الخضراوات الورقيّة... دماغك أصغر بـ11 سنة

نشر في 20-01-2018
آخر تحديث 20-01-2018 | 00:00
No Image Caption
أنظر إلى وعاء السلطة أمامك وفكّر: ماذا لو كان ينبوع الشباب هنا، هل ستعود إليه كلّ يوم؟
في بحثٍ يعطي معنى جديداً لعبارة «أيّام السلطة»، وجدت دراسة نُشرت أخيراً في مجلّة Neurology (علم الأعصاب) أنّ المسنين الذين يتناولون حصّة على الأقل من الخضراوات الورقيّة يومياً، يتمتّعون بمعدّل تراجع أبطأ في اختبارات الذاكرة والمهارات الفكريّة مقارنةً بمن يأكلون نادراً هذه الخضراوات أو لا يتناولونها أبداً.

بعد خمس سنوات تقريباً، تبيّن أنّ من يستهلكون خضراواتٍ مماثلة، كالكايل والسبانخ والملفوف وغيرها، يتمتّعون بحدّة عقليّة توازي 11 سنة في العمر. للتأكّد من هذا الموضوع، بدأت الطبقة العليا ممّن يتناولون خضراوات ورقيّة بتسجيل نتائج معرفيّة أعلى بقليل من الطبقة السفلى، وربّما هذه شهادة على قوّة أنماط الأكل في الحياة. لكن طوال الخمس سنوات هذه، اختلف نمط الشيخوخة بشكلٍ ملحوظ بين هاتين المجموعتين. فالمشاركون الذين يتناولون معدّل 1.3 حصّة تقريباً من الخضراوات الورقيّة في اليوم شهدوا في اختبار الأداء تراجعاً وصل إلى نصف حدّة ذاك الخاصّ بالمشاركين الذين شبه لا يتناولون هذه الخضراوات.

تشكّل هذه الاختلافات الصارخة دليلاً على ما أتى في السابق حتّى بعدما أخذ الباحثون بالحسبان مجموعة العوامل المعروفة بتأثيرها في الشيخوخة العقليّة، والتي تشمل العمر والجنس والعمل والرياضة والمشاركة بالأنشطة المعرفيّة والتدخين واستهلاك المأكولات البحريّة.

عوامل

لنفترض أنّك وجارك تبلغان 75 سنة من العمر وتشبهان بعضكما بعضاً بالأمور كلّها تقريباً: كلاكما أكمل المسار الدراسي ذاته وتتمشّيان بانتظامٍ معاً ولا تدخّنان. لكنّ الفرق أنّك تستمتع بتناول أكثر بقليل من وعاء خضراوات ورقيّة كلّ يوم، في حين أنّ صديقك بالكاد يلمسها. تتنبّأ هذه الدراسة طويلة الأمد بأنّ في عمر 75 تكون ذاكرتك ومهاراتك الفكريّة أقوى بقليل من تلك الخاصّة بجارك، وعلى مدار الخمس سنوات المقبلة يشهد الأخير تراجعاً أسرع بمرّتين منك فيها. عندما تبلغان 80 سنة من العمر، تظهر مجموعة من التمارين التي تختبر أنواعاً عدّة من الذاكرة، بالإضافة إلى سرعة تفكيرك ومرونته، أنّ عمرك العقلي نموذجٌ عن شخصٍ يبلغ 75 سنة، في حين أنّ أداء جارك في الاختبارات المعرفيّة ذاتها أشبه بشخصٍ يبلغ 86 عاماً.

تقول مارثا موريس، المؤلّفة الرئيسة للدارسة وطالبة في التغذية وصحّة الدماغ في كلّيّة الطبّ في جامعة «راش» في شيكاغو: «هذا أمرٌ شبه لا يُصدّق. عدم تناول هذه الخضراوات الورقيّة يرتبط بشكلٍ مستقل بالتراجع المعرفي البطيء، ما يخبرك بمدى احتواء هذه المجموعة الواحدة من الخضراوات على مغذّيات قد تكون وقائيّة للدماغ». حدّدت موريس وزملاؤها مجموعة صغيرة من مغذّياتٍ محدّدةٍ تبدو أنّها تقدّم منافع مضادّة للشيخوخة. تتميّز الخضراوات الورقيّة التي سُئل عنها المشاركون في الدراسة إجمالاً بغناها بالفيتامين E وحمض الفوليك والفيتامين K1 واللوتين والبيتا كاروتين. في حين أنّ البحث غير متّسقٍ، إلّا أنّه يشير إلى الدور الذي يؤدّيه بعض هذه المغذّيات أو كلّها في حماية الدماغ من الالتهاب وتراكم البروتينات السامّة (كالبيتا أميوليد) والضرر العصبي والموت.

أمّا بالنسبة إلى من يتجنّبون الخضراوات الورقيّة طوال حياتهم، فلا تظهر الدراسة أنّ اللجوء إلى سلطات الكايل والسبانخ في وقتٍ متأخّرٍ من الحياة يبقي الخرف بعيداً. لكنّ موريس تفكّر بالتغذية بالطريقة ذاتها التي تنظر بها إلى ممارسة الرياضة. وتشرح: «عقب تناولك الأطعمة الصحّية وممارستك الرياضة، تحصل على فوائد فوريّة كما على أخرى على المدى البعيد».

«الزر الفضي»

يقول الدكتور لون شنايدر، اختصاصي في الخرف في كلّيّة «كيك» للطبّ في جامعة جنوب كاليفورنيا، إنّ رغم الأفكار المهمّة التي تقدّمها هذه الدراسة الحديثة حول الدعم الذي توفّره المغذّيات في النظام الغذائي المتوسّطي للصحّة في الشيخوخة، فهي تشدّد أيضاً على تعقيد الخرف والشيخوخة المعرفيّة، بالإضافة إلى غياب «الزرّ الفضّي» للتصدّي لهما. ويتابع: «الخرف مرضٌ معقّد، كما هي الحال مع أمراض مزمنة عدّة.

من الواضح أنّها لا تنتج عن سببٍ واحدٍ وبالتأكيد ظهورها وحدّتها لا يعودان إلى سبب واحدٍ أيضاً. فيدلّ هذا على أهمّية البيئة من حولنا، والنظام الغذائي الذي نتّبعه».

back to top