اشتباكات في طهران والتظاهرات تضرب عمق النظام

• تجمعات مؤيدة ومواجهات مع قوات الأمن
• «الحرس الثوري» يتهم المحتجين بتنفيذ «أجندة غربية»
• «الداخلية» تحذر من المشاركة في الاحتجاجات
• واشنطن تحض العالم على دعم الشعب ومطالبه علناً

نشر في 31-12-2017
آخر تحديث 31-12-2017 | 00:05
اشتعلت الأوضاع في إيران، بعدما دخلت التظاهرات المناهضة للحكومة يومها الثالث على التوالي، واتسعت لتشمل أماكن جديدة في البلاد، بينها العاصمة طهران، التي شهدت اشتباكات بين قوات الأمن والمحتجين، قابلتها تظاهرات ضمت عشرات آلاف المؤيدين للحكومة.
رغم الاعتقالات والتهديدات، اتسعت رقعة الاحتجاجات الشعبية المستمرة منذ يومين في إيران، لتشمل معظم المناطق وأبرزها طهران، وعلى نمط احتجاجات عام 2009 التي سميت بـ»الانتفاضة الخضراء» لاحقا، مع اختلاف أسباب اندلاعها وتطور شعاراتها ومطالبها حول إسقاط النظام.

وبينما استمر المحتجون في تظاهراتهم في ساعات الليل بالمدن الكبيرة، مثل طهران وأصفهان وهمدان وكرمانشاه والأهواز وساري وقزوين، ضد سياسات نظامهم الداخلية والخارجية، حذر الرئيس الأميركي دونالد ترامب طهران من أن «العالم يراقب»، بعدما هزت تظاهرات مناهضة للحكومة مدنا عدة، ودخلت أمس يومها الرابع على التوالي.

وصعّد المحتجون في هتافاتهم ضد النظام في بلادهم، حيث ركزت الشعارات على رأس السلطة الحقيقي في بلادهم، وهو المرشد الأعلى علي خامنئي، مطالبين إياه بالتنحي عن السلطة.

وفي كرمانشاه، التي بدأت تظاهرات أمس الأول، ردد المتظاهرون «الموت لخامنئي»، وهو هتاف يكشف كسر حاجز الخوف لدى المحتجين، الذين كانوا يرمزون لخامنئي في احتجاجاتهم السابقة فقط «بالموت للدكتاتور»، دون ذكر اسمه.

وفي أصفهان، وهي أكبر المحافظات الإيرانية بعد طهران ومشهد، هتف المتظاهرون بشعارات ضد المرشد، مثل «سيد علي عفوا، حان وقت رحيلك»، أما في الأهواز فأطلق المحتجون أيضا شعارات تشير بوضوح إلى خامنئي، حيث هتفوا «الشعب يلجأ للتسول والآقا (خامنئي) يعيش في نعيم».

كما أطلق المتظاهرون في كل تظاهراتهم شعارات ضد تدخلات نظام بلادهم في المنطقة، ودعم الميليشيات الطائفية في سورية ولبنان واليمن. واستخدمت الشرطة في مدينة كرمانشاه الهراوات والغاز المسيل للدموع، وقامت باعتقال عدد من المحتجين، حسبما جاء في مواقع ناشطة في مجال حقوق الإنسان.

وتداول نشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي صورا ومقاطع فيديو تظهر اشتباكات بين قوات الأمن والمحتجين في «ساحة الثورة» وسط طهران، وتظهر ايضا لحظات قمع عناصر الأمن للتظاهرة في الساحة. وفي تسجيل آخر، يطلق المحتجون المعتصمون أمام جامعة طهران هتافات «إصلاحيون ومحافظون انتهى كل شيء».

وتداولت وسائل الإعلام مقاطع فيديو تظهر تجمعا للأكراد في مدينة شهر كرد غرب البلاد، وهم يهتفون «الموت للدكتاتور»، كذلك أكدت صور بثتها وسائل الإعلام انتشار عناصر الأمن في مدينة تبريز، شمال شرقي البلاد، تحسبا لاضطرابات جديدة محتملة، وبثت قناة «العربية» مشاهد لإحراق متظاهرين صورا لمرشد الجمهورية علي خامنئي وشخصيات سياسية أخرى.

يأتي ذلك غداة اعتقال 52 شخصا في مدينة مشهد، التي تعد مركزا دينيا مهما في إيران، احتجاجا على غلاء الاسعار وتراجع الاوضاع الاقتصادية في عهد الرئيس حسن روحاني.

وكانت تظاهرات جابت شوارع مدن عدة منذ الخميس الماضي، احتجاجا على التضخم والبطالة، وأطلقت هتافات سياسية ضد النظام.

وأظهرت تسجيلات مصورة بثتها شبكة «نظر» الإصلاحية متظاهرين يهتفون «الموت لروحاني» و»الموت للدكتاتور»، و»لا غزة ولا لبنان، حياتي لايران»، في انتقاد لتركيز السلطات الإيرانية على القضايا الاقليمية على حساب القضايا الوطنية.

