مرافعة : قواعد تطوير العدالة

نشر في 06-02-2018
آخر تحديث 06-02-2018 | 00:18
 حسين العبدالله المشروع الذي أعلن النائب العام المستشار ضرار العسعوسي تقديمه قبل نحو أسبوع، في «الجريدة»، بإضافة أحكام التماس إعادة النظر في القضايا الجزائية، يسجل للنيابة العامة، لأمرين: الأول لأنها دائما تتهم بأنها الخصم المتربص بإدانة المتهمين، ومع ذلك هي التي تتقدم بمشروع يلبي متطلبات العدالة للمحكومين إذا ظهرت مستقبلا أدلة تشير إلى براءتهم، والآخر أنها أعلنت تقديم مشروع عجز عدد من النواب القانونيين حتى عن التفاعل معه، رغم أن النظام الجزائي في الكويت يفتقده.

التماس إعادة النظر والسماح بالطعون بتمييز الجنح المرتبطة بقضايا الجنايات من القضايا التي كانت تفتقدها المنظومة الجنائية في الكويت، وكان بسببهما يقضي الكثيرون سنوات حياتهم في الحبس دون أن يتمكنوا من إكمال درجات التقاضي بحقهم، ومعاودة فتح ملف المحاكمة مجددا، والحال كذلك فيما يتعلق بالتظلم من قرارات الحبس الاحتياطي أو حتى منع السفر في القضايا الجزائية، ولم يتبق من إقرار سوى تشريع أحكام التماس إعادة النظر الذي أعلنه النائب العام أسوة بما هو معمول به في القضايا المدنية والتجارية.

كما يتعين على المشرع الكويتي، وهو في سبيل النظر إلى أحكام التماس إعادة النظر، البحث كذلك في إمكانية تنظيم حالات رفع دعاوى البطلان على الأحكام، سواء الجزائية أو المدنية أو التجارية، وذلك فيما لو ثبت أن هناك حالات بالبطلان لا يسع لحالات التماس إعادة النظر بحثها، كما لو أن المحكمة الجزائية أصدرت أحكاما خالفت فيها أحكاما جزائية أخرى حازت قوة الأمر المقضي أو أصدرت المحاكم الجزائية أحكاما خالفت الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية فيما لو حكمت استنادا إلى نصوص قضت المحكمة الدستورية بعدم دستوريتها

كما أن القضايا التي اعتقد أنها تستحق الوقوف أيضا وهي مراجعة أحكام وقواعد رد القضاة والنظر في إمكانية استحداث حالات لم ترد بالتشريعات الحالية مع وضع ضوابط للفصل في دعاوى الرد منها قيود زمنية حتى لا يتعطل الفصل في القضايا الأخرى وقيود موضوعية حتى لا تكون دعاوى رد القضاة بهدف الكيد أو التعطيل المخل بحسن سير العدالة وبهدف إطالة أمد الدعاوى.

تنظيم المشرع للقواعد القانونية الضامنة لحسن سير العدالة هو السور الحقيقي الذي يحصن المتقاضين من بعض الأخطاء القانونية التي لا يمكن للمحاكم العليا تداركها أو الوقوف عليها، كما أنها تضمن بذل الكثير من الجهد الذهني قبل إصدار العديد من الأحكام، فضلا عن مواكبة المنطق الحقيقي لفهم مهمة القضاء من أنه بشر يصيب ويخطئ، ومن المهم إيجاد وسائل ولو بعد صدور الأحكام تسمح بطرح الأنزعة مجددا وفق ضوابط وقيود دون المساس بحجية كل الأحكام الصادرة.

وتلك القواعد حال تقريرها تتطلب وجود قضاء متخصص لا قضاء مختلط، خصوصا مع كثرة الدعاوى القضائية التي تتطلب وجود قضاة متخصصين للقضايا الجزائية، لا يمكن أن ينظروا سوى تلك القضايا، وقضاة ينظرون فقط في الدعاوى المدنية، دون أن يجمعوا الجنائية معها، وذلك حفاظا على فكرة تخصص القضاء الذي ينسجم مع فكرة التفرغ الذهني للقضاء الذي يفصل فيه القاضي.

back to top