أستراليا تتجه إلى تنظيم العملات الافتراضية لا منعها

البرلمان يضيفها إلى قانون غسل الأموال وتمويل الإرهاب

نشر في 24-02-2018
آخر تحديث 24-02-2018 | 00:05
No Image Caption
من وجهة نظر المستثمرين الأستراليين يظهر النشاط المحلي ثقة في مستقبل العملات الافتراضية، وعلى الرغم من التكهنات الكبيرة بشأن التداعيات السلبية لعملية التصحيح الأخيرة أقرت الحكومة الأسترالية تشريعاً جديداً يظهر التزاماً باتخاذ الخطوات الضرورية اللازمة، لشرعنة تلك العملات على شكل فئة من فئات الأصول.
كان هناك الكثير من الحديث حول تقلب أسعار العملات الافتراضية على مدى الأسابيع الستة الماضية. فمن قيمة قصوى بلغت 795 مليار دولار في مطلع عام 2018 هبطت القيمة الإجمالية لتلك العملات إلى 340 مليار دولار فقط. ونتيجة لذلك عمد كثير من المعلقين الى طرح نظريات حول مبررات ذلك الهبوط. واشتملت التوضيحات المقترحة في هذا الشأن طرح قيود وتنظيمات وشيكة ووجود مبالغة في قوة الطلب ومؤشرات على فقاعة توشك على الانفجار. ولكن منذ هذه التقلبات المضاربية الحادة اتجهت الأسواق نحو الاستقرار، كما أظهرت في الآونة الأخيرة علامات تحسن.

ويبدو أن هذا هو الوقت الملائم لفحص جدوى العملات الافتراضية استناداً إلى ما حدث في الفترة الأخيرة في هذه الصناعة وليس مجرد ما تردد من أقاويل. ومن وجهة نظر المستثمرين الأستراليين يظهر النشاط المحلي ثقة في مستقبل العملات الافتراضية، وعلى الرغم من التكهنات الكبيرة بشأن التداعيات السلبية لعملية التصحيح الأخيرة أقرت الحكومة الأسترالية تشريعاً جديداً يظهر التزاماً باتخاذ الخطوات الضرورية اللازمة لشرعنة تلك العملات على شكل فئة من فئات الأصول.

وبشكل محدد عمد مركز العمليات والتحليل الأسترالي أخيراً إلى تحديث قوانين مكافحة غسيل الأموال بحيث تتطلب درجة أكبر من الشفافية ومن تسجيل العملات الافتراضية. ومن خلال تنفيذ السجل الجديد لمبادلات العملة الرقمية فإن مبادلات التعامل بتلك العملات سوف يشترط الكشف عن تفاصيل محددة حول كل العمليات التي تتم عن طريق منصاته. وتشير هذه المراقبة الإضافية إلى أن نمو العملات الافتراضية تخطى حدود التنظيمات الحالية. ويبدو أن الحكومة تقوم بجهد مكثف من أجل تحديث آلياتها الرقابية ترقباً لعملية تبني أوسع من قبل العامة.

وتظهر مقتطفات من تفاصيل القانون الجديد كيف يهدف مركز العمليات والتحليل الأسترالي الى تحقيق ذلك من خلال جعل مبادلات العملة الافتراضية نافية للجهالة وشفافة بقدر أكبر في ما يتعلق بكيفية تسجيل العمليات. ويغطي الفصل المضاف للقانون تسجيل العملات الرقمية في سجل الأصول وشروط تجديد التسجيل وتعليقه وإلغائه ومراجعة العمليات وتحديث وتصحيح المعلومات ونشرها وقد جرت تعديلات على آليةالإبلاغ عن عمليات مبادلات العملة الرقمية (بحيث تشمل معرفين إضافيين عن مزودي العملة الرقمية).

ومن المهم أن نلاحظ من هذا التشريع أن الحكومة الأسترالية لا تتخذ إجراءات تنظيمية في مواجهة العملات الافتراضية، بل تسعى بدلاً من ذلك الى تعديلات تعالج الحاجة الى الحد من الأنشطة الضارة وصور الاستغلال التي قد تنشأ عن استمرار ازدياد شعبية فئة الأصول. وهذا جهد يشير الى القبول لا الى الاعتراض أو عدم الثقة. وقد عزز البرلمان الأسترالي هذا التوجه من خلال طلبه تعديل قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لعام 2006 ليشمل الرقابة على مزودي مبادلات العملة الرقمية".

وبدلاً من تجريم فئة الأصول الحديثة العهد بصورة كلية تحركت الحكومة نحو تشجيع الخطوط الإرشادية لأنشطة ملائمة تماشياً مع تطورها التدريجي. وعلى أي حال كان غموض العملة الرقمية يعتبر نقطة تردد للمضاربة الكبيرة حتى الآن، وتأمل الحكومة بتبديد تلك المخاوف من خلال تصنيف العملة الافتراضية ضمن تشريع جديد.

ومن خلال قيامها بتعديل قانون مكافحة غسيل الأموال ومحاربة الإرهاب ليشمل العملات الافتراضية الحديثة العهد تتخذ السلطات الأسترالية موقفاً يتسم بمرونةتنظيمية وليس بمواجهة.

واللافت أن هذه التوجهات تأتي في أعقاب طرح قانون قد يدفع نحو العملات الافتراضية نحو التراجع بشكل اجمالي. والتنظيمات الأخف قد تشير الى مزيد من الحزم الرسمي في ظل التقلبات الراهنة في السوق وما تمثله من مخاطر لصغار المستثمرين وعديمي الخبرة. وعلى أي حال، فإن الحكومة الأسترالية من خلال استثمارها للموارد في البحوث والتشريعات الجديدة تظهر التزامها إزاء استمرار سوق العملات الافتراضية وهي تحاول الرد على هذه الأسئلة.

وفي مبادرة موازية يستطلع مكتب الضرائب الأسترالي الطريقة الأفضل من أجل تضمين معاملات العملة الرقمية ضمن سلطته التنظيمية.

وأعلن متحدث باسم هذا المكتب في الآونة الأخيرة رغبة المكتب في البقاء متقدماً في فهم كيف يمكن لأستراليا تحقيق تصنيف أفضل للعملة الافتراضية واتخاذ الإجراءات الضرورية من أجل الإبلاغ عن السياسات المقبلة.

وأشار الى أن "استخدام العملات الافتراضية والمتاجرة بها يمثل حقلا سريع التطور. ويعمل مكتب الضرائب بصورة تفاعلية على الصعيدين المحلي والدولي من أجل تحديد المسائل ذات الصلة بتداعيات العملات الافتراضية، سواء نتيجة استحداث أنواع جديدة منالتعاملات أو دخول أعداد متزايدة من المشاركين الى البيئة الرقمية".

وأسهمت خطوات مركز العمليات والتحليل ومكتب الضرائب في أستراليا في فضح الزيف المتعلق بسوء فهم برز في عملية التصحيح التي شهدتها الأسواق أخيراً. وقد تشكل كما كبيرا من التكهنات بشأن أثر تدخل الحكومة واحتمال اعتبارها للعملة الرقمية غير شرعية. وعلى العكس من ذلك، يبدو أن التوجه نحو التنظيم الرسمي قد أضفى مصداقية على هذه الأصول. وكما تظهر سابقة أستراليا فإن تشريعات العملة الرقمية تسبغ شرعية على فئات الأصول الجديدة.

وتتحمل الحكومة مسؤولية حماية أفرادها من خلال تعديل التشريع بحيث يتضمن العملات الافتراضية –بدلاً من حظرها– فهي تشير الى قناعتها بمستقبل لفئة الأصول هذه يتخطى الزخم الراهن للسوق.

الوضع في دول أخرى

ومع بدء دول أخرى مثل كندا واليابان وسنغافورة أيضاً في ادخال تنظيمات مماثلة يبدو أن هذا التوجه يكتسب زخماً. ويسهم التنظيم الأوسع في تبديد المخاوف من تلاعب لا يمكن احتواؤه، وعلى الرغم من سمات الفقاعة في هذه الصناعة فإن مبادرات هذه الحكومات تمنح المزيد من الصلاحيات للعملات الافتراضية.

ويبدو المزيد من التشريع محتملاً مع استمرار تطور هذه الصناعة رغم تشكيك كثيرين فيها. وإذا كان التحسن الحالي يمثل أي مؤشر فإنه يدل على اتساع الثقة بمستقبل العملات الافتراضية بما يتجاوز ضجيج الخوف وعدم اليقين والشك.

تقلبات «داو جونز» الحادة حولت خسائر «بتكوين» إلى مجرد نزهة
back to top