عدوى الأذن بين الأولاد... ساعدي طفلك طبيعياً

نشر في 23-12-2017
آخر تحديث 23-12-2017 | 00:00
No Image Caption
تنقضي ليلة أخرى من دون نوم. يبدو ولدك بائساً، وتخشين أن يكون مصاباً بعدوى في الأذن مجدداً.
في حالة أولاد كثر، تتكرر عدوى الأذن ويصبح تفاديها صعباً. لكن الجيد أن ثمة حلولاً لكسر هذه الدوامة. يتطلب بعضها التنبه لمسببات الحساسية، والوقت والمثابرة، في حين يقدّم البعض الآخر راحة فورية. إلا أن هذه الراحة لن تدوم طويلاً ما لم تعالجي المشكلة الكاملة.
إذا اشتكى ولدك من ألم في الأذن أو خسارة سمع، أو عجز عن التمدد، أو استيقظ مرات عدة ليلاً، أو كان كثير التذمر، أو عانى الحمى، أو خرج سائل من أذنه، فمن الضروري استشارة الطبيب. ويتيح لك التشخيص الملائم اختيار العلاجات بثقة أكبر.

عدوى الأذن أحد الأسباب الأكثر شيوعاً لوصف المضادات الحيوية للأولاد. لكن التأثيرات الجانبية المترتبة على هذه الأدوية تشمل انتشار الفطريات (المبيضات البيضاء) في الجسم. وعدوى الفطريات تجعل الأولاد أكثر عرضة لعدوى الأذن، لما كانت تضعف جهاز المناعة وتزيده هشاشةً. لذلك لا تزال فاعلية المضادات الحيوية في معالجة عدوى الأذن مثار جدل في المنشورات الطبية.

من المعروف أن كثيراً من الحالات يُشفى من تلقاء ذاته من دون أي علاج، ويدرك عدد كبير من الأطباء أن تكرار تناول هذه الأدوية يصبح أكثر احتمالاً بعد وصف المضادات الحيوية.

مسببات الحساسية

تظهر البحوث أن التدخين السلبي يزيد احتمال تعرّض الأولاد لعدوى الأذن. لذلك احرصي على الحد قدر الإمكان من تعرض أولادك لدخان السجائر.

كذلك تؤدي الأرجيات الموسمية (التهاب الأنف الأرجي) والحساسية تجاه مسببات الأرجية في المنزل، مثل الغبار، والعفن، ووبر الحيوانات الأليفة، وغيرها، إلى مشكلتين: إضعاف قدرات الولد المناعية، وتحفيز ردود الفعل الأرجية التي تقود إلى تورّم القناة السمعية وانسدادها.

تؤدي الحساسية تجاه غبار الطلع، والعفن، ووبر الحيوانات الأليفة، والغبار، وبروتينات الطعام إلى عدوى أذن متكررة. يقود رد فعل جهاز المناعة تجاه الغزاة الغريبين إلى احتقان التهابي يسد غالباً القناة السمعية. ولما كان الجسم ينشغل بالتصدي لهؤلاء الغزاة، فإنه يعجز عن التعاطي بالطريقة المناسبة مع فرط نمو البكتيريا في بيئة الأذن الوسطى الدافئة والرطبة. لذلك أبقي بيئة ولدك خالية قدر الإمكان من مسببات الأرجيات بتنظيف المنزل باستمرار، واستخدام مواد لا تسبب الأرجيات في غرفة النوم، وتجهيز المنزل بفلتر ينقي الهواء.

أما أرجيات الطعام، فيجب تحديدها وتفاديها إلى أن يصبح الجسم قوياً كفاية لمقاومة رد فعل مناعي غير ملائم. ومن الأفضل في هذا المجال العمل مع خبير متخصص يستطيع مساعدتك في تحديد الأطعمة التي تسبب هذه المشكلة، ويحرص في الوقت عينه على اتباع ولدك نظاماً غذائياً صحياً. ولكن احذري الخبراء الذين يفرضون على الأم المرضعة والأولاد الصغار برامج غذائية صارمة لأنها قد تكون مسيئة أكثر منها مفيدة، فضلاً عن أن الالتزام بها لا يدوم طويلاً.

من الأطعمة المسببة للأرجيات الأكثر شيوعاً مشتقات الحليب، والصويا، والقمح، والذرة، والبيض، والبرتقال. لكن أطعمة أخرى قد تسبب أيضاً رد فعل مماثلاً.

تخفيف الألم

ينعم أولاد كثر براحة من الألم بوضع ضمادة دافئة على الأذن المصابة. بللي قطعة قماش ناعمة بماء أو شاي دافئ جداً واعصريها. وعندما تبرد كفاية لتتمكني من لمسها، ضعيها فوق أذن ولدك. أو يمكنك كخيار بديل استعمال وسادة ساخنة مليئة ببذور الكتان، والحنطة السوداء، أو الأرز. تحافظ هذه المواد على الحرارة مدة أطول ولا تسبب الفوضى كما القماش المبلول. تستطيعين أيضاً إضافة زيوت الخزامى، والبابونج الروماني، و/أو شجرة الشاي الأساسية إلى الماء أو إلى محتوى الوسادة.