«الحرس الثوري»

وفي أول رد على الاحتجاجات العارمة، أصدر الحرس الثوري بيانا، اتهم فيه المتظاهرين بتنفيذ «أجندة غربية ضد النظام»، و»بريطانيا وأميركا» بالوقوف وراء الاحتجاجات، واصفا الاحتجاجات التي انطلقت بـ»الفتنة الجديدة».

واعتبر النائب الأول للرئيس الإيراني اسحق جهانغيري أن «بعض الحوادث التي وقعت في البلاد (حصلت) بذريعة مشاكل اقتصادية، لكن يبدو ان ثمة امرا آخر خلفها».

من ناحيته، طلب وزير الداخلية عبد الرضا رحماني فضلي امس، من المواطنين عدم المشاركة في «تجمعات مخالفة للقانون»، بعد أيام من التظاهرات ضد السلطة وغلاء المعيشة في عشرات المدن.

تظاهرات مؤيدة

في المقابل، تظاهر، أمس، عشرات آلاف المؤيدين للحكومة في طهران، وفي محافظات أخرى، بينها مشهد (شمال شرق).

وبث التلفزيون الايراني صور هذه التظاهرات التي تأتي في ذكرى إنهاء حركة الاحتجاج الضخمة التي تلت إعادة انتخاب الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد في 2009.

تظاهرات سلمية

وفي واشنطن، كتب ترامب على «تويتر»، مرددا بيانا سابقا للبيت الابيض «هناك الكثير من التقارير بشأن تظاهرات سلمية لمواطنين إيرانيين سئموا من فساد النظام، وتبديد ثروة البلاد على تمويل الإرهاب في الخارج»، مضيفا: «الحكومة الإيرانية يتعين عليها أن تحترم حقوق شعبها، بما في ذلك الحق في الإعراب عن آرائهم. العالم يراقب!».

من جانبها، قالت الناطقة باسم الخارجية الأميركية هيذر نويرت، في بيان، إن «القادة الإيرانيين حولوا دولة مزدهرة ذات تاريخ وثقافة غنيين الى دولة مارقة تصدر اساسا العنف وسفك الدماء والفوضى»، مضيفا ان واشنطن «تدين بحزم اعتقال متظاهرين سلميين، ونحض كل الدول على ان تدعم علنا شعب ايران ومطالبه بالحقوق الاساسية وبانهاء الفساد».

واستشهد بيان نويرت بوزير الخارجية ريكس تيلرسون، الذي أعلن أمام الكونغرس في 14 يونيو أن واشنطن تدعم «العناصر التي ستقود في إيران إلى انتقال سلمي للحكم»، مؤكدا أن «هذه العناصر موجودة».

وأشارت الولايات المتحدة مرة جديدة إلى دور إيران في المنطقة، حيث تتهم الجمهورية الإسلامية بـ«زعزعة الاستقرار» في المنطقة.

وقالت الناطقة باسم البيت الابيض سارة ساندرز: «هناك معلومات كثيرة عن احتجاجات سلمية لمواطنين إيرانيين سئموا فساد النظام وهدره ثرواته من أجل تمويل الارهاب بالخارج»، متابعة: «على الحكومة الإيرانية احترام حقوقهم، خاصة حقهم بالتعبير. العالم يراقب».

طهران تندد

ونددت طهران بتصريحات المسؤولين الأميركيين، ووصف الناطق باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي تصريحات ترامب وغيره من المسؤولين الأميركيين عن دعمهم للمتظاهرين بأنها «سخيفة»، وتمثل «تدخلا في شؤون إيران».

وشدد قاسمي على أن «الشعب الإيراني الرشيد لا يكترث بالشعارات الأميركية المنافقة التي تبحث عن فرصة للنيل من طهران»، مضيفا أن «تصريحات ترامب وغيره من المسؤولين الأميركيين لا تستحق اهتماما ولا قيمة لها».

معارضو برلين يطالبون بالإفراج عن المعتقلين

شهدت العاصمة الألمانية برلين تظاهرات مماثلة أمام السفارة الإيرانية، للمطالبة بالإفراج الفوري عن مئات المعتقلين في إيران، بحسب الشرطة التي أوضحت أنه لم تقع أي تجاوزات حتى الآن خلال التظاهرات.

بدورها، وجهت زعيمة المعارضة مريم رجوي، في تغريدة على «تويتر»، تحية للإيرانيين أكدت لهم من خلالها أن الشعارات التي رفعوها خلال الاحتجاجات السلمية الرافضة لسياسات الحكومة أرعبت النظام.

وأردفت في تغريدة أخرى «التحية للتظاهرة البطولية للمواطنين في خراسان بدءاً من انتفاضة مشهد، وإلى تظاهرات مدن شاهرود، وكاشمر، ونيشابور، وسبزوار، وقوجان، وبجنورد وغيرها من مدن خراسان البطلة».

قاسمي يعتبر تصريحات ترامب سخيفة وتدخلاً في شؤون إيران
back to top