تبعات تقسيم اليمن!

نشر في 02-02-2018
آخر تحديث 02-02-2018 | 00:09
 د. حسن عبدالله جوهر التحولات الميدانية الأخيرة في اليمن، وخصوصا في الجنوب، ونتائجها السياسية المرتقبة، لا تنذر بمرحلة جديدة وخطيرة على اليمن وحده فقط، بل على عموم المنطقة العربية بما فيها إقليم الخليج، وما يدل على ذلك حالة الصمت الغريبة سياسياً وإعلامياً على هذا الحد المهم. فقد سيطر ما يعرف بالمجلس الانتقالي على عاصمة الجنوب عدن، وبشكل سريع وحاسم، وبات يحكم قبضته على المواقع العسكرية والاستراتيجية والمؤسسات الرسمية، ويمثل هذا المجلس تيار الانفصال وإعلان دولة الجنوب المدعوم شعبياً بشكل واسع. انفصال الجنوب عن اليمن يحمل دلالات منها حالة غضب اليمنيين على العالم والعرب وتحميلهم مسؤولية دمار بلدهم، واحتمال اتخاذ "المتمردين" الجدد مواقف جديدة وتحالفات قد تخلط الكثير من الأوراق وتحول المشهد السياسي والأمني إلى ساحة معقدة أكثر.

نجاح الانفصاليين في الجنوب واستمرار هيمنة الحوثيين في الشمال يعكس أيضاً هشاشة وضعف حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، وأن الرهان عليه كشرعية يمنية كان خاسراً منذ اليوم الأول، فمن أجل بقائه تدمر اليمن وتشرد شعبه وبات يقارع كل ألوان الويل والمرض والموت.

الشأن اليمني بالتأكيد يقرره اليمنيون أنفسهم وبإرادتهم، ولكن سياق الأحداث وتطورها، خصوصا تقسيم اليمن المرفوض إقليمياً ودولياً، قد يكون بداية السيناريو الموجه أميركياً لتفتيت المنطقة، لا سيما بعد سلسلة من الانتكاسات السياسية في مشروع تقسيم سورية، ثم فشل محاولة إعلان استقلال الدولة الكردية في شمال العراق، فجاء الدور على كل من اليمن وليبيا.

وإذا نجح التقسيم في اليمن فلا شك أن هذه التجربة ستنتقل إلى ليبيا مباشرة، وعندها قد يبدأ العد التنازلي لامتداد هذا السيناريو إلى الدائرة الخليجية، فمراكز الدراسات الأميركية وحتى لجان الكونغرس الأميركي إلى جانب الأطروحات الإسرائيلية تتضمن عدة خرائط جغرافية لتقسيم الخليج والجزيرة العربية، وأجواء الخلاف المستمر في المنطقة وارتدادات الأحداث الدامية في عموم المنطقة العربية وما نتج عنها من تمزق أوصالها داخلياً، وتراجع الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الخليج بسبب فقدان بريق النفط، عوامل مشجعة على المزيد من المجازفة الدولية في هذا الشأن، خصوصا في ظل التصعيد السياسي بين الغرب والشرق وتحديداً بين واشنطن وموسكو، والتمرد الأوروبي على القطبين العالميين.

الخليج اليوم في أضعف حالات التناغم الدبلوماسي والتجانس في الرؤى السياسية والاتفاق على المصلحة المشتركة، والتحدي اليمني قد يعتبر من أصعب الاختبارات التي تشهدها دول المنطقة، وفي حالة إغفال هذا الملف ومضامينه الخطيرة، فقد تمتد الخلافات اليمنية الداخلية والجديدة منها بالذات إلى العمق الخليجي نفسه، وتعميق الأزمة الخليجية من الداخل!

back to top