«حماس» و«الجهاد» ومقاطعة رام الله!

نشر في 15-01-2018
آخر تحديث 15-01-2018 | 00:20
 صالح القلاب حتى لو أقسمنا بأغلظ الأيمان، فإن قرار حركتي حماس والجهاد الإسلامي بمقاطعة اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني -وهو أهم وأعلى محطة قرارات فلسطينية بعد المجلس الوطني- الذي انعقد، أمس، لمناقشة واحدة من أهم القضايا الفلسطينية, لا يمكن إلا أن يكون قراراً إيرانياً ساندته وشاركت فيه دولة عربية، والمثل يقول: "قل لي من هو صديقك ووليُّ نعمتك أقل لك من هو عدوك". والمعروف أن إيران هي صديق حركة الجهاد وحركة المقاومة الإسلامية، لذلك فهي عدو حركة فتح ومنظمة التحرير، فصديق عدوي عدوي، وصديق صديقي صديقي، وهذا هو واقع الحالة الفلسطينية.

ثم إن هناك مثلاً آخر يقول: "أطعم الفم تستحي العين"، ولذلك، ومادام تمويل حركتي حماس والجهاد الإسلامي هو تمويل إيراني، بالدرجة الأولى، وهذا معروف ومعلن وتلهج به ألسنة قادة هاتين الحركتين اللتين تدعيان أنهما فلسطينيتان، و"بالشكر تدوم النعم" و(لئن شكرتم لأزيدنكم)؛ فإنه لا يمكن إلا أن يكون قرار مقاطعة اجتماع المجلس المركزي إيرانياً، وأغلب الظن من مرشد الثورة علي خامنئي شخصياً، الذي لا قرار على هذا المستوى إلا قراره!

لقد كان بإمكان هاتين الحركتين حضور اجتماع المجلس المركزي، الذي يعتبر حضوره قضية وطنية عليا، لأنه سيناقش ذلك القرار التآمري الأهوج الذي اتخذه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والمفترض أنه سيتخذ موقفاً وجودياً وحاسماً من مسألة الاعتراف الفلسطيني السابق بإسرائيل، أو تجاه تنسيق السلطة الفلسطينية الأمني مع الإسرائيليين، وهنا كان بإمكان "حماس" و"الجهاد الإسلامي" حضور هذا الاجتماع والمشاركة في مناقشاته وقول رأيهما والتصويت بالاعتراض والرفض على ما لا ينسجم مع موقفيهما ولا يتفق مع مواقف وسياسات ولي نعمتيهما إيران.

من المعروف أن هاتين الحركتين بقيتا ترفضان الالتحاق بمنظمة التحرير الفلسطينية، التي هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وحاضنة كفاحه الوطني، وإطاره الوحدوي المعترف به فلسطينياً وعربياً ودولياً، وذلك رغم مرور عشرات الأعوام على ظهورهما المتأخر جداً في الساحة الفلسطينية، وهذا يعني أنهما ليستا حركتين فلسطينيتين، وأن انتماءهما التنظيمي والسياسي وكل شيء هو لولي نعمتيهما، الذي هو في هذه الحالة إيران الخمينية والخامنئية، وكان سابقاً العقيد القذافي وجماهيريته البائسة التي كانت تشكل "تدرُّناً" مرضياً في هذه الدولة العربية التي لا يمكن إلا أن تكون عربية.

والسؤال أخيراً هو: إذا كانت هذه القضايا، التي انعقد المجلس المركزي لمناقشتها، واتخاذ قرار مصيري بشأنها لا تهم لا "حماس" ولا "الجهاد" شريكتها في الولاء الأعمى لولي نعمتيهما إيران، فما الذي يهمهما يا ترى؟! هل هو إسناد التنظيمات المذهبية التي تخوض حرباً ظالمة ضد المعارضة السورية والشعب السوري؟ أم هو إسناد المجموعات الإرهابية "الإخوانية" التي تواصل استهداف مصر في العمق، ومعها بعض الدول العربية المتوترة العلاقات مع الإخوان المسلمين الذين كانوا أعلنوا عن أنفسهم في عام 1928 بمباركة بريطانية؟!

back to top