دبلوم الإبداع... إبداع

نشر في 27-01-2018
آخر تحديث 27-01-2018 | 00:03
 د. ياسر مصطفى يوسف قَالَ قَائِل لخلف: إِذا سَمِعت أَنا بالشعر أستحسنه فَمَا أبالي مَا قلت أَنْت فِيهِ وَأَصْحَابك، قَالَ خلف: إِذا أخذت درهماً فاستحسنته؛ فَقَالَ لَك الصراف: إِنَّه رديء، فَهَل ينفعك استحسانك إِيَّاه؟

ولا شك أن الثاني أمكن في الفن من الأول، وأرسخ قدماً في العلم، وما من أحد إلا ويهفو إلى تلك المنزلة، وتتطلع نفسه أن يبلغها، بيد أن دونها خرط القتاد، وليست لكلِّ أحدٍ تنقاد، ولا تسلم قيادها إلا لمن مرس الشعر، وخَبَرَهُ، وعرف مداخله ومخارجه.

وبهذه السبيل، ومن أجل خدمة للشعر أكثر، وفي غاية إعادة الهيبة والتقدير للشعر، وعدم اجتراء كل من هبَّ ودبَّ عليه، وأن يقول فيه من ليس بأهل لذلك، أقدمت أكاديمية البابطين للشعر العربي وبالتعاون مع أعلى أكاديمية شعرية في العالم (الأكاديمية العالمية للشعر في فيرونا بإيطاليا) على إقامة "دورة دبلوم الإبداع الشعري".

ومن يسمع كلمة "دورة" يَخَلْ أنها كالدورات التي نسمع عنها اليوم، ساعات قلائل وأيام معدودات، تتخللها بوفيهات واستراحات، ثم شهادة يفاخر بها صاحبها العالمين، ويزاحم أساتذته المدربين.

بل هي دورة بكل ما في الكلمة من معنى، ذات مستويين أول وثان، وكل مستوى يشتمل على أكثر من خمسين ساعة تعليم لا تدريب، وترى فيها الطلبة والطالبات (فيهم دكاترة ومن نال شهادة الماجستير قَبْلاً) قد امتشقوا أقلامهم وأعدوا كواغدهم، يكتبون ويقيدون ويحاورن ويناقشون، في صورة أعادت إلى الأذهان عهد التعليم القديم يوم كان الناس ناساً، كما يعبر د. محمود الطناحي، رحمه الله.

أما أشياخ هذه الدورة فعمالقة كبار، كلٌّ في فنه، على أنه لا يقل عن إخوانه في فنونهم، أما أولهم فأستاذنا العلامة الدكتور محمد حسان الطيان، وهو من هو في علمه ومعرفته وإتقانه، ويكفي أنه معرفة وهي لا تُعَرَّف.

وثانيهم أستاذنا الناقد البصير الدكتور سلطان الحريري الذي بصرنا بمواطن الجمال في الشعر قديمه وحديثه، وطوف بنا في دنيا الأدب بكل حكمة واقتدار، وثالثهم أستاذنا وصديقنا المِفنّ والخبير وخير مثال على تمكن الشباب الكويتي من كل فن، إنه الدكتور عبدالله غليس الذي حرك فينا المياه الراكدة وحقق نظريات كانت لدينا من المسلمات، أما الرابع فالدكتور عبدالمقصود الخولي الذي يجعل من النحو مادة سهلة مهلة، هينة لينة، غضة طرية.

فأية يد على العربية وآدابها إذاً تلك التي أسداها الدكتور عبدالعزيز سعود البابطين حفظه الله، لا شك أنها يد بيضاء، وهي إلى ذلك إنجاز يحسب للكويت الحبيبة عموماً، ولهذه الأكاديمية الغراء خصوصاً.

وأنا وزملائي وزميلاتي متطلعون لمتابعة الدورة وخوض غمار المستوى الثاني الذي سيفتتح بعد أيام، حتى نأخذ مواقعنا أمام أولئك الأعلام، والسلام.

back to top