هل تحتاج إلى المضادّات الحيويّة؟

نشر في 11-01-2018
آخر تحديث 11-01-2018 | 00:00
No Image Caption
في ظلّ الحملة ضدّ المضادات الحيويّة التي تتصدّر العناوين، ما هي أفضل طريقة لتضمن تمتّعك بصحّة جيّدة هذا الشتاء؟
هل تتخيّل عالماً من دون مضادّات حيويّة؟ ربما يكلّفك جرح صغير حياتك، وتكون الجراحة احتمالاً مرعباً، والإنجاب الآمن جزءاً من الماضي.

في الحقيقة، تعتبر مقاومة المضادّات الحيويّة أمراً خطيراً للغاية لدرجة أنّ الخبراء يقدّرون أن تتسبّب المشكلة بحلول عام 2050 بموت عشرة ملايين شخص سنوياً. فكيف تستطيع حماية صحّتك من دون الإسهام في التهديد الذي تشكّله مقاومة المضادّات الحيويّة في الشتاء، موسم الإنفلوانزا؟

أسهم انتشار استخدام المضادات الحيويّة، بما فيها في الزراعة، في الأزمة العالميّة التي نواجهها اليوم. عام 2015، حذّر المعهد الوطني للصحّة وتفوّق الرعاية في المملكة المتّحدة من وجود عشرة ملايين وصفة طبية غير ضروريّة بمضادّات حيويّة تُعطى سنوياً. لكنّ الميكروبات بحدّ ذاتها أسهمت أيضاً في تفاقم الوضع. يفسّر الخبراء أنّ البكتيريا ذكيّة جدّاً، فهي تريد البقاء على قيد الحياة، لذا تصنع لذاتها قشرة وقائيّة تمنع المضادات الحيويّة من الوصول إليها. وتستطيع حتّى أن تضخّها من جديد لتبطل عملها. بهذه الطريقة، تتحوّل إلى مقاومة للمضادات الحيويّة وتنقل هذه الميزة إلى الجيل الجديد منها، ما يفقد المضادات فاعليّتها.

لذا هل يجب استخدام المضادات الحيويّة لعدوى فصل الشتاء؟ أوّلاً، يستحسن تسليط الضوء على بعض الحقائق.

حقائق

تعمل المضادات الحيويّة على البكتيريا فحسب، فتحدث خللاً في جدار الخلايا أو تمنعها من التكاثر والنمو. لكنّ معظم التهابات الجهاز التنفّسي الحادّة فيروسيّ، واللغط واردٌ نظراً إلى أنّ العدوى الفيروسيّة قد تتحوّل إلى بكتيريّة. يواجه الطبيب غالباً صعوبة في تحديد احتمال ورود هذا الأمر ومتى، في ظل غياب أية علامات جسديّة أو أعراض واضحة، فيصف مضاداً حيويّاً، تحسّباً.

ازدادت المشكلة تعقيداً بعد تقرير حديث نشرته British Medical Journal (مجلّة الطبّ البريطانيّة) جاء فيه أنّه على عكس النصائح السابقة، يزيد إتمام دورة من المضادات الحيويّة وفق وصفة طبية خطر الإصابة بمقاومتها، بدلاً من التوقّف عنها ما إن تشعر بتحسّن. في حين لا يزال الخبراء يبحثون عن تأكيد صحّة هذا الموضوع، يُفضّل مناقشة الأمر وتوضيحه مسبقاً مع الطبيب لمعرفة ما عليك فعله.

يؤثّر نوع العدوى وحدّتها في مدّة استجابتها للعلاج، فعدوى الجهاز البولي مثلاً تحتاج إلى ثلاثة أيّام للاستجابة. لذا يعتبر الخبراء أنّ الخيار الأكثر أماناً يكمن في اتّباع توجيهات طبيبك والاستمرار في تناول المضاد الحيوي تبعاً للوصفة الطبية. فالعدوى التي لا تُعالج كما يجب تعود لتنتقم.

أطلقت وكالة الصحّة العامّة في إنكلترّا حملة لكلّ شخص قلق بشأن مقاومة المضادات الحيويّة لتشجّع المواطنين على المشاركة في المعركة ضدّها من خلال علاج أعراض البرد أو الإنفلونزا مدّة خمسة أيّام قبل زيارة الطبيب، أو شراء دواء لا يحتاج إلى وصفة طبّيّة، أو إعادة المضادات الحيويّة التي لم تستخدمها إلى الصيدليّة للتخلّص منها بطريقة آمنة (لأنّ الأدوية التي تدخل في البيئة تزيد أحياناً المقاومة).

