عضلات اصطناعية ترفع آلاف أضعاف وزنها بإيحاء من «الأوريغامي»

نشر في 28-01-2018
آخر تحديث 28-01-2018 | 00:00
No Image Caption
طوّر علماء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة هارفارد مجموعة من العضلات الاصطناعية بالاستناد إلى فن الأوريغامي (طي الورق) تستطيع رفع وزن أكبر من وزنها بألف ضعف من دون أن تفقد المهارة الضرورية لتمسك بزهرة رقيقة وترفعها.
تقدّم أجهزة جديدة وُصفت فيProceedings of National Academy of Sciences، طريقة جديدة تمنح الآليين الهشين قوة خارقة يمكن الاستعانة بها في شتى الحالات، من داخل جسمنا إلى الفضاء الخارجي.

صُنع الآليون تاريخياً من المعدن وغيره من مواد صلبة لأنها تمنحهم قوة. ولكن من الضروري أيضاً إعداد الآليين من مواد طرية طيعة بغية معالجة الأجزاء التي يصعب بلوغها، والتنقل في بيئات من الصعب التعاطي معها، والتفاعل بأمان مع الناس (تخيل مثلاً مخاطر مصافحة آلي قبضته من فولاذ).

لذلك سعى العلماء بدأب إلى صنع الآليين من أجزاء طرية.

كانت هذه الأجزاء في الماضي تحتل مرتبة ثانية إزاء هيكل الآلي الخارجي الصلب، متحوّلة إلى مجرد بطانة. لكن العلماء اليوم بدأوا يصنّعون آليين تتألف أجزاؤهم الرئيسة من مواد طرية، حتى إنهم توصلوا أخيراً إلى تطوير آلي شبيه بالأخطبوط.

آليون طيعون

تذكر دانيالا روس، باحثة بارزة في الدراسة، خبيرة متخصصة في علم الآليين، ومديرة مختبر علم الحاسوب والذكاء الاصطناعي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: «أثار الآليون الطريون اهتمامنا منذ زمن بعيد لأنهم أكثر أماناً، لأنهم طيّعون، ولأنهم يستطيعون التكيّف مع التقلبات، فضلاً عن أنهم متينون والتحكم فيهم سهل نسبياً».

لكن الآليين الذين يتمتعون بجسم طري اصطدموا بعقبة كبيرة: بخلاف الآليين المصنوعين من مواد صلبة، يعجز هذا النوع من الآليين عن رفع أوزان ثقيلة.

تضيف روس: «نحتاج إلى آليين طريين، وآمنين، وطيّعين يتمتعون بالقوة ويتحلون بخصائص تستطيع اليوم الأنظمة الصلبة الجسم تحقيقها. وهكذا ننجح في أخذ الأفضل من كلا العالمين».

تقنية لافتة

حلت روس وزملاؤها هذه المشكلة بالاعتماد على تقنيات الأوريغامي، التي استُغلت أخيراً في عملية تصنيع أنواع عدة من الآليين (منها RoboBee الذي طوّره زميل روس البارز في هذه الدراسة روبرت وود من جامعة هارفارد). تستطيع تقنيات الأوريغامي إنتاج الكثير من التصاميم المعقدة بكلفة متدنية لأنها تستخدم كميات قليلة من المواد وتتبع عمليات بسيطة مذهلة.

في هذا العمل، استخدم العلماء تقنيات الأوريغامي لإنتاج بنى شبيهة بالعضلات تمنح الطرف مرونة، إلا أنها تتيح له في الوقت عينه التحرك من دون الحاجة إلى أجزاء صلبة.

صمم العلماء بنى مطوية تقصر، أو تنطوي، أو تلتف، أو تنحني متخذةً أشكالاً محددة عندما تُضغط. وغلّفوا هذه البنى الطويلة المطوية بكيس من «جلد» البوليمر ثم ملؤوه بالهواء أو بسائل آخر. وعندما أخرج الفراغ السائل من الكيس، انضغطت بنى الأوريغامي معاً متخذة الشكل الذي حددته أنماط طيها.

اكتشف الباحثون أيضاً أن بعض عضلات الأوريغامي قد يتقلص إلى عُشر حجمه الأصلي أو يرفع وزناً أكبر من وزنه بألف ضعف. كذلك يستطيع أن يولّد قوةً في وحدة المساحة أكبر بست مرات تقريباً من العضلة الثديية.

بإمكان كل نمط طي التحرّك باتجاه واحد، إلا أن روس تؤكد أن من الممكن دمج عدد من الأنماط المختلفة لإعداد آلي متعدد الوظائف، مثل سكين متعددة الاستعمالات من الأوريغامي.

أحجام صغيرة

يمكن استعمال هذه الأطراف الآلية بأحجام بالغة الصغر ربما لإصلاح خلل داخل جسمنا. كذلك تُعتبر هذه الأطراف مفيدة بحجمها الكبير للبناء في الفضاء الخارجي. فيستطيع الباحثون استخدامها لصنع أجهزة تُلبس تتيح للإنسان رفع أغراض ثقيلة أو تُرسل لاستكشاف بيئة أعماق البحار. بإمكانها أيضاً إنجاز مهام عادية قد نظنها بسيطة، مثل رفع كرتونة ثقيلة تضم زجاجات حليب أو نقل عنقود عنب من دون سحقه.

تؤكد الباحثة أنهم سيعملون بعد ذلك على إنتاج أطراف تتناسب مع المقاييس البشرية.

تختم روس ضاحكة: «أود أن أصنع فيلاً أو ربما فيلاً صغيراً».

back to top