الغوطة تحت القصف... وروسيا ترفض عرضاً من فصائلها

أنقرة تدعو شركاءها في «أستانة» للضغط على الأسد... وتقصف قافلة متجهة إلى عفرين

نشر في 24-02-2018
آخر تحديث 24-02-2018 | 00:05
طفلان مصابان يبيكان داخل مستشفى ميداني في الغوطة بعد تعرض منزلهما للقصف (أي بي أيه)
طفلان مصابان يبيكان داخل مستشفى ميداني في الغوطة بعد تعرض منزلهما للقصف (أي بي أيه)
شن النظام السوري، أمس، غارات جديدة على الغوطة الشرقية قرب دمشق، في وقت رفضت موسكو عرضاً من الفصائل المسلحة المعارضة بإخلاء الغوطة من «جبهة النصرة».
لليوم السادس على التوالي، قصفت قوات النظام السوري، أمس، الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق قبيل تصويت مجلس الأمن الدولي على هدنة اقترحتها الكويت والسويد لوقف معاناة مئات آلاف المدنيين.

ومنذ يوم الأحد، قتل 426 مدنيا بينهم 96 طفلا في غارات جوية وقصف صاروخي ومدفعي طال مدن وبلدات الغوطة الشرقية، معقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، في أسبوع من بين الأكثر دموية في هذه المنطقة منذ بدء النزاع في عام 2011.

وإضافة إلى القتلى، لايزال كثيرون عالقون تحت أنقاض الأبنية المدمرة وآخرون منتشرون في المستشفيات والمرافق الطبية التي لم تسلم من القصف.

وأسفر القصف المستمر، أمس، عن مقتل أكثر من 20 مدنيا بينهم أطفال.

وفي مدينة دوما، التي قتل فيها أمس 10 مدنيين، أفاد مراسل "فرانس برس" بانتشار الحرائق الناتجة عن القصف، مشيرا إلى أن عربات الإطفاء غير قادرة على إخمادها جميعا. وفي أحد الأحياء بادر سكان إلى استخدام أواني الطبخ لإخماد حريق في أحد المنازل.

وفي ظل القصف المستمر، لجأ معظم السكان إلى الأقبية والملاجئ، حيث تنعدم الحاجات الأساسية. يخرج البعض منهم، مستغلا دقائق من الهدوء لإحضار بعض الحاجيات أو الطعام في ظل انقطاع الكهرباء، بعد تقطع أشرطة الإمدادات عن المولدات.

وفي مستشفى بدوما، قال أبومصطفى: "ما يحدث معنا يُبكي الحجر، لا يوجد أحد لا يفقد يوميا شخصا أو اثنين من عائلته. لا نستطع أن ننام، كل الوقت مروحيات تلقي البراميل والطائرات الروسية فوقنا، ليس لدينا سوى الله".

ومنذ سنوات، تشكل الغوطة الشرقية الخاصرة الرخوة للنظام السوري، مع صمود الفصائل المعارضة فيها وقدرتها، برغم الحصار المحكم منذ عام 2013، على استهداف العاصمة بالقذائف.

وقتل شخص وأصيب 15 آخرون بجروح، أمس، بعد استهداف أحياء في دمشق، وفق ما أوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).

ويتفق محللون أن النظام السوري يتجه نحو الحسم في هذه المنطقة التي تعد إحدى بوابات دمشق. ويتزامن التصعيد حاليا مع تعزيزات عسكرية في محيط الغوطة الشرقية تُنذر بهجوم بري وشيك لقوات النظام.

إخلاء الغوطة

وعقب القاء النظام السوري آلاف المنشورات فوق الغوطة تدعو المدنيين الى الخروج من المنطقة، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، إن الجانب الروسي أبلغ الفصائل المسلحة في غوطة دمشق بوجوب إخلاء المنطقة من المدنيين، وأنذرهم بالعملية العسكرية التي سيجري تنفيذها في المنطقة من قوات النظام والقوى الداعمة لها.

وأضاف المرصد، في بيان، أن الجانب الروسي رفض عرض الفصائل المسلحة، الذي نص على إخراج "هيئة تحرير الشام" (النصرة سابقا) بشكل كامل من الغوطة الشرقية، مؤكدا أن قوات النظام المدعومة من قبل روسيا ستدخل غوطة دمشق الشرقية، لتسيطر عليها وتؤمن بشكل أكبر محيط العاصمة دمشق.

