Phantom Thread إبداع غامض

نشر في 11-01-2018
آخر تحديث 11-01-2018 | 00:00
تشكّل قصة بول توماس أندرسون الرومانسية المحيرة Phantom Thread لغزاً، فهي لا تدور حول جريمة بل حول مسائل القلب، طارحةً أسئلة عن الحب، والقوة، والخضوع.
مَن المسيطر في الحب؟ من المستحيل عموماً الإجابة عن هذا السؤال. لذلك يبدو فيلم Phantom Thread أشبه بأحجية تولدّ فيك خليطاً من الاستياء والمتعة في وقت واحد. ولا تنكشف الصورة كاملةً إلا في النهاية، مقدّمةً وقائع تعكس الحقيقة المُرة التي ترافق الضعف.

يؤكد النجم دانيال داي لويس أنه يعتزم الاعتزال بعد هذا العمل (ولكن علينا أن ننتظر لنرى). في عمله الجديد مع بول توماس أندرسون، يقدّم أداء متبدلاً في دور صانع أزياء عبقري في لندن عام 1950. لكن المصطلح «صانع أزياء» لا يوفي ما يبدعه رينولدز وودكوك حقه، فهو يبتكر أزياء محاكة باليد للأغنياء والطبقة الملكية.

نساء

يعيش وودكوك ويعمل وسط النساء، مشرفاً على مجموعة من الخياطات في منزله. أما شريكته في هذه المهنة وصديقته المقربة، أخته سيريل، فتؤديها ليسلي مانفيل المميزة بشخصيتها الفولاذية وتسريحة شعرها المتقنة. يظن المشاهد أنها الأقوى والأكثر حزماً بين الأخوين رغم المظاهر. فلا أحد يطلب من رينولدز أن يصمت بأناقة على غرارها.

يروح رينولدز يبحث عن صديقة جديدة، عن عارضته وملهمته الحية التالية. فيعثر عليها في نادلة من طبقة متواضعة تعمل في مطعم أحد المنتجعات على شاطئ البحر.

يطلب رينولدز الفطور بالطريقة الأكثر إيحاء وانحطاطاً، طريقة تشكّل بحد ذاتها محاولة إغراء. في المقابل، تبدو ألما (فيكي كريبس) فتاة ساذجة مرحة. ولكن على غرار غلاف من الحرير الفاخر، يدرك رينولدز ما يستطيع تحويلها إليه، بعد تفصيلها، وقصها، وخياطتها لتغدو المرأة المثالية. إلا أنه لا يعي أن هذا الوجه الذي يبدو طيّعاً يخفي وراءه قوة تفوق ما يراه.

عندما نكتفي بوصف وقائع هذه القصة، نسلبها بريقها ولا نقترب حتى من التعبير عن السحر المثير، والغامض، والحسي الذي يضفيه أندرسون على Phantom Thread.

مسافة كبيرة

على غرار رينولدز، يحافظ الفيلم على مسافة كبيرة بينك وبينه ويبقيك بعيداً، ومرتاباً، وغير مستقر. ولكن سرعان ما تتجلى قوة ألما الكبيرة، فنرضخ طوعاً لإرادتها. وهكذا تدخل صالة السينما متوقعاً أن تشاهد فيلماً لدانيال داي لويس، إلا أنك تخرج وأنت مقتنع بأن هذا فيلم لفيكي كريبس. ولا ضرر في ذلك لأن هذه الممثلة من لوكسمبورغ تأخذك على حين غرة وتنقلك إلى عالم آخر.

تعشق Phantom Thread أكثر عندما تشاهده للمرة الثانية لأنك تدرك الاتجاه الذي يسلكه. وهكذا يسهل عليك الغوص في هذا العالم الفاخر، والضحك خلال لحظاته المرحة العابرة. وبدل أن تشعر بالانزعاج، تستطيع تأمل بإعجاب دوامة الفوضى والسيطرة النفسية، التي تعكسها بإتقان موسيقى جوني غرينوود، التي تمزج بين مقطوعات كلاسيكية ومؤلفاته الخاصة لتولّد إحساساً باضطراب ممتع.

تعشق Phantom Thread أكثر عندما تشاهده للمرة الثانية
back to top