يسهم تدليك المنطقة المحيطة بالأذن في إخراج السوائل من القناة السمعية والتخفيف من الألم إلى حد ما. يمكنك خلال عملية التدليك هذه الاستعانة بزيت. وإذا قررت استعمال زيت تدليك، فمن الأفضل أن تضيفي إليه زيوتاً أساسية. دلكي المنطقة الممتدة من وراء الأذن نزولاً إلى خط الفك، وكرري هذه العملية مرات عدة. ولكن توقفي في الحال إذا تسبب التدليك بانزعاج كبير لولدك. أما إذا لاحظت أن العقد اللمفاوية متورمة، فدلكيها بخفة مستخدمةً خلطة الزيوت الأساسية ذاتها بغية تحفيز إفراغها والتخفيف من الانزعاج.

إذا كان الألم يعود إلى الاحتقان، خصوصاً المرتبط بالرشح، فأبقي المخاط قليل الكثافة بحمل ولدك على شرب نقوع أعشاب ساخن، كالترنجان المخزني، والقطرم الحقيقي، والنعناع المدبب، والزنجبيل، و/أو جذور العرقسوس. كذلك بإمكانك استخدام جهاز تبخير (vaporizer) في الغرفة حيث ينام ولدك. وقد يجني الولد أيضاً فائدة من قضائه بعض الوقت في غرفة الحمام المليئة بالبخار قبل الخلود إلى النوم. ولا تترددي في إضافة الخزامى إلى جهاز التبخير أو زيت الأوكالبتوس إذا كان ولدك قد تخطى السنتين من العمر.

ارفعي رأس ولدك بزاوية 30 درجة أثناء تمدده. يسهم هذا في إفراغ السوائل ويحول دون تراكم الضغط الذي يشعر به الولد عادةً خلال تمدده بشكل مسطح. عدّلي رأس السرير بحيث ينام الولد بشكل منحدر. ولتحقيق هذا الهدف، يمكنك وضع شيء مرتفع تحت قائمتي السرير أو الفراش.

التخلص من العدوى: خطوتان مهمتان

تُعتبر العلاجات الطبيعية عالية الفاعلية في الحد من عدوى الأذن، إلا أن جهاز المناعة القوي يحقق فاعلية أكبر. من المعروف أن عدوى الأذن تتكرر. ففي بعض الحالات، يُصاب الولد بعدوى جديدة قبل أن يتعافى كاملاً من العدوى السابقة. لذلك تبقى الطريقتان الفضليان للتخلص من البكتيريا المسببة للعدوى:

• تحفيز دفاعات الولد المناعية.

• استعمال الميكروبات الطبيعية.

لما كانت حالات عدوى كثيرة تظهر مباشرةً بعد تعرض الولد لعدوى فيروسية تهاجم الجهاز التنفسي، فتغطي هذه المقاربة الاحتمالات كافة.

احرصي على أن يكون نظام ولدك الغذائي خالياً من أنواع السكر المعالجة و/أو المركزة (سكر المائدة، وشراب الذرة، والعسل). كذلك حدي من استهلاكه أنواع السكر الطبيعية، كتلك التي تتوافر في عصائر الفاكهة.

من المعروف أن السكر يخفض قدرة الجسم على مقاومة العدوى، فضلاً عن أنه يغذي الفطريات التي تسبب العدوى في المقام الأول. وإذا كان ولدك يعاني عدوى فطرية حادة، وفق تشخيص خبير صحة عالي المصداقية، فمن الضروري أن تتعاوني بشكل لصيق مع طبيبك كي تحددا التغييرات التي يجب إدخالها إلى نظام ولدك الغذائي.

يجب أن تشكّل الحبوب الكاملة، وبروتينات الخضراوات (مثل الفاصوليا، والبازيلاء، والجوزيات)، والفاكهة والخضراوات الملونة، والماء/السوائل الملائمة أكبر جزء من نظام ولدك الغذائي. وبالنسبة إلى ولد في شهره الثامن مثلاً، يجب أن يشكّل حليب الأم مصدر السعرات الحرارية الرئيس. فقد أظهرت التجارب السريرية أن الرضاعة تحد من خطر عدوى الأذن. لذلك من الأفضل أن تواصلي إرضاع طفلك إلى أن يفطم نفسه مع بلوغه السنتين من العمر تقريباً.

علاجات تساعد جهاز المناعة

• تحفز القنفذية كريات الدم البيضاء الضرورية للتخلّص من الممرضات. ويجني الأولاد الذين يُعتبرون أكثر عرضة لعدوى الأذن فائدة كبرى من استعمال القنفذية المستمر خلال موسم الرشح والإنفلونزا، مع التوقف عن استخدامها مدة أسبوع كل أربعة أسابيع. أما إذا لم تشائي استعمالها طوال هذا الموسم، فأعطي ولدك جرعة منها عند ظهور الأعراض الأولى، ثم كرريها مرة كل ثلاث إلى أربع ساعات بغية الحؤول دون تفاقم المشكلة.