كذلك تسلّحك خياراتك السليمة في نمط حياتك ضدّ الإصابة بأمراض فصل الشتاء. ينصحك الأطبّاء، إلى جانب الوعي حول الجراثيم وغسل اليدين باستمرار، باتّباع حمية غذائيّة غنيّة بالفاكهة والخضراوات. تشمل الأصناف المفيدة للجهاز المناعي العائلة الكرنبيّة، كالبروكولي والملفوف والزهرة، وتلك برتقاليّة اللون، كاليقطين والبطاطا الحلوة والجزر. كذلك تحتوي مأكولات عدّة على خصائص قويّة مضادّة للميكروبات، كالأعشاب والتوابل (الثوم والزنجبيل والفلفل الحارّ والكركم) المليئة بمضادات الالتهاب والكيماويّات النباتيّة ومضادات الأكسدة الداعمة للجهاز المناعي. تستطيع المرّكبات الموجودة في الثوم قتل الكائنات المجهريّة المسؤولة عن بعض الأمراض الأكثر شيوعاً. لا يُعرف الأليسين بكونه مركّباً مضاداً للبكتيريا فحسب، بل يتميّز أيضاً بنشاطه المضاد للفيروسات، وهذا هو السبب الذي يدفعه إلى تهدئة الإنفلوانزا.

بالإضافة إلى هذا، تبيّن أنّ مستخلص ورق الزيتون فاعلٌ ضدّ أمراض الشتاء. بفضل احتوائه على ضعف نسبة مضادات الأكسدة الموجودة في الشاي الأخضر، يعتبر العنصر النشيط فيه، الأوروبين، مضاداً حيويّاً وفيروسيّاً وفطريّاً وبكتيريّاً، ما يجعل تناوله مثاليّاً خلال فصل الشتاء لتجنّب السعال ونزلات البرد.

تشمل الاستراتيجيّات الوقائيّة المفيدة لك: تخفيف التوتّر، والحصول على قسط كاف من النوم، وتناول مكمّلات الفيتامينين C وD والزنك. للحصول على مساعدة مناعيّة أقوى، ثمّة إجراءات إضافيّة يمكنك اتّخاذها.

صيدليتك الشاملة

• مضادّ حيوي طبيعي جديد:

يشير بحث حديث مثير للاهتمام إلى أنّ البكتيريا الحيّة المفيدة قد تكون سلاحاً قويّاً في المعركة ضدّ المرض، مع دراسات تؤكّد أهمّيّتها في شفاء الحروق والجروح. بالإضافة إلى هذا، يكمن جزء كبير من جهازك المناعي في أمعائك، لذا يُعتبر الحفاظ عليها بصحّة جيّدة أمراً أساسيّاً للبقاء بحالة سليمة. اختر مكمّلات غذائيّة مصنوعة من الماء تحتوي على أربع سلالات من البكتيريا الحيّة والنشيطة وتغيّر درجة الحموضة في البيئة المحيطة بها مباشرةً وتشكّل مكوّنات ثانويّة تمنع نموّ البكتيريا المسبّبة للأمراض. أخيراً، وجدت دراسات جامعة «كوليدج لندن» أنّ مكمّلاً كهذا فاعل ضدّ التهاب القولون الغشائي الكاذب والإشريكيّة القولونيّة والعنقوديّات الذهبيّة المقاومة للمثيسلين، وأُثبتت فاعليّته طبياً في السيطرة على أعراض متلازمة القولون المتهيّج.

• علاج الإنفلونزا بالأعشاب:

تعتبر عشبة Andrographis paniculata المرّة إحدى أقوى المكمّلات المتوافرة في طبّ الأيورفيدا الطبيعي، ويعود أصلها إلى الهند وسري لانكا وتتميّز بلائحة مؤهّلات مثيرة للإعجاب. وجد استعراض منهجيّ فيAsian Pacific Journal of Tropical Diseases (مجلّة آسيا والمحيط الهادئ للأمراض الاستوائيّة) أنّ هذه العشبة مضادّة للميكروبات والالتهاب والسكّري والأكسدة، وهذه ليست سوى بعض فوائدها. تحفّز الجهاز المناعي عبر تعزيز إنتاج الأجسام المضادّة، وتحسين الاستجابة المناعيّة المحدّدة وغير المحدّدة وإعطاء الأخيرة القدرة على تخفيف حدّة العدوى وتقليص مدّتها. كذلك هي مضادّة بامتياز للبكتيريا وقد أثبتت فاعليّتها للوقاية من الإنفلونزا والتهابات الجهاز التنفّسي العلوي وعلاجها.

• الحامي في فصل الشتاء:

تبيّن أنّ القنفذيّة هي النبتة التي يجب اللجوء إليها لشفاء أمراض فصل الشتاء لأنّها تزيد عدد خلايا الدم البيضاء التي تهاجم العدوى وتعزّز نشاطها. حسب الخبراء، تشير دراسةٌ جديدةٌ نُشرت في مجلّة Viral Research (البحوث الفيروسيّة) إلى أنّ القنفذيّة تمنع البكتيريا من الالتصاق بالأغشية المخاطيّة، ما يخفّف الالتهابات البكتيريّة الثانويّة وبالتالي الحاجة إلى المضادّات الحيويّة. ويضيف الخبراء أنّ هذه النبتة تتميّز بنشاط قويّ مضادّ للفيروسات، خصوصاً إذا استخدمت المستخلص الطازج من الجزء الهوائي منها، وتخفّف الإنتاج المفرط للمواد الكيماويّة الالتهابيّة في الجسم، من ثم تقلّ حدّة الأعراض.

عشبة القنفذيّة تحارب أمراض الشتاء

البكتيريا الحيّة المفيدة سلاح قويّ في المعركة ضدّ الأمراض
back to top