إيران... القادم أعظم!

نشر في 12-01-2018
آخر تحديث 12-01-2018 | 00:24
 صالح القلاب معزوفة قديمة ومكررة أن يتهم المرشد الإيراني علي خامنئي أطرافاً خارجية، في مقدمتها كما ادعى الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية، بالوقوف وراء الاضطرابات الأخيرة التي شهدتها بلاده، والتي ستتجدد حتماً مادام الرئيس حسن روحاني اعترف بأن سببين وراء هذه الاضطرابات، الأول يعود لتردي الأوضاع الاقتصادية، والثاني سياسي يتمثل في القهر وغياب الحريات العامة وتسلط حراس الثورة بالقمع البدائي على الناس، الذين لم يعودوا قادرين على المزيد من الاحتمال والسكوت.

في نهايات فبراير 1979، أي بعد الثورة الخمينية بأقل من أسبوعين، كنت ضمن وفد على رأسه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (أبو عمار)، وضم الرئيس الحالي محمود عباس (أبو مازن) وهاني الحسن وآخرين، ونُظمت لبعضنا زيارة لسجن "إيفين"، الشهير سابقاً ولاحقاً، وهناك انبرى مرافقونا لإظهار كم من الويلات شهدت زنازين هذا السجن وساحاته على أيدي مخابرات الشاه محمد رضا بهلوي، وبالطبع فإن هؤلاء وعدونا كما وعدوا الشعب الإيراني، الذي يعض الآن على أصابعه ندماً على ما جرى وما حدث، وعلى إطاحة نظام بات يعتبر بعد كل هذه السنوات من حكم آيات الله، بأن هذا السجن سيتحول إلى "منتزه" للأطفال الإيرانيين.

لقد ذكر مرافقونا رقماً فلكياً لنزلاء "إيفين" في عهد الشاه محمد رضا بهلوي، وازداد هذا الرقم إلى أضعاف مضاعفة حسب التقارير الدولية التي بقيت تصدر من طهران خلال سنوات عهد هذه الثورة، التي كان الأمل أن تتحول إلى نعمة للإيرانيين، وشعوب دول الجوار العربي، لكنها تحولت إلى نقمة، وتحول هذا السجن، الذي وعدوا بأنه سيصبح حديقة أطفال، إلى مسلخ بشري أكثر وحشية بألف مرة مما كان عليه سابقاً قبل ثورة فبراير 1979.

إن هذه مسألة يعرفها الإيرانيون كلهم، وتعرفها منظمات حقوق الإنسان في الكرة الأرضية بأسرها، أما المسألة الأخرى فهي حكاية "الجهات الخارجية"، التي قال مرشد الثورة إنها هي التي وقفت وراء تحريك هذه الاضطرابات، وحقيقة إن هذا عذر أقبح من ذنب، وإن ذريعة "القوى الأجنبية"، التي حركت شعوباً كثيرة ضد أنظمتها القمعية والاستبدادية، استخدمها الجلاوزة والسفاحون في دول كثيرة في الكرة الأرضية، وثبت بالتجارب ومع الوقت أنها بضاعة فاسدة، وأنها تحولت إلى مقدمات لانتفاضات الشعوب التي انتزعت حرياتها حتى بالثورات وبالسلاح.

وهكذا فإن على "المرشد" علي خامنئي أن يدرك ويعرف أن هذه الحجة غدت كذبة مكشوفة، ليس في إيران وحدها، وإنما في دول العالم الثالث بأسرها، وفي رياح الأرض الأربع، وعليه أن يهيئ نفسه لثورة حقيقية لن يكون سلاحها هذه المرة الهتافات والمسيرات الشعبية والاحتجاجات السلمية، وإنما الرصاص والمتفجرات والقنابل وحروب "العصابات"... وإن غداً لناظره قريب... وإن القادم سيكون أعظم!

back to top