هيئة «التطبيقي»... من جديد

نشر في 12-02-2018
آخر تحديث 12-02-2018 | 00:08
 د. بدر الديحاني ينتظم في كليات ومعاهد الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب ما يقارب 60 ألفاً (ربما يزيد) ما بين طالب ومتدرب، وهو عدد ضخم للغاية في مؤسسة أكاديمية وتدريبية تعنى بتخريج ممارسين وفنيين ومتدربين على درجة عالية من الكفاءة والمهارات الفنية لا النظرية فقط.

لقد توسعت "الهيئة" منذ إنشائها قبل أكثر من ثلاثة عقود بشكل غير طبيعي، سواء بالنسبة إلى عدد كلياتها ومعاهدها، أو التخصصات الجديدة سواء في التعليم التطبيقي أو التدريب التي من غير الواضح الحاجة الفعلية لها، أو بالنسبة إلى عدد طلبتها، حيث تفرض عليها الحكومة سنوياً قبول أعداد تفوق قدرتها الاستيعابية، وهو الأمر الذي لا تتحمل مسؤوليته المباشرة عمادة القبول والتسجيل في "الهيئة" كجهة إدارية تنفيذية تعمل بطاقتها القصوى ضمن إمكانات محدودة.

هذا لا يعني إخلاء طرف إدارات الهيئة المتعاقبة من تحمل المسؤولية، إلا أن الموضوعية تتطلب الأخذ في الاعتبار عوامل أخرى بعضها سياسية ساهمت في سوء الأداء العام وضعف المخرجات، ومن ضمنها، على سبيل المثال لا الحصر، دمج قطاعي التعليم التطبيقي والتدريب بعد عملية تجميع معاهد وكليات مختلفة كانت قائمة في سبعينيات القرن الماضي تحت مظلة إدارية واحدة، والتعيينات السياسية في الإدارة العليا، علاوة على تدخلات الحكومة في عملية قبول أعداد هائلة من الطلبة تفوق إمكانات الهيئة وقدراتها الاستيعابية، وتؤثر، بالتالي على كفاءة هيئتها الأكاديمية والإدارية ونوعية مخرجاتها التي يرفض بعضها سوق العمل، كالقطاع النفطي مثلاً، على الرغم من أنه يفترض أن برامجها مُصممة كي تلبي احتياجات سوق العمل المحلي.

والآن بمناسبة تجديد الإدارة العليا لهيئة "التطبيقي"، فإنه من الضروري، كما سبق أن كتبنا أكثر من مرة، القيام بعملية تقييم موضوعي وجاد للأداء العام للهيئة كي يمكن معرفة مدى تحقيقها للأهداف التي أنشئت من أجلها قبل أكثر من ثلاثة عقود؛ على أن يشمل التقييم نوعية البرامج الدراسية، ومعايير التعيينات وضوابطها، وشروط القبول، والإمكانات المُتاحة، ثم يترتب عليه إعادة هيكلة كليات الهيئة ومعاهدها، وذلك بعد فصل قطاع التعليم عن قطاع التدريب كما اقترحت دراسة سابقة، وتطوير البرامج الدراسية وشروط التعيينات والقبول.

أما استمرار الوضع الحالي من دون تغيير جذري فلن يترتب عليه سوى ضعف المدخلات، وعدم تناسب المخرجات مع احتياجات سوق العمل، وبالتالي، زيادة عدد الخريجين العاطلين عن العمل، ناهيك عن المشاكل الأكاديمية والإدارية والمالية الناتجة، غالباً، عن تزايد أعداد الطلبة الذين يُفرض على الهيئة قبولهم كل فصل دراسي بما يفوق الطاقة الاستيعابية لكلياتها ومعاهدها وهيئتها الأكاديمية والإدارية.

back to top