العسعوسي: ندوة القرين تهدف إلى تحويل الثقافة إلى صناعة

«للثقافة دور في تهيئة المجتمع لمواجهة التغيرات المتسارعة في المحيط الإقليمي والعالم»

نشر في 16-01-2018
آخر تحديث 16-01-2018 | 00:04
عدد من الفائزين مع العسعوسي والدويش
عدد من الفائزين مع العسعوسي والدويش
انطلقت أمس فعاليات الندوة الرئيسة لمهرجان القرين الثقافي، بعنوان "اقتصاديات الثقافة العربية ودور الكويت الثقافي في تنمية المعرفة".
قال الأمين العام المساعد لقطاع الثقافة بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، محمد العسعوسي، إن حركة الهجرة النشيطة من المناطق المجاورة أثرت إيجابا في الحركة الثقافية الكويتية.

جاء ذلك في كلمة ألقاها العسعوسي، أمس، في كلمة افتتاح الندوة الرئيسة للدورة الـ24 من مهرجان القرين الثقافي بعنوان "اقتصاديات الثقافة العربية ودور الكويت الثقافي في تنمية المعرفة"، وتشمل خمس جلسات على مدى يومين.

وأضاف العسعوسي، الذي افتتح الندوة بالإنابة عن الأمين العام للمجلس علي اليوحة، أن الندوة تسلط الضوء على قضية مهمة جدا، وهي "اقتصاديات الثقافة".

وذكر أن عنوان الندوة يدعو إلى مناقشة موضوعات باتت أقرب للتهميش والإهمال، منها: التخطيط الاستراتيجي، والموازنة العامة، ومدى ملامستها للمتطلبات اليومية، وتحفيز القوى الفاعلة والمثقفة التي تساهم في إدارة شؤون الدولة، وتشجيع القطاع الخاص للمساهمة في القضية الثقافية، وتحويل الثقافة إلى صناعة وغيرها.

واعتبر أن الثقافة اليوم ليست مجرد مخصصات مالية تصرف على أنشطة وبرامج ترفيهية أو إقامة مهرجانات سنوية، بل هي جهد عقلي وقرار سياسي وموازنة مالية مدروسة تهدف إلى بناء مجتمع يمتلك القدرة على التفاعل مع تطور المسألة الثقافية على مستوى يتخطى حدود الدولة الوطنية.

وقال إن المطلوب من التخطيط الاستراتيجي الثقافي تحقيق الانسجام مع التطور الدولي في مجال دعم الثقافة، والذي أخذت فيه وكالات ومنظمات دولية وإقليمية المبادرة في تطوير وتقديم العون والمشورة لكثير من الدول، بفضل الجهد الإنساني المتراكم في عالم الثقافة الواسع.

وأضاف: "قدرنا في الكويت أن نكون منفتحين، بفضل حركة الهجرة النشطة من المناطق المجاورة، والتي بفضلها تشكلت الذهنية الكويتية التي وضعت المسألة الثقافية كعنوان بارز في مخاطبة الداخل والخارج، وكانت سياسة دولة بما تعنيه الكلمة من معنى".

الشح المالي

وبيَّن أنه "في أحوال الشح المالي تكاتف أبناء هذا البلد لبناء مجتمع متحضر، من خلال تشييد المدارس والأندية الثقافية والأدبية ودوائر الصحة والبلديات، وفي أوقات الرخاء قامت الدولة بدورها التنموي، كما هو مأمول، فعرف الكويتيون بأنهم أهل الثقافة والفن والمعرفة".

وأوضح أنه "من هذا المنطلق جاءت العناوين الجميلة التي عرفت بها الكويت، فمن المؤسسات ظهر المجلس الوطني للثقافة ودور السينما والمسارح، ومن المطبوعات الشهيرة مجلة العربي وسلاسل عالم المعرفة والمسرح العالمي وإبداعات عالمية والثقافة العالمية وعالم الفكر وجريدة فنون وغيرها".

وأكد أن ذلك كان ثمرة فهم واعٍ لمسألة الثقافة، ودورها في تهيئة المجتمع لمواجهة التغيرات المتسارعة في المحيط الإقليمي والعالم.

الثقافة العقلانية

من جهته، أشار المنسق العام للندوة د. محمد الرميحي، في كلمته، إلى أن الندوة تناقش موضوعا له أهمية قصوى في التطور الإنساني وفي المستقبل العربي وبدول الخليج.

وأكد أهمية الثقافة في التنمية بأي مجتمع، والمقصود الثقافة الحية والحديثة العقلانية القائمة على أسس علمية تقود إلى تنمية المجتمعات.

وذكر أن القضايا الثقافية تحمل في مكان ما العدائية والمعارضة، وفي مكان آخر تؤسس للانسجام النسبي، والأمر يعود إلى توظيف المجتمع للعناصر الثقافية السائدة من استخدام سلبي أو إيجابي.

وقال إن الثقافة لم تعد مجانية، بل إن صراعا دوليا يجري اليوم، حتى تكون الثقافة متاحة للجميع، مبينا أن هناك تشريعا يدرس في الاتحاد الأوروبي بأن تكون الأوراق العلمية الصادرة من مؤسسات الدول الأوروبية البحثية متاحة للجميع.

وأوضح أن هذا التشريع يواجه صعوبات حتى الآن، لأن المعرفة ثورة، كما يرى البعض، مشيرا إلى بعض المعوقات، منها انتشار وسائل التواصل الحديثة، التي تفرض على الجيل أن يستغني عن القراءة الجادة والكتاب المفيد ببضعة أسطر، وتقلل من التواصل الإنساني الطبيعي، واستبداله للحديث مع الأجهزة أو من خلالها.

عصب التنمية

وجاءت الجلسة الأولى من الندوة بعنوان "الثقافة والاقتصاد في الدول العربية بين القطاع العام والخاص"، وأدارها د. حمد الضوياني من سلطنة عمان، وتحدث فيها د. فهد الحارثي من السعودية، ود. هيثم الحاج من مصر، وفالح الهاجري من قطر.

وبيَّن الحارثي أن الاقتصاد هو عصب التنمية وعمودها الرئيس، وفي المقابل، فإنه من الصعب الحديث عن الثقافة بعيدا عن مشروع التنمية، وبالتالي بمعزل عن الاقتصاد، فقدر الثقافة خدمة التنمية.

من جهته، قال د. الحاج إن الدساتير العربية تؤكد في نصوصها التي تتعلق بالثقافة فكرة نبيلة في جوهرها، فحواها أن الثقافة خدمة تحتاج إلى كامل رعاية الدول والأنظمة.

بدوره، قال الهاجري إن العديد من البلدان العربية شهدت في السنوات الأخيرة توجها لافتا نحو تنويع مصادرها الاقتصادية، والدفع قدما بفكرة الاقتصادات البديلة، في ظل تراجع جدوى الاعتماد الكامل على المصادر الطبيعية للاقتصاد التقليدي.

جائزة عيسى صقر

ومن جانب آخر، افتتح الأمين العام المساعد لقطاع الفنون في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب د. بدر الدويش، والأمين المساعد لقطاع الثقافة في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب محمد العسعوسي معرض "القرين التشكيلي" في قاعتي الفنون وأحمد العدواني بضاحية عبدالله السالم، الذي يقام ضمن فعاليات معرض القرين الثقافي في دورته الـ24.

وكان حفل الافتتاح انطلق من خلال جولة قام بها د. الدويش والعسعوسي في المعرض، واطلعا فيها على أعمال الفنانين المشاركين. وبعد جولته وعلى هامش المعرض، قال د. الدويش: "يعد معرض القرين أحد المعارض المهمة، وشارك فيه تقريبا 78 فنانا بـ124 لوحة ومنحوتة".

وأكد أهمية هذا المعرض، حيث إنه المعني باكتشاف المواهب، وهو أحد المنطلقات الخمسة في استراتيجية المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، من خلال التعرف على أعمال الرواد والتكنيات الموجودة، مشيرا الى أن هذا المعرض يحقق أهداف المجلس الوطني.

بعد ذلك، أعلن أسماء 10 فنانين فازوا بجائزة عيسى صقر الإبداعية، وهي جائزة توزع سنويا من خلال لجنة تحكيم تقوم باختيار الاعمال الفنية الفائزة بالجائزة. والفائزون بالجائزة هذا العام هم: جابر أحمد مختار، فواز الدويش، نواف الأرملي، إيمان المسلم، جاسم العمر، بدر فاضل علم دار، نواف الحملي، عبدالله الجيران، أحمد القصار، هاشم الشماع.

مدارس متنوعة

"الجريدة" جالت المعرض بعد إعلان الفائزين، والتقت مجموعة من الفنانين الفائزين والمشاركين لتتعرف على أعمالهم، وكانت البداية مع الفنان التشكيلي إبراهيم إسماعيل، الذي شارك بلوحتين يتراوح قياس الواحدة 60X120 سم، مستخدما مواد متنوعة، مشيرا الى أنها تجربته الأولى في تغيير أسلوبه الذي اتبعه في أعماله السابقة.

وقالت الفنانة ثريا البقصمي إنها شاركت بلوحتين، الأولى ذات طابع رمزي، حيث رسمت طائرا يعطي بشائر "حلوة"، أما الثانية فمثلت امرأة في حالة انتظار.

من جانبه، ذكر الفنان التشكيلي أحمد القصار أنه شارك بلوحتين، ومجسم من الخشب، تجسدان آثار فيلكا، لكن بأسلوب عصري فني، استخدم فيه خامات متعددة وألوانا زيتية، وإكريليك. واضاف القصار أنه تكلم عن فيلكا القديمة والحديثة باستخدام مخيلته وكتب التاريخ، مبينا أن المجسم يجسد لفظ الجلالة بالخط السنبلي. بدوره، قال الفنان فواز الدويش إنه شارك بعمل قسم إلى ثماني قطع يعتبر كنوع من العمل الجداري، مستخدما تكنيكات خزفية.

أما الفنانة إيمان المسلم فقالت إنها قدمت عملين بعنوان "بين وبين"، واستخدمت فيه ألوان الإكريليك على قماش، مع بعض المواد المختلفة في بعض مساحات العمل الفني.

وأشارت المسلم إلى أن اللوحتين تتكلمان عن وسائل التواصل الاجتماعي، مضيفة أنها طرحت الموضوع من أكثر من زاوية وجانب في هذه القضية، واستخدمت تدرجا في الألوان.

وذكر الفنان نواف الأرملي انه شارك بعمل يمثل حروفيات قام بتناولها بشكل تجريدي. بدوره، قال الفنان جاسم العمر انه شارك بلوحتين تمثلان تراث الكويتي القديم، وخصوصا بيئة الأسواق القديمة، والبيئة البحرية التي تحتوي على السفن الخشبية القديمة.

الجلسة الأولى ناقشت العلاقة بين الثقافة والاقتصاد في الدول العربية
back to top