الكويت تنتصر للغوطة... والعالم يصطف لتطبيق مشروعها

• صباح الخالد: إجماع مجلس الأمن على هدنة سورية مقدمة لحل سياسي وفق «جنيف 1» والقرارات الدولية
• موسكو راضية عن صيغة القرار وتطلب الضغط على الفصائل وستتصدى بحزم لمحاولات نسف التسوية
• طهران تعلن التزامها ودمشق بوقف إطلاق النار... و«تشاغب» بإعلان استمرار العمليات في ضواحي العاصمة

نشر في 26-02-2018
آخر تحديث 26-02-2018 | 00:04
سوري يسير وسط مبان دمرتها غارات النظام على دوما أمس (أ ف ب)
سوري يسير وسط مبان دمرتها غارات النظام على دوما أمس (أ ف ب)
عشية احتفالات العيد الوطني، حققت دبلوماسية الكويت إنجازاً إنسانياً كبيراً، بانتزاعها موافقة مجلس الأمن بالإجماع على مشروعها المشترك مع السويد لفرض هدنة إنسانية في سورية مدة 30 يوماً، في خطوة رحبت بها معظم دول العالم، واصطفت خلفها من أجل وضع حد لمعاناة آلاف السوريين الذين يعيشون أوضاعاً قاسية، خصوصاً في غوطة دمشق، التي تشهد جحيماً أسفر عن مقتل أكثر من 520 مدنياً، بينهم عشرات الأطفال خلال الأيام الماضية.
بعد مشاورات ماراثونية، سجل فيها مجلس الأمن فشلا في إقرار المشروع المقترح، عكفت البعثة الكويتية في الأمم المتحدة بتوجيهات نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد، وقيادة رئيس المجلس لشهر فبراير، والمندوب الدائم السفير منصور العتيبي، على العمل بالتنسيق مع السويد والدول الشقيقة والصديقة للتوصل إلى اتفاق على نص جديد حمل رقم 2401، ويتضمن دعوة لوقف إطلاق النار يجنب السوريين المآسي والأهوال، ويضع حداً لأسبوع يعد من بين الأكثر دموية في منطقة الغوطة منذ بدء النزاع في 2011.

واعتمد مجلس الأمن بالإجماع مشروع قرار قدمته الكويت والسويد يطلب وقف إطلاق نار بسورية «في أسرع وقت» لمدة شهر لإفساح المجال أمام وصول المساعدات الإنسانية.

ويطالب النص الكويتي - السويدي، الذي عُدل عدة مرات، «كل الأطراف بوقف الأعمال الحربية في أسرع وقت لمدة 30 يوما متتالية على الأقل في جميع أنحاء سورية، من أجل هدنة إنسانية دائمة»، بهدف «إفساح المجال أمام إيصال المساعدات الإنسانية بشكل منتظم وإجلاء طبي للمرضى والمصابين بجروح بالغة».

ويعلن المشروع بكل وضوح إنهاء الحصار على المناطق في كافة الأنحاء، ومن بينها الغوطة الشرقية واليرموك والفوعة وكفريا، ووقف العمليات العسكرية والانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي ولقانون حقوق الإنسان.

ارتياح كويتي

وفي بيان لوزارة الخارجية، أعرب الخالد عن بالغ ارتياح دولة الكويت لتبني مجلس الأمن، بالإجماع، مشروع القرار رقم 2401، معبرا عن شكره وتقديره للدول الأعضاء على تفاعلهم وتجاوبهم، مما يعكس صورة واضحة لوحدة المجلس، وحرصه على الالتزام بميثاق الأمم المتحدة، والعمل على وضع حد للمعاناة الإنسانية التي يعيشها الشعب السوري من جراء التصعيد الخطير الذي تشهده منطقة الغوطة الشرقية.

وأشار الى أن دولة الكويت، التزاما بمسؤولياتها العربية والإسلامية والأخلاقية، واصلت على مدى أسبوعين مع مملكة السويد الصديقة مناقشات شاقة وطويلة مع أعضاء مجلس الأمن، وخاصة الدول دائمة العضوية، لترجو أن يكون تبني مجلس الأمن لهذا القرار مقدمة للوصول الى الحل السياسي المنشود للصراع الدائر هناك وفق مرجعية «جنيف 1» وقرارات الشرعية الدولية، بما يضع حدا للمعاناة المريرة التي يكابدها أبناء الشعب السوري على مدى السنوات السبع الماضية.

‏واختتم الخالد تصريحه بأن ما تحقق من نجاح للدبلوماسية الكويتية، ‏الذي يتزامن مع احتفالاته بالأعياد الوطنية، جاء بتوجيهات سامية من سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الذي أرسى دعائم الدبلوماسية الكويتية، وواصل رعايته السامية لها.

