انتخابات العراق... حلفاء إيران يتنافسون على الجمهور السُّني لأول مرة

العبادي وعلاوي والنجيفي مقابل «الحشد»... والمدينة تواجه العشيرة

نشر في 03-03-2018
آخر تحديث 03-03-2018 | 00:11
No Image Caption
يفترض الخبراء والمطلعون أن نتائج الانتخابات العراقية المقررة منتصف مايو المقبل، محسومة بنسبة تفوق 70% في محافظات الجنوب الشيعي والشمال الكردي، إذ هناك استقرار كبير وقوى بأوزان معروفة لا تتنافس إلا على ثلث الناخبين المترددين، إلا أن اتجاهات الناخبين في المدن السنية الرئيسية مثل الأنبار ونينوى غير محسومة النتائج، لأنها خرجت من صدمات عديدة بعد اجتياح «داعش» لها قبل ثلاثة أعوام، ثم تحريرها بحرب مكلفة خلّفت ملايين النازحين والمدن المدمرة، وأحدثت شرخاً كبيراً بين الجمهور السني والتحالفات السياسية التقليدية التي مثلته في البرلمان طوال سنوات.

وإذا كانت انتخابات المدن السنية من أصعب التجارب على مستوى البلاد سياسياً ولوجستياً أيضاً، فإنها تعد أهم انتخابات في العراق لجهة تحديدها مستقبل الإدارة في مرحلة ما بعد «داعش» بنحو يمنع أو يكرر تلك الأخطاء التي شجعت التمرد المسلح في الماضي، وسط تحذيرات من أن أي تكرار للأسلوب السابق في الإدارة يمكن أن ينتج جيلاً جديداً من المتطرفين أخطر من «داعش».

ولعل أكثر العوامل غرابة في انتخابات المناطق السنية أن حلفاء طهران يدخلون، للمرة الأولى، في التنافس بقوة على الناخب السني، فرغم أن رئيس الحكومة السابق نوري المالكي حاول دعم مرشحين سُنة سابقاً، وتحالف معهم بأقوى أساليب الترغيب والترهيب، فإن حضور الجناح العراقي المقرب إلى طهران لم يكن قوياً في انتخابات نينوى والأنبار كما هو اليوم، بحسب كثير من الساسة في تلك المناطق، الذين يقولون، إن إيران دخلت مدنهم عبر معارك التحرير من قبضة «داعش»، حين شجعت ومولت مشاريع تأسيس ميليشيات سنية «الحشد العشائري» في أرياف المحافظتين، تحول مسلحوها وقادتها اليوم إلى مرشحين في الانتخابات مع قوائم الميليشيات الشيعية التي تخوض مواجهة ليست بالضعيفة مع حكومة حيدر العبادي، في محاولة من الأخير لصناعة توازن بين دور إيران وحضور الشركاء في المحيطين العربي والدولي كواشنطن ودول الخليج وتركيا بشكل خاص.

وتتنوع مبررات التفاؤل والتشاؤم بشأن حجم الفرصة الإيرانية في بناء نفوذ داخل انتخابات نينوى والأنبار خصوصاً، فالقلق من نجاح الميليشيات في تحقيق خرق انتخابي يأتي من عوامل الصراع بين المدينة والريف، حيث استثمرت إيران في العشائر وساعدت على تسليحها ومنحها دوراً في ملف الأمن والمال، بينما بقيت المراكز الحضرية لا تحظى بالاهتمام الكافي، والأخطر هو أن أهل المدن في العراق لا يُقبلون بحماسة على المشاركة في التصويت، بينما يتحمس أهل الأرياف للمشاركة ودعم ممثلي عشائرهم وقواهم الاجتماعية، مما يمثل فرصة كبيرة لحلفاء إيران.

أما المتفائلون الذين يقللون من حظوظ الميليشيات في الاقتراع السني المقبل، فيستندون إلى حضور شخصيات ذات شعبية مدنية واضحة، ولا سيما قوائم حيدر العبادي الموصوف بالاعتدال، وأياد علاوي رئيس الحكومة الأسبق، وهو شيعي علماني معروف بشعبيته في الوسط السني، ويمتلك نفوذاً واضحاً حتى في ريف نينوى الغربي، وأيضاً قائمة آل النجيفي ذات الجذور التاريخية في الموصل وتأثيرها في الأنبار، عبر أسامة النجيفي نائب رئيس الجمهورية الحالي، وعدد من وزراء العبادي الموصليين الذين نجحوا في بناء سمعة جيدة، يضاف إلى ذلك دور جديد للشباب يمثل سابقة في انتخابات المناطق السنية، حيث انتعشت هذه الشريحة للمرة الأولى، وسمح لها بالاستقرار الأمني الذي لم يُتَح هناك بالمستوى الحالي منذ سقوط صدام حسين، ويتوقع أن تؤدي دوراً في ترجيح كفة التيارات المعتدلة في المواجهة بين مشروع الدولة وقوة القبائل التي تحاول طهران اختراقها واستثمارها.

back to top