سوق المباركية...المنسي!

نشر في 30-01-2018
آخر تحديث 30-01-2018 | 00:08
يبدو أن تعامل الحكومة مع سوق المباركية لم يختلف عن غيره من قضايا البلد التي يقف عندها المسؤولون، إما بالعجز أو اللا مبالاة، وأقصى ما يمكنهم فعله هو الوعود كإبر تخدير وتأجيل للحلول حتى ينسى الناس المشكلة وتتحول إلى أمر واقع.
 د. حسن عبدالله جوهر في جولة تسويقية وسط المباركية تستشعر جمال أحد معالم الكويت وتراثه التاريخي الجميل، وعلى الرغم من تحديث معالم السوق وعصرنته فإنه حافظ على أصالته القديمة، وكل من يتجول في أرجاء هذه المنطقة الواقعة في قلب الكويت وعاصمتها يسترجع من الزمان ما يتسع له عمره من سنوات، وهو يعيد شريط الذاكرة ببساطتها وتلقائيتها التي تعكس مختلف مراحل الديرة، وما شهدته من تغيير وتطور وحداثة مع بقاء صفة الطيبة والقيم الكويتية.

بدأت المباركية تزدان بحلة جميلة أخرى بمناسبة أعياد الكويت الوطنية، الأمر الذي يعزز روح الولاء والهوية وسط توافد الكبير والصغير، المواطن والمقيم، الزائر والسائح من مختلف الجنسيات، الأمر الذي يكسب هذا المركز التجاري بعداً مهماً آخر.

هذه اللوحة البهيجة تحمل في داخلها غصة ومرارة وحزناً قد لا يشعر به المتسوق والعوائل التي تخطو أقدام أفرادها على أرض سوق المباركية، وهي تتبادل الأحاديث والهمسات، وتتعالى أصواتها بالضحك والفرفشة، وقد لا يحس بها من يجادل البائعة في السعر في وضع طبيعي بأي من الأسواق الشعبية في العالم.

هذا الحزن منبعه الزيادة الخيالية في أسعار المحال التجارية التي أثارت موجة غضب عاصفة قبل نحو سنة، وانتهت بإضراب عام أصيب السوق بسببه بشلل تام، ولم ترجع الأمور إلى نصابها إلا بعد تصريح من سمو رئيس مجلس الوزراء بأن قيمة الإيجارات التي تضاعفت نحو عشر مرات لبعض المتاجر لن يسمح بها.

لكن يبدو أن تعامل الحكومة مع سوق المباركية لم يختلف عن غيره من قضايا البلد التي يقف عندها المسؤولون، إما بالعجز أو اللا مبالاة، وأقصى ما يمكنهم فعله هو الوعود كإبر تخدير وتأجيل للحلول حتى ينسى الناس المشكلة وتتحول إلى أمر واقع، وكسبت الحكومة وقتها كالعادة إشادة يبدو أنها لم تكن مستحقة على الإطلاق.

ومن خلال تبادل الحديث مع بعض أصحاب المحلات التجارية، فقد أجمعوا بأن المشكلة ما زالت قائمة، والحكومة لم تحرك ساكناً إلى الآن، وقد لجأ 550 من المستأجرين من أصل 600 محل تجاري بدءاً ببسطات الخضار وانتهاءً بالمعارض الرئيسة الكبيرة إلى القضاء، حيث يودعون إيجاراتهم الشهرية، في حين يبقى مستقبلهم طي المجهول.

الحسرة في تجربة سوق المباركية أن هذا المعلم التاريخي وأيقونة الكويت لم يسلم من الضياع بين الخصخصة من جهة وإهمال الحكومة واستسلامها من جهة أخرى، في تناقض كبير، وإن من يرى أجواء الزينة الوطنية يتوقع أن الحكومة ستضع رمزية وعراقة المباركية في عيونها، ولكن من يرى حقيقة ما خلف الكواليس يعرف أن الحكومة وضعت بلا شك هذا السوق الشعبي والتاريخي في بطون المتنفذين!

back to top