يكررون المثل "أنا ومن بعدي الطوفان".

إن الكويت بلد الخير والإنسانية، لا يساوم أحد من أبناء البدون على حبها والإخلاص لها، لأنها موطنهم، ومن عليه علامات الاستفهام كما قلناها سابقا فالجهات المختصة تعرفه جيدا وتعلم من هو وما انتماءاته الحقيقية.

البدون ينتظرون الإعلان عن انضمامهم إلى الجيش الكويتي لخدمة بلد الإنسانية والدفاع عنها والتضحية من أجلها.

آخر الكلام:

لمن سألني عن "السلوقي وأبو جغيرة" في مقالي السابق، فالجواب التفتوا يميناً وشمالاً وستجدونهما حولكم.

back to top