• كذلك تعزِّز مكملات الزنك أيضاً ردود الفعل المناعية تجاه العدوى. وإذا كان ولدك كبيراً كفاية ليمضغ، تشكل حبوب الزنك المحلاة (Zinc Lozenges) خياراً ملائماً. يُعتبر مضغ بعضها أكثر سهولة، في حين تحتوي أصناف أخرى، إلى جانب الزنك، على القنفذية وعلاجات أخرى محفزة لجهاز المناعة.

• بدوره، لا يقوّي الفيتامين C رد الفعل المناعي فحسب، بل يُصنَّف أيضاً من المواد المضادة للالتهاب. تتوافر المكملات الملائمة منه للأولاد على شكل سائل أو حبوب قابلة للمضغ. ولكن احرصي على أن ينظّف ولدك أسنانه بالفرشاة بعد تناولها لأن هذا الفيتامين الحمضي يتلف مينا الأسنان. كذلك قد يعاني ولدك برازاً رخواً أثناء تناوله جرعات علاجية من الفيتامين C. في هذه الحال، أخفضي الجرعة إلى أن يعود البراز إلى طبيعته، وتنبهي إلى أية إشارة إلى الجفاف إذا دامت هذه المشكلة أكثر من يوم.

• قد تفاجئين بقدرة الولد على تحمل الثوم، بشرط أن تقدميه إليه باكراً في حياته. يستطيع الطفل الذي يرضع تذوّق الثوم في حليب أمه بعد تناولها قليلاً من هذا العشب الفاعل المضاد للميكروبات. يُعتبر الثوم النيء أكثر فاعلية من معظم المكملات، وتتوافر أساليب مبتكرة كثيرة لحمل الولد على تناوله. فتكثر الوصفات مثل الخبز بالثوم، والحمص، والغواكامولي. أما في حالة الأولاد الأصغر سناً أو مَن يرفضون تناول الثوم، فيمكنك أن تفركي أسفل أقدامهم بالزيت المشبع بالثوم. يمتص الجسم هذا الزيت بسرعة. ولا تفاجئي إذا انبعثت رائحة الثوم من فم ولدك بعد هذا العلاج لأن الثوم ينتقل بسرعة إلى الرئتين.

• نصل إلى البروبيوتيك. لأسباب عدة نجهل معظمها، يملك بعض الأولاد مقداراً من البكتيريا في الأمعاء أقل من الضروري لهضم الطعام بالشكل الصحيح وحماية الجسم من نمو الممرضات. تؤدي المضادات الحيوية، سواء تناولتها الأم خلال الحمل أو أعطتها لولدها في أي مرحلة من حياته، إلى خلل في التوازن بين بكتيريا الأمعاء الحامية التي نحتاج إلى فيض منها وبين البكتيريا المضرة التي يجب أن تظل أعدادها محدودة. ويصعب على الجسم استبدال بكتيريا الأمعاء الناقصة من دون إيلاء أهمية كبرى للمصادر الغذائية. تُعتبر الأطعمة المخمرة، كالكفير واللبن، من أفضل مصادرها، شأنها في ذلك شأن مكملات البروبيوتيك (تُدعى أيضاً العصيات اللبنية الحمضية).

• يمهد غياب البروبيوتيك الطريق لنمو الفطريات المرتبط بنشوء عدوى في الأذن. ويجني معظم الأولاد (إن لم نقل كلهم) فائدة كبيرة من تناول مكمل بروبيوتيك يومياً إذا كانوا أكثر عرضة للعدوى. كذلك أظهرت البحوث أن المكملات المخصصة للأم خلال الحمل والرضاعة تحدّ من خطر إصابة الولد بالأرجيات في الطفولة بتعزيز عوامل الحماية في حليب الأم.

• كذلك يشكّل حليب الأم وسيلة نقل ملائمة لمعظم العلاجات المقترحة. فتستطيع الأم المرضعة تناول جرعة مخصصة للبالغين ونقل فوائدها بواسطة حليبها إلى طفلها.

يقدّم حليب الأم للطفل أيضاً مواد مهمة تقوّي المناعة، تحد من خطر الإصابة بأرجيات بحماية الأمعاء (تسمح الأمعاء «الراشحة» بدخول مقدار أكبر من المواد الغريبة إلى مجرى الدم)، وتسهم في تكوّن القناة السمعية بشكل سليم. كذلك يحتوي حليب الأم على مواد أخرى تعزز نمو البكتيريا المفيدة في الأمعاء، ما يحسّن جهاز المناعة.

صحيح أن الوقاية تبقى أفضل علاج لعدوى الأذن، إلا أننا نملك حلولاً طبيعية كثيرة للحدّ من ألم الولد وانزعاجه عندما يُصاب بها. من الضروري أن تتحلي بالصبر والحذر للخروج من هذه الدوامة.

معظم الأولاد يجني فائدة كبيرة من تناول مكمل بروبيوتيك

مكملات الزنك تعزِّز ردود الفعل المناعية تجاه العدوى
back to top