هل ستندلع حرب تجارية عالمية بعد إطلاق ترامب النار؟

نشر في 05-03-2018
آخر تحديث 05-03-2018 | 00:03
No Image Caption
طغت الأجندة الاقتصادية لدونالد ترامب عندما تسلم زعامة البيت الأبيض قبل عام ونيف، على أجندته السياسية، وقد بدأ –وإن تأخر بعض الشيء- بتنفيذ ما وعد به.

ولن نستطيع إنكار التأثير الإيجابي على «المؤشرات» الاقتصادية كارتفاع أسواق الأسهم، ونمو الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة خلق فرص العمل، وازدياد ثقة المستهلكين، لاسيما بعد إقرار التخفيضات الضريبة.

هذا بالنسبة للداخل الأميركي، أما العلاقة مع الدول الأخرى «الصديقة والعدوة» فاتسمت بطابع الحرب والتهديد: إعادة التفاوض باتفاقية «النافتا» التجارية، والانسحاب من الشراكة للتجارة مع المحيط الهادئ، وفرض ضرائب على واردات الألواح الشمسية، ثم الأدوات المنزلية «الغسالات»، وآخرها إعلانه قبل أيام النية بفرض تعرفة جمركية قياسية تصل إلى 25 في المئة على واردات الصلب، و10 في المئة على واردات بلاده من الألمنيوم.

فهل ضغط الزناد لبدء حرب تجارية قد تغير من شكل الاقتصاد العالمي؟ ولا ننسى أن حرب العملات لم تنتهِ بعد.

الجدير بالذكر أن المنتصر «حتى الآن» في حرب العملات هو الولايات المتحدة التي استطاعت، رغم رفعها للفائدة، تخفيض عملتها أمام جميع العملات تقريبا لتدعم تنافسية صادراتها!

هل كسبت أميركا من فرض تعرفة على واردات الصلب؟

تاريخياً، خسر الاقتصاد الأميركي 200 ألف وظيفة، ونحو 4 مليارات دولار من الرواتب والأجور خلال فترة 18 شهرا بين عامي 2002 و2003، عندما فرض جورج بوش الابن تعرفة على واردات الصلب إلى أميركا!

هذا الأمر طبيعي، فبحسب بيانات عام 2015 فإن صناعة الصلب الأميركية، التي ستستفيد من فرض التعرفة، توظف 140 ألف عامل، بينما مستهلكو الصلب في أميركا، الذين سيتضررون من ارتفاع سعره، والذين يشملون صناع السيارات وغيرهم، يوظفون 5 ملايين عامل، أي أن عدد العمال المتضررين يفوق 35 ضعفا عدد المستفيدين، فما الذي يريده ترامب بالضبط إذاً؟

يقول ترامب: «سنفرض تعرفة على واردات الصلب لحماية أمننا القومي»، لكن المحللين يردون: «معظم وارداتنا من الصلب تأتي من حليفنا الدائم كندا! بالإضافة إلى أن صناعتنا العسكرية تستهلك 3 في المئة فقط من إنتاج الصلب!».

ماذا لو قام الآخرون بالرد؟

ما دمنا نقتبس من كلام ترامب، لنستشهد بجملته الأخيرة قبل إعلانه نية فرض التعرفة: «الناس ليس لديهم فكرة عن مدى السوء الذي يعامل به الآخرون بلدنا»، وهو يقصد إغراق السوق بالواردات، لكنه نسي أن يذكر أين تذهب الصادرات الأميركية وماذا تفعل بالدول الأخرى، كذلك نسي قواعد منظمة التجارة العالمية التي تشمل أميركا في عضويتها.

ويجب ألا ننسى حق الآخرين بالرد، وقد صدر الرد فعلا من رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر: «لن نقف مكتوفي الأيدي بينما تُضرب صناعتنا بتعرفة غير عادلة ستضع الآلاف من عمالنا في خطر. الاتحاد الأوروبي سيرد بقوة وبالمثل لحماية مصالحه».

ولكن ماذا يستطيع «الآخرون» أن يفعلوا؟ يستطيعون فعل الكثير: تعرفة على واردات الاتحاد الأوروبي من الحمضيات من ولاية فلوريدا، وواردات التبغ من ولاية كنتاكي، والأقمشة من كارولينا الشمالية، ومنتجات الحليب من ويسكونسن.

من جهتها، قال دبلوماسي صيني رفيع المستوى امس، إن الصين لا تريد حرباً تجارية مع الولايات المتحدة، لكنها ستدافع عن مصالحها.

وقال نائب وزير الخارجية الصيني تشانغ يه سوي خلال مؤتمر صحافي قبل الاجتماع السنوي للبرلمان الصيني، الذي يبدأ هذا الأسبوع، إن «المفاوضات وتبادل فتح الأسواق أفصل السبل لتسوية الخلافات التجارية».

وأضاف تشانغ، وهو أيضاً المتحدث باسم البرلمان وسفير سابق لدى الولايات المتحدة: «الصين لا تريد أن تخوض حرباً تجارية مع الولايات المتحدة، لكن لن نقف مكتوفي الأيدي، بينما نرى مصالح الصين تتقوض».

كذلك تستطيع الهند الرد بفرض تعرفة لحماية القمح والأرز الهندي من المنافسة الأميركية.

ففرض التعرفة الحمائية قد يحمي صناعة ما، لكن يجب النظر إلى التأثير على كامل الاقتصاد ويؤجل الأخذ في الحسبان إجراءات الرد التي قد تؤدي إلى اندلاع حرب تجارية قد يكون الخاسر الأكبر فيها هو «المستهلك».

back to top