ماذا ستقرأ كساندرا العربية؟

نشر في 02-01-2018
آخر تحديث 02-01-2018 | 00:18
 حسن العيسى طرحت جريدة الفايننشال تايمز، في عدد 1 يناير، نبوءاتها عن العالم في العام الجديد، ومعظم نبوءات الجريدة كتوقعات، أي احتمالات الأحداث السياسية – الاقتصادية التي قد تحدث في هذا العام، تركزت على أوروبا والولايات المتحدة، وتحددت في أسئلة مثل احتمال بقاء أو عدم بقاء رئيسة الوزراء في المملكة المتحدة "ماي" على كرسيها، وما إذا كان من الممكن للرئيس الفرنسي أن يحصل على تعهد من المستشارة ميركل لخارطة طريق لميزانية دول المنطقة الأوروبية، وتسأل الجريدة عن احتمال عودة الديمقراطيين بالولايات المتحدة في الانتخابات النصفية القادمة؟ وهل هناك أمل في توجيه اتهامات رئاسية لدونالد ترامب؟ وغير ما سبق هناك تساؤلات "احتمالية" عن الهند والمكسيك، ولا شيء عن الخليج هنا غير مشروع بيع حصة 5 في المئة من "أرامكو"، وطرحها في البورصات العالمية.

ماذا عن الاحتمالات القادمة في عالم البؤس العربي؟ وهل هناك "احتمال" أن نشهد حدثاً يغير مسيرة أنظمتنا؟ ماذا مثلاً عن احتمال نهاية المأساة اليمنية وعودة السلام لأفقر بلد عربي في العام الجديد؟ وماذا عن سورية بعد الحرب الأهلية؟ وهل هناك أمل أن يتغير نهج الإدارة السياسية للنظام بالنسبة للمعارضة؟ ماذا عن بقية الأوطان العربية، هل ستشهد حلحلة لأوضاعها المتيبسة؟!

مثل تلك الأسئلة والترجيحات لم تطرحها "فايننشال تايمز"، ولا يمكن تصورها في أغلبية جرائد الأنظمة العربية، لأن مجرد التفكير في التغيير والحلم به هو محرم ومجرم، فالنظام العربي الحاكم يرى نفسه أنه قدر متعال لا يمكن تغييره أو تعديل مساره، وإذا حدث "خطأ" تاريخي ما، مثل ثورات الربيع العربي عام 2011، فهذا يعد انحرافاً عن المسيرة القدرية المفروضة من النظام، ولابد من إعادة قدر التاريخ الاستبدادي كما تقرره تحالفات الأنظمة.

إذن لا مكان في العالم العربي لـ "نوسترادموس" أو "كساندرا" الميثولوجيا اليونانية كي يخبرانا عن المستقبل العربي واحتمالات التغيير القريبة، فقراءة أي منهما للعام الجديد ستكون مملة نمطية، لأنها ستكون نسخة كربونية عن السنوات القليلة الماضية.

رغم هذا هناك واقع جديد يفرض نفسه، وهو نهاية عمر النفط أو أسعاره المرتفعة، التي وفرت في الماضي كل الأسباب لقلب نتائج الربيع العربي أو تحويلها إلى مآس مرعبة، وعندها ستجد الدول التي لا تستطيع "التأقلم" مع هذا الواقع الصعب أن عليها إما أن تنفتح على شعوبها وتبدأ مسيرة إصلاح وتوعية وتضحيات مرة، أو تظل على وضعها القديم تجتر أحلام الماضي، حتى ترى نفسها فجأة أمام هاوية السقوط فلا تستطيع دفعها. التغيير لن يحدث بالضرورة في هذا العام الجديد، لكنه قادم في مستقبل قريب حتماً دون انتظار قراءة فنجان كساندرا العربية.

back to top