تركيا تضغط

وحثت تركيا، أمس، روسيا وإيران، الداعمتين الأبرز للرئيس بشار الأسد، على "وقف" النظام السوري الغارات. وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن "على روسيا وايران وقف النظام السوري"، معتبرا أن الهجوم على الغوطة ومحافظة إدلب الخاضعة كذلك لسيطرة المعارضة "يتعارض" مع الاتفاقات التي توصلت إليها أنقرة وموسكو وطهران في إطار المحادثات التي جرت في أستانا.

التعديلات الروسية

وبعد فشل مجلس الأمن الدولي أمس الأول في الاتفاق على مشروع قرار ينص على هدنة لمدة شهر للسماح بدخول المساعدات الإنسانية وإجلاء الجرحى، تمت صياغة قرار جديد يأخذ في الاعتبار التعديلات الجديدة التي طالبت لها موسكو.

وتتضمن الصيغة الأخيرة لهجة مخففة لأحد البنود الرئيسة، إذ ينص على أن المجلس "يطالب" بوقف لإطلاق النار، بدلا من "يقرر"، كما أن الهدنة لا تطبق على "أشخاص وجماعات وتعهدات وكيانات مرتبطة" بتنظيمي القاعدة و"داعش".

وكانت صيغة سابقة تتحدث عن التنظيمين فقط. وبرغم التعديلات، لم يتضح بعد ما اذا كانت روسيا، التي عطلت في السابق قرارات عدة تدين النظام السوري، ستدعم مشروع القرار. وقالت فصائل الغوطة إنها تدعم مشروع القرار السويدي - الكويتي.

وأكدت أبرز الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية، في رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة والرئيس الحالي لمجلس الأمن الدولي، ووقعها كل من "جيش الإسلام" و"فيلق الرحمن" وحركة أحرار الشام، فضلا عن عدد من المؤسسات المدنية، وبينها الخوذ البيضاء، أن "أي مبادرة أو مشروع قرار يجب أن ينسجم مع المبادئ الثابتة في القانون الدولي، التي تمنع تهجير المدنيين أو ترحلهم قسراً عن أماكن سكناهم الطبيعية".

وأضاف الموقعون: "لذلك نرفض رفضا قاطعا أي مباردة تتضمن إخراج السكان من بيوتهم ونقلهم لأي مكان آخر".

وأكد المتحدث الرسمي باسم فيلق الرحمن، ثاني أبرز فصائل الغوطة الشرقية، وائل علوان "رفض الفصائل إجلاء مقاتليها من الغوطة الشرقية، مشيرا إلى أن "أحداً لم يعرض على الفصائل أي شيء من ذلك أصلا خلال الفترة الماضية". في المقابل، قال علوان إن "الفصائل موافقة على إخراج النصرة".

عفرين

على صعيد آخر، قصف الجيش التركي بالمدفعية قافلة أثناء اتجاهها إلى منطقة عفرين السورية الخاضعة لسيطرة الأكراد، قالت أنقرة إنها تقل مقاتلين وأسلحة، لكن القوات الكردية قالت إنها كانت تنقل مدنيين قادمين ومعهم طعام وأدوية.

وقال الجيش التركي، في بيان أمس، إن قافلة تضم ما بين 30 و40 سيارة لمقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية اقتربت من البلدة الرئيسة في منطقة عفرين بشمال غرب سورية. وأضاف البيان أن المدفعية استهدفت القافلة التي "تحمل إرهابيين وأسلحة وذخائر".

وقالت وحدات حماية الشعب الكردية إن القافلة التي وصلت إلى عفرين في وقت متأخر أمس الأول كانت تنقل مدنيين من منطقة الجزيرة الواقعة إلى الشرق ومن بلدات أخرى تحت سيطرة القوات الكردية.

وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس، إن الجيش يبذل كل جهد ممكن لتجنب أذية أي مدنيين، مما يطيل أمد العملية. ووصف وزير الدفاع نور الدين جانيكلي من قبل تقارير تحدثت عن إصابة مدنيين بأنها كاذبة.

back to top