ثوابت الدولة المصرية في مسألة تبادل الأراضي مع إسرائيل

نشر في 23-12-2017
آخر تحديث 23-12-2017 | 00:02
 عبداللطيف المناوي الظروف الحالية والكلمات الكثيرة التي بدأ يلوكها البعض حول توطين الفلسطينيين في سيناء، تحتم علينا أن نستحضر بعضاً مما أثير حول موضوع تبادل الأراضي الذي هو إحدى الأفكار القديمة، التي يمكن القول إن عمرها من عمر القضية الفلسطينية. الفكرة طرحها الجانب الإسرائيلي على الرئيس الراحل أنور السادات في أثناء مفاوضات السلام، وكانت تتلخص في أن تتنازل مصر عن جزء من أرضها في سيناء مقابل قطعة أرض موازية في صحراء النقب.

المدهش أن السادات وافق ولكن بشرط أن يختار هو مكان الأرض البديلة، وبالفعل اختار الرئيس الذي تميز بالدهاء ميناء إيلات، الذي يعتبر المنفذ الوحيد لإسرائيل على البحر الأحمر، وهو ما أبعد الفكرة عن عقول الإسرائيليين.

استمرت محاولات تنفيذ الفكرة في عهد الرئيس مبارك الذي كان رافضاً طوال فترة حكمه حتى مناقشتها رغم كل الإغراءات والضغوط، إلى أن جاءت جماعة "الإخوان" وامتطت حكم مصر خلال عام واحد، لا ندري ماذا حدث فيه.

الدلائل تؤكد أن "الإخوان" قدموا تنازلات أو التزامات، ربما كانت متوافقة مع وثيقة "جيورا إيلاند" مستشار الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق مطلع عام 2010، وهي الوثيقة الطويلة والمليئة بالتفاصيل، التي نذكر منها على سبيل التذكرة أن الإدارة الأميركية اقترحت على الدول العربية تحسين علاقتها مع إسرائيل مقابل استعدادها التنازل عن أراضٍ، الأمر الوحيد الذي تملكه الدول العربية بكثرة وتحتاج إليه إسرائيل وفلسطين بصورة مؤكدة هو الأرض، فإذا تنازلت هذه الدول عن جزء قليل من الأرض، يمكن إدخال تحسينات كبيرة على وضع الدولتين.

الوثيقة مضت في وضع أسس للاتفاق فذكرت أن على مصر أن تنقل إلى غزة مناطق مساحتها نحو 720 كيلومترا، وتشمل جزءاً من الشريط المبني الممتد على طول 24 كيلومتراً على طول شاطئ البحر المتوسط من رفح غربا حتى العريش، إضافة إلى شريط يقع غرب "كرم سالم" جنوبا، ويمتد على طول الحدود بين إسرائيل ومصر.

وعلى هذا الأساس سيكون حجم قطاع غزة البالغ حاليا 365 كيلومترا نحو أكثر من ألف كيلومتر.

ومقابل الأراضي التي ستعطيها مصر إلى فلسطين ستحصل من إسرائيل على منطقة جنوب غرب النقب، حيث يمكن أن يصل حجم الأراضي التي ستنقلها إسرائيل إلى مصر إلى 720 كيلومتراً. الوثيقة حاولت أن تعدد الفوائد التي ستعود على مصر جراء عملية تبادل الأراضي، وكأنها "جوائز"، قد تحل بسببها عدة مشكلات.

الجائزة الأولى - من وجهة نظر الوثيقة - هي أن مصر معزولة جغرافياً عن الجزء الشرقي من الشرق الأوسط، وذلك عبر البحر الأحمر إلى الشرق الجنوبي، والبحر المتوسط في الشمال، ومن أجل السماح بارتباط بري، ستسمح إسرائيل بحفر قناة تربط بين الأردن ومصر، وستمر القناة التي يبلغ طولها نحو عشرة كيلومترات من الشرق إلى الغرب (على بعد خمسة كيلومترات من إيلات) وتكون خاضعة للسيادة المصرية الكاملة، بحيث لا يحتاج الانتقال من مصر إلى الأردن إلى موافقة إسرائيلية.

أما الجائزة الثانية فهي أن بين المطار الجديد في غزة الكبرى، والمرفأ البحري الجديد على شاطئ البحر المتوسط، والقناة التي تربط مصر بالأردن، يجري شق شبكة من الطرق السريعة للسيارات، ويمد أنبوب للنفط (مسار هذه الخطوط سيكون بمثابة حدود أردنية – مصرية على الجانب المصري) وتجتاز هذه الخطوط الثلاثة القناة إلى الأردن، ومن هناك ستتوزع شمالاً في اتجاه الشمال الشرقي نحو العراق والأردن، وجنوباً في اتجاه السعودية ودول الخليج، وسيؤدي هذا الربط إلى فوائد اقتصادية ضخمة، إذ ستحصل الجمارك المصرية على حصتها من حركة التنقل بين الأردن والعراق والخليج العربي من جهة ومرفأ غزة من جهة ثانية.

وجائزة أخرى طرحتها الوثيقة بأن دول العالم ستقدم لمصر عبر البنك الدولي مشاريع تحلية للمياه، وبناء مفاعلات نووية من أجل إنتاج الكهرباء وذلك لحل مشكلة المياه والطاقة المتفاقمة. أيضاً نصت الوثيقة على السماح لمصر بإجراء تغييرات على الملحق العسكري لاتفاق السلام.

المؤكد أن مصر بقياداتها الحالية تنطلق وفق ثوابت أخلاقية أساسية رافضة مبدأ تبادل الأراضي مع إسرائيل، ومن قبلها الرفض الكامل لفكرة التنازل عن أي أرض مصرية لحل أي نزاع.

back to top