جهود شاقة

وفي وقت سابق، أوضح السفير العتيبي، الذي قاد جهودا دبلوماسية حثيثة على مدار أسبوعين لضمان التوصل إلى صيغة توافقية قبل التصويت، أن هدف القرار رقم 2401 المقدم من الكويت والسويد وقف الأعمال العدائية والسماح بالدخول الفوري للمساعدات الإنسانية إلى المحتاجين ومن دون عراقيل وتحسين الوضع في جميع مناطق سورية، لاسيما أن هذه الفترة تشهد تدهوراً كبيراً للأوضاع في الغوطة الشرقية وإدلب.

ونبه العتيبي إلى أن القرار يندرج ضمن الحلول المؤقتة للأزمة السورية، والتي لا يمكن تسويتها إلا عبر قرار مجلس الأمن 2254 وبيان جنيف لعام 2012 الذي يطالب بتشكيل هيئة حكم انتقالية، ومن ثم إعداد دستور جديد وإجراء انتخابات، مع الحفاظ على وحدة استقرار وسيادة سورية وتحقيق تطلعات الشعب السوري المشروعة بحياة حرة وكريمة.

قرار إنساني

بدوره، أكد السفير السويدي أولوف سكوغ أن نص القرار، الذي تطلب أكثر من 15 يوماً من المفاوضات للحصول على موافقة روسيا، ليس اتفاق سلام، ولكنه إنساني محض».

وانتقدت السفيرة الأميركية نيكي هايلي، بشدة، روسيا وتأخرها في الانضمام إلى هذا الإجماع الدولي.

من جهته، رفض السفير الروسي فاسيلي نيبنزيا الانتقادات الأميركية، مكتفيا بشكر المفاوضين وخصوصا السفير العتيبي ونظيره السويدي.

وخلال المفاوضات رفض الغربيون طلبا روسيا بأن تحصل كل قافلة إنسانية على موافقة من دمشق.

وهناك استثناءات من وقف إطلاق النار للمعارك ضد تنظيمي «داعش» و»القاعدة».

وبطلب من موسكو شمل أيضا «أفراداً آخرين ومجموعات وكيانات ومتعاونين وكذلك مجموعات إرهابية أخرى محددة من مجلس الأمن».

وإثر طلب روسيا ضمانات، قرر المجلس أن يجتمع مجددا لبحث الموضوع خلال 15 يوما لمعرفة ما اذا كان وقف إطلاق النار يطبق.

وفي أول تعليق رسمي على القرار، شددت «الخارجية» الروسية على أنها ستتصدى بحزم لمحاولات نسف التسوية السياسية، مؤكدة أنها ستراقب بتمعن مدى التزام الأطراف الخارجية بالضغط على الجماعات المسلحة لكي تلتزم بوقف إطلاق النار، وضمان وصول القوافل الانسانية.

وذكرت «الخارجية» الروسية أنها دعمت هذه المبادرة انطلاقاً من مهمة تخفيف معاناة المدنيين السوريين، بعد مراعاة التعديلات المقترحة من قبل روسيا في هذه الوثيقة.

وأفادت بأن الوثيقة في صيغتها الحالية تناشد كلا طرفي القتال التوقف عن الصراع في أسرع وقت، وتطبيق الاتفاقات التي تم التوصل إليها سابقا بهذا الخصوص، وإطلاق مفاوضات بشأن خفض التصعيد وتطبيق نظام التهدئة الإنسانية في مختلف الأنحاء.

وعبر البيان عن رضا موسكو بشأن إشادة مجلس الأمن بالجهود التي تبذلها روسيا وتركيا وإيران كدول ضامنة في مفاوضات أستانة في مناطق تخفيف التوتر، تمهيدا لوقف الاقتتال.

وقف فوري

وأشادت جامعة الدول العربية بالجهود الدبلوماسية الكويتية، التي أفضت إلى التوصل لهذا القرار، داعية إلى الالتزام بالقرار والتنفيذ الفوري لوقف إطلاق النار في جميع أنحاء سورية، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية.

ورحب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، بقرار وقف إطلاق النار وطالب بتنفيذه «بشكل فوري ومستمر»، مشددا على ضرورة قيام كل الأطراف «بواجبهم الحتمي» في حماية المدنيين، لأن «جهود محاربة الإرهاب لا تحل مكان هذه الالتزامات».

وإذ أعربت تركيا عن ترحيبها بقرار مجلس الأمن، مؤكدة مواصلة محاربة التنظيمات «الإرهابية» التي تهدد وحدة سورية، دعت قطر مجلس الأمن الى مواصلة العمل الجاد والفوري لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية لجميع المحتاجين.

التزام الفصائل

واعتبر رئيس هيئة التفاوض، نصر الحريري، أن «التزام فصائل الجيش الحر بوقف إطلاق النار الشامل واستعدادها لتسهيل مرور المساعدات الإنسانية يدللان بوضوح على الروح الوطنية العالية والجدية التي تتمتع بها، وتؤكد من جديد حرصها على رفع المعاناة عن الشعب السوري وحقن دمه».

ورفض الحريري «كل أنواع وأشكال الإرهاب والتطرف»، معرباً عن أمله في أن تكون هناك إرادة دولية خلف تطبيق مشروع قرار الهدنة وآليات المراقبة والردع في حال انتهاكه.

كما رحب كل من «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن» بالقرار، وتعهدا في بيانين منفصلين بحماية قوافل الإغاثة التي ستدخل الى الغوطة الشرقية.

وأعلنت «وحدات حماية الشعب» الكردية التزامها بالقرار رقم 2401 ووقف الأعمال القتالية تجاه كل الأعداء، باستثناء العمليات ضد تنظيم «داعش»، وحق الدفاع عن النفس ضد هجمات الجيش التركي أو الفصائل المتحالفة معه في مدينة عفرين.

طهران ودمشق

وفي حين أكدت أنها ستحترم مع دمشق قرار مجلس الأمن، شددت إيران على أن الهجمات ستستمر على ضواحي في دمشق يسيطر عليها «إرهابيون».

ونقلت وكالة «تسنيم» شبه الرسمية عن رئيس أركان الجيش، الجنرال محمد باقري، قوله «سنلتزم بقرار وقف إطلاق النار، وستلتزم سورية كذلك. أجزاء من ضواحي دمشق التي يسيطر عليها إرهابيون غير مشمولة بوقف إطلاق النار و(عمليات) التطهير ستستمر هناك».

ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية (إرنا) عن باقري قوله «كما ينص (قرار الأمم المتحدة).. لا يشمل وقف إطلاق النار أجزاء من ضواحي دمشق، بالتحديد تلك التي يسيطر عليها إرهابيون من جبهة النصرة وجماعات إرهابية أخرى».

وفي إشارة إلى تصويت مجلس الأمن لمصلحة قرار الهدنة، قال باقري: «سنلتزم بهذا القرار، وسورية ستلتزم أيضا؛ وبعض المناطق في أطراف دمشق تخضع لسيطرة الإرهابيين، ولن تخضع لوقف إطلاق النار، عمليات تطهير هذه المناطق من الإرهاب ستستمر». وأضاف: «الذين لا يرغبون في عودة الأمن والهدوء لسورية رفعوا علم وقف إطلاق النار ليحموا الإرهابيين عندما رأوا إرادة الجيش والحكومة السورية لتطهير أطراف دمشق، وبجهود مشتركة من قبل سورية والدول الصديقة لها والمعارضين للإرهابيين، ومن ضمنهم إيران وروسيا، تم تعديل هذا القرار قليلا».

حصار واشتباك

ومع تفاقم معاناة المدنيين المحاصرين في الغوطة مع استمرار قوات النظام لليوم الثامن على التوالي في قصفها المنطقة المكتظة بالسكان، أفاد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن عن «مواجهات عنيفة تتركز عند خطوط التماس في منطقة المرج التي يتقاسم النظام والمعارضة السيطرة عليها»، لافتاً الى مقتل «13 عنصرا من قوات النظام وحلفائها مقابل 6 مقاتلين من جيش الإسلام» أبرز فصائل الغوطة.

وأكدت مصادر إعلامية موالية للنظام أن القوات الحكومية بدأت صباح أمس عملية اقتحام الغوطة الشرقية من محاور محاور جوبر وحرستا وبلدات حزرما الزريقية والنشابية، مبينة أنها حشدت أكثر من 30 ألف مقاتل في محيط المنطقة منذ مطلع الأسبوع الماضي.

الأمم المتحدة وسنوات الإخفاق في سورية

في أبريل عام 2011، وبعد 6 أسابيع على بدء موجة الاحتجاجات في سورية، استخدمت روسيا والصين حق النقض الفيتو، لتعطيل إعلان للأمم المتحدة اقترحته دول غربية يدين القمع الذي يمارسه النظام.

وفي 4 أكتوبر، استخدمت روسيا والصين الفيتو مجدداً لتعطيل مشروع قرار تقدمت به دول غربية يهدد باتخاذ «إجراءات موجّهة». وبالإجمال استخدمت روسيا الفيتو 11 مرة لحماية حليفها السوري.

في أغسطس 2012، استقال كوفي عنان كموفد خاص للأمم المتحدة والجامعة العربية بعد 5 أشهر من الجهود غير المثمرة.

في مطلع 2016، عقدت 3 جولات من المفاوضات غير المباشرة بين النظام والمعارضة في جنيف برعاية الأمم المتحدة دون تقدم.

في 14 ديسمبر، اتهم مبعوث الأمم المتحدة سيفان ديميستورا دمشق بتقويض المحادثات لرفضها الحوار مع المعارضة.

وفي 26 يناير عقدت جولة تاسعة من مفاوضات السلام دون تحقيق أي نجاح في فيينا.

في أكتوبر 2016، حذّر ديميستورا من أن معقل المعارضة في حلب سيسوى بالأرض بحلول عيد الميلاد، في حال فشلت الأمم المتحدة في وقف الحرب المدمرة.

وفي نهاية ديسمبر، وصل بعض المراقبين للإشراف على إجلاء المدنيين.

في 9 فبراير، تقدمت السويد والكويت بمشروع قرار جديد يدعو إلى وقف إطلاق النار مدة 30 يوماً ورفع الحصار.

back to top