أحداث كردستان تفصل السليمانية عن أربيل

سيناريوهات قاسية بانتظار الإقليم تتأثر بعوامل النفط والتحالفات الإقليمية

نشر في 21-12-2017
آخر تحديث 21-12-2017 | 00:11
تجمع المتظاهرين في أحد الشوارع في مدينة رانيا، على بعد كيلومترا شمال السليمانية في إقليم كردستان العراق
تجمع المتظاهرين في أحد الشوارع في مدينة رانيا، على بعد كيلومترا شمال السليمانية في إقليم كردستان العراق
رغم تراجع حدة الاحتجاجات العنيفة في إقليم كردستان العراق نسبياً، أمس، فإن التداعيات السياسية للقمع الذي تعرض له المتظاهرون، وإغلاق محطات تلفزيون أهلية، واعتقال ناشطين بارزين، لا تزال متواصلة، وتلقي بظلال من الشك حول مستقبل الحكومة الكردية التي تمر بواحدة من أصعب الأزمات مع بغداد، وتعجز عن دفع مرتبات الموظفين، مما يرفع معدلات الفقر، ويدفع الاقتصاد الناشئ إلى الكساد.

وأحرق المتظاهرون، طوال الأيام الماضية، مقرات حزبية ودوائر تابعة للأمن في 5 مدن بمركز محافظة السليمانية وضواحيها، متهمين أحزاب السلطة بسرقة ثروات الإقليم، في وقت ردت عليهم قوات الأمن بالاعتقال، وإطلاق النار أحياناً، ووقع عدد من القتلى والجرحى.

وهذه الاحتجاجات تعد الأولى منذ 7 أعوام، لكنها هذه المرة بطابع عنفي أكثر، وشمل الأمر تدمير عشرات المقرات الحزبية، رغم أن أربيل، عاصمة الإقليم، بقيت هادئة كما هي تقليدياً.

اقرأ أيضا

وتعيش المنطقة الكردية منذ 4 أعوام حالة من التراجع الاقتصادي، ويعاني مواطنوها الفقر، بسبب قطع بغداد الموازنة المالية عن الأكراد، إثر خلاف نفطي كبير، ثم أضيف إلى ذلك خروج ملحوظ للاستثمارات الأجنبية، بعد اجتياح تنظيم داعش المناطق المحاذية لكردستان عام 2014، وكذلك غادرت مئات المنظمات الأجنبية أراضي الإقليم، إثر إغلاق العراق مطاري أربيل والسليمانية، بعد استفتاء على الاستقلال أجري سبتمبر الماضي.

والإقليم الكردي مهدد بفقدان سمعة طيبة نجح في بنائها طوال سنوات، حين حقق استقراراً وتنمية، وبنى ثقة جيدة مع المجتمع الدولي، حين كانت بغداد تغرق في الحرب الأهلية وأخطاء السياسة، لكن علاقاته الاقتصادية والسياسية تتراجع بنحو ملحوظ.

أما التداعيات السياسية للأحداث الأخيرة فتفتح باب التكهنات على مصراعيه، ومنذ انسحاب قوات البيشمركة في 17 أكتوبر الماضي أمام تقدم الجيش العراقي، الذي أعاد السيطرة على حقول نفط عملاقة وعشرات المناطق المتنازع عليها بين بغداد والحركة الكردية، ظهر مطلب استقالة الحكومة، وتشكيل وزارة إنقاذ وطني مؤقتة في الإقليم، تتولى الحوار مع بغداد.

وأحيت المظاهرات هذا المطلب، حيث أعلنت حركة التغيير، أبرز فصيل معارض، انسحابها من الائتلاف الحكومي ورئاسة البرلمان، في حين بادر السياسي البارز برهم صالح، المنشق أخيراً عن حزب الرئيس الراحل جلال الطالباني، بتأييد التظاهرات، ودعا إلى تشكيل حكومة مؤقتة.

وسبق لصالح أن ترأس حكومة الإقليم الكردي بين 2009 و2011، وانسحب من حزبه بعد رحيل الطالباني، الخريف الماضي، مما ترك فراغاً قيادياً واضحاً في أبرز تنظيمات الحركة الكردية، يضاف إليه فراغ قيادة في المعارضة أيضاً، إثر رحيل زعيم حركة التغيير (غوران) نوشروان مصطفى قبل الطالباني بأسابيع.

ومن شأن هذه الاضطرابات أن تحيي أحد أكثر السيناريوهات دراماتيكية، وهو إعلان انفصال السليمانية، ممثلة في حزب الطالباني، عن أربيل التي تعود إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، وطبقاً لهذا فإن السليمانية ستحصل على حصة في نفط كركوك المتنازع عليه مع بغداد، في حين ستبقى أربيل تسيطر على نفط دهوك وأطراف الموصل، وهو ما سيضعف قوة الأكراد، ويسهل على خصومهم الإقليميين التحكم في مدى نفوذهم، الذي يدعم طموحات الأكراد القومية في سورية وتركيا وإيران.

وذكرت مصادر سياسية مطلعة في السليمانية أن الأحزاب في المدينة تنحاز إلى هذا الخيار، متهمة أربيل بالهيمنة على عوائد النفط «الكردستاني»، وهو احتياطي يقدر بـ40 مليار برميل، لكنه يواجه مشاكل جادة في الاستخراج والتسويق لوجستياً وقانونياً.

وتنقسم المدينتان سياسياً منذ الستينيات، إذ تمثل السليمانية طرفاً يسارياً أقرب إلى إيران، وتبقى أربيل اتجاهاً قومياً محافظاً، أقرب إلى واشنطن حالياً، رغم وقوف البيت الأبيