رائحة قميص شريككِ... كيف تحارب توتّركِ؟

نشر في 13-01-2018
آخر تحديث 13-01-2018 | 00:00
No Image Caption
تجيب دراسة حديثة من جامعة «بريتيش كولومبيا» في كندا عن هذا السؤال القديم: «لماذا تنام النساء وهنّ يرتدين قميص شريكهنّ؟». يبدو أنّ هذه الطريقة ترتبط بتخفيف التوتّر.
تقول إحدى النساء: «عندما يكون زوجي غائباً، أسرق من خزانته قميصاً وأرتديه في المنزل أو في رحلة التسوّق الأسبوعيّة. ويعود السبب إلى اشتياقي إليه أكثر ممّا هو إعجابي بذوقه في الثياب، الذي يحتاج إلى بعض التعديلات، كما أعتقد».

تشير دراسة حديثة أجرتها جامعة «بريتيش كولومبيا» في فانكوفر – كندا إلى وجود سببٍ خفيٍّ وراء هذا الإلزام الذي تعيشه هذه المرأة، كما غيرها من نساء، من دون أن تدركه بوعيها. فرائحة الشريك تحمل تأثيرات مهدّئة للمرأة، في حين أنّ رائحة الغرباء تحفّز الإشارة المعاكسة في الدماغ. وتشرح مارليز هوفر، المؤلّفة الرئيسة لهذه الدراسة ودكتورة في قسم علم النفس: «ترتدي نساءٌ كثيرات قميص شريكهنّ أو ينمن على جهته من السرير عندما يكون غائباً، من دون أن يدركن بالضرورة السبب وراء ذلك». وتتابع: «تشير النتائج التي توصّلنا إليها إلى أنّ رائحة الشريك وحدها، حتّى من دون حضوره الفعلي، كافية لتشكّل أداةً قويّة تساعد في تخفيف التوتّر».

نذكر أنّ نتائج الباحثين نُشرت في Journal of Personality and Social Psychology (مجلّة الشخصيّة وعلم النفس الاجتماعي).

رائحة الراحة

عملت الدكتورة هوفر وفريقها مع 96 ثنائيّاً متزوّجاً. طُلب من الرجال ارتداء قميص نظيف ليوم وعدم استخدام مزيلٍ للعرق، أو مستحضرات معطّرة، أو التدخين، أو تناول أطعمة تؤثّر في رائحة الجسم. بعد 24 ساعة، جمّدت قمصان الرجال للتأكّد من التصاق الرائحة عليها.

في الخطوة التالية من الدراسة، طلب من النساء أن يشممن عشوائيّاً إمّا قميصاً لم يلبسه أحدٌ من قبل، أو القميص الذي ارتداه أزواجهنّ، أو قميصاً لرجل غريب. لم تعلم أيّة امرأةٍ أيّ قميصٍ اختير لها لتشمّه.

ولرفع مستوى التوتّر لدى المشاركات، خضعن لمقابلة وهميّة طُلب إليهنّ خلالها حلّ مسألة رياضيّات. ولقياس مستويات توتّرهنّ فعلاً، سُئلن عن شعورهنّ بالإجهاد، كذلك أخذت عيّنات من لعابهنّ لمعرفة كثافة الكورتيزول فيه، وهو هرمون يفرزه الجسم عندما يتعرّض لعوامل التوتّر.

يشرح الباحثون أنّهم طلبوا من النساء إجراء اختبار الشمّ هذا بدلاً من الرجال لأنهن يتمتّعن بحاسّة شمّ أقوى. وتؤكّد دراسة سابقة هذه النقطة: يتضاعف عدد الخلايا العصبيّة المرتبطة بالرائحة في دماغ النساء مقارنةً بالرجال.

وجدت الدكتورة هوفر وفريقها أنّ النساء اللواتي شممن قميص شريكهنّ أظهرن انخفاض مستويات التوتّر المصوّرة، سواء قبل اختبارات التوتّر (الإجهاد المتوقّع) أو في عواقبها (الانتعاش من الإجهاد).

بالإضافة إلى هذا، أظهرت اللواتي ميّزن قميص شريكهنّ بشكلٍ صحيح انخفاض مستويات الكورتيزول لديهنّ، ما يشير، بحسب العلماء، إلى أنّ الجمع الواعي بين رائحة الحبيب وبين صورته يحمل مزيداً من الآثار المهدّئة. في الوقت ذاته، ارتفعت مستويات هرمون التوتّر لدى من شممن قميص رجلٍ غريب، ما دفع بالدكتورة هوفر وفريقها إلى افتراض أنّ السبب ينصبّ في آليّةٍ مدمجةٍ فينا عن الحفاظ على الذات. توضح هوفر: «منذ الصغر يخاف البشر من الغرباء، خصوصاً إذا كانوا رجالاً، إذاً من الممكن أن تحفّز رائحة رجلٍ غريبٍ ردّ فعل «قاتل أو اهرب» الذي يؤدّي إلى ارتفاع مستويات الكورتيزول. يحدث هذا الأمر أحياناً من دون إدراكنا إيّاه بالكامل».

تقول فرانسيس تشين، مؤلّفة الدراسة الكبرى، إنّ هذه النتائج مفيدة للزوجين المتحابّين المضطرّين إلى مواجهة التوتّر الناتج عن انفصالٍ مؤقّتٍ بسبب رحلات العمل أو عوامل أخرى خارجة عن سيطرتهما. في النهاية، تقدّم تشين هذه النصيحة: «مع وجود العولمة، تزداد نسبة المسافرين بسبب العمل والانتقال إلى مدنٍ جديدة. لكنّ دراستنا تؤكّد أنّ أمراً بسيطاً، مثل أخذ قطعة ملابس ارتداها زوجك، كافية لمساعدتك في تخفيض مستويات التوتّر لديك عندما يكون إحداكما بعيداً عن المنزل».

back to top