إيران: «الباسيج» يُسيِّر أول دوريات ليلية منذ 25 عاماً

النواب الإصلاحيون والأصوليون يتبادلون الاتهامات و«الحرس» يحتفي بـ «النصر على الأجانب»

نشر في 08-01-2018
آخر تحديث 08-01-2018 | 00:04
إيرانيتان تمران أمام جدارية في طهران أمس (أ ف ب)
إيرانيتان تمران أمام جدارية في طهران أمس (أ ف ب)
سيَّرت «الباسيج» دوريات تمشيط ليلية بجميع أرجاء إيران لأول مرة منذ 25 عاماً، في محاولة لإخماد حركة الاحتجاجات الشعبية التي انتقلت حدتها أمس من غرب البلاد إلى شرقها، وفي حين احتفى الحرس الثوري بـ «إخماد اضطرابات حركها الأعداء الأجانب» تبادل نواب مجلس الشورى الاتهامات بجلسة عاصفة.
في خطوة هي الأولى من نوعها منذ 25 عاماً، سيرت ميليشيات التعبئة الشعبية (الباسيج) دوريات تمشيط ليلية في جميع أرجاء إيران، مساء أمس الأول، مع تواصل حالة التوتر والاحتقان بين أنصار النظام وحركة الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت الخميس قبل الماضي.

وأكد أحد مساعدي قائد «الباسيج» لـ»الجريدة»، أن الميليشيات الشعبية تحضر لنشر قواتها في شوارع وأزقة مختلف المدن والقرى لتمشيطها وللحيلولة دون تنظيم احتجاجات معارضة خلال الليل.

وأعلن قائد لواء تأمين مدينة طهران التابع لـ»الحرس الثوري»، محمد رضا يزدي، أن الحرس طلب من «الباسيج» تسيير دوريات ليلية لتأمين أحياء وشوارع العاصمة.

الحرس الثوري

واحتفى «الحرس» أمس بـ«وأد الاحتجاجات» التي أثارها «أعداء أجانب» متجاهلا اندلاع التظاهرات للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية ومواجهة الفساد قبل أن تطالب بإسقاط النظام.

وجاء في بيان لـ«الحرس» أن «الحرس الثوري وعشرات الآلاف من قوات الباسيج والشرطة ووزارة الاستخبارات كسروا سلسلة الاضطرابات التي صنعتها الولايات المتحدة وبريطانيا والنظام الصهيوني والسعودية والمنافقون (مجاهدي خلق) ومؤيدو الملكية (أنصار الشاه)».

كر وفر وانشقاق

ولليوم الحادي عشر على التوالي استمرت الاحتجاجات المعارضة للنظام بالخروج إلى الشوارع على الرغم من أن أنصار النظام نزلوا بأعداد كبيرة إلى الشوارع لليوم الخامس على التوالي وسط انتشار أمني كثيف.

وقام المعارضون باستخدام لعبة الكر والفر مع العناصر الأمنية، وقاموا بتغيير مواقع تجمعهم في المدن والقرى وتسيير مسيرات خلال الليل لتفادي ملاحقة عناصر «الباسيج» و«الحرس الثوري» وغيرهم من الأفرع الأمنية التي يعتمد عليها النظام.

وفي وقت نظمت تجمعات خجولة ومتفرقة للمعارضة في المحافظات الغربية مثل خوزستان وكرمانشاه وايلام، وجهت الأجهزة الأمنية عناصر «مكافحة الشغب» إلى هذه المحافظات، لكنها فوجئت بتجمعات أكبر في مناطق زاهدان وزابل وعدد من قرى محافظة سيستان بلوشستان ويزد التي تقع في جنوب شرق البلاد أو ضواحي مدينة طهران وقرى في شمال شرق البلاد خاصة محافظة كلستان.

وسارع أنصار النظام بالنزول إلى الشوارع صباح أمس تحدياً للمعارضين وشهدت نفس المدن والقرى التي تظاهر فيها المحتجون ضد النظام ليلا تجمعات كبيرة لأنصار النظام.

وعرض موقع «مجلس المقاومة الإيرانية» على «يوتيوب» تسجيلات لعناصر في «الباسيج» وهم يحرقون هوياتهم العسكرية، معلنين انحيازهم للاحتجاجات الشعبية التي تجتاح البلاد، رفضا للفساد والبطالة وللمطالبة بإسقاط النظام القمعي.

من جهة ثانية، وعلى الرغم من أن الجهزة الامنية قامت بمحاصرة سجن ايفين، الذي يتم احتجاز المعتقلين في التظاهرات فيه، بشمال طهران أمس قام مئات من أهالي المعتقلين بالتجمع حول السجن مطالبين بالإفراج عن ذويهم ونصبوا خيما للاعتصام بجواره، وقام البعض من أصدقاء الطلاب المعتقلين بتنظيم حلقات موسيقية خارج السجن لدعم المحتجزين.

تبادل اتهامات

في غضون ذلك، عقد مجلس الشورى جلسة مغلقة لمناقشة أسباب الاحتجاجات، شهدت تبادلا للاتهامات بين أنصار التيار الإصلاحي الموالي للرئيس حسن روحاني وأنصار التيار المتشدد والمرشد الأعلى علي خامنئي.

واستمع النواب إلى وزير الداخلية عبدالرضا رحماني فضلي، ووزير الاستخبارات محمود علوي، وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني، الذين عرضوا تقاريرهم عن كيفية قمع التظاهرات التي اندلعت أواخر ديسمبر الماضي في عدد كبير من مدن البلاد، احتجاجا على غلاء المعيشة والحكم.

وأطلع أحد النواب «الجريدة» على مجريات الجلسة العاصفة التي تخللتها مناقشات حادة، حيث قام الأصوليون باتهام حكومة روحاني بالتقصير في حل مشاكل الشعب المعيشية، في حين اتهم نواب التيار الإصلاحي الأصوليين وأنصار الرئيس السابق أحمدي نجاد بتحريك تظاهرات وتجمعات خرجت في النهاية عن سيطرتهم لإضعاف الحكومة المعتدلة.

واتهم أنصار التيار الإصلاحي اتباع نجاد ومنافس روحاني في الانتخابات الرئاسية الأخيرة إبراهيم رئيسي وأبو زوجته أحمد علم الهدى بأنهم وراء زعزعة الأمن خاصة في القرى والمدن النائية.

قيود واسترضاء

وتطرق النواب إلى مسألة القيود المفروضة على شبكة «تلغرام» الاجتماعية، الأكثر شعبية في إيران، خلال الاضطرابات.

وكتب المتحدث باسم رئاسة المجلس، بهروز نعمتي، على «انستغرام»، إن «الشورى لا يؤيد استمرار التدقيق في شبكة تلغرام، لكن عليها أن تعطي التزامات حتى لا يستخدمها أعداء الشعب الإيراني».

ورفع، الأربعاء الماضي، الإغلاق الذي فرض على «انستغرام» لمشاركة الصور، لكن «تلغرام» التي يستخدمها أكثر من 25 مليون شخص يومياً، ما زالت تواجه قيوداً.

وناقش النواب مشروع الموازنة للسنة المالية التي تبدأ في 21 مارس الماضي.

وعرض بعض النواب مشاريع لتغيير أقسام من الميزانية المقدمة من روحاني إلى المجلس في محاولة لـ»استرضاء الطبقات الفقيرة من عامة الشعب» خاصة الذين يعيشون في مدن نائية.

وتضمنت الاقتراحات استمرار الدعم الحكومي على العديد من السلع والخدمات المقدمة للعام المقبل وايجاد صيغة جديدة لمنع رفع سعر الوقود عبر منح حصص لكل مواطن.

انغلاق ثقافي

وفي وقت تتجه السلطات الدينية المحافظة في إيران إلى فرض المزيد من «القيود الانغلاقية» بشأن الإعلام والتعليم على المجتمع تخوفاً من المد الثقافي الغربي.

أعلن الأمين العام للجنة التعليم في وزارة التربية، مهدي نويد ادهم، أن الوزارة قررت منع تعليم اللغة الانكليزية في المدارس الابتدائية الحكومية والخاصة ومنع مؤسسات تعليم اللغة من استقبال راغبي التعلم دون سن الرابعة عشرة.

وأكد مصدر في لجنة التعليم لـ»الجريدة» أن الوزارة تتحمل ضغوطات كبيرة من شتى المراجع الحكومية تتهمها بـ»التقصير في تربية أطفال ملتزمين بأفكار الثورة الإسلامية»، وهو ما دفعها الى اتخاذ القرار كي يتم استبدال تدريس اللغة الانكليزية بمقررات «تربية مدنية وثورية ودينية تحضرهم للمراحل المقبلة، ولا يتخرج من المدارس طلاب ينتقدون النظام».

وكانت «التربية» هدف انتقادات واسعة خلال السنوات الماضية، حيث انتقد المرشد الوزارة بسبب وضعها منهاج لتدريس الانكليزية، قائلا حينها «نفهم أن التلاميذ يجب أن يتعلموا اللغة العربية كي يفهموا القرآن، لكن ما سبب أن هناك تعليم للغة الانكليزية وليس تعليم للغات أخرى مثلاً».

تظاهرات متنقلة للمعارضين تربك الأمن

حكومة روحاني تلغي تدريس الإنكليزية تحت الضغط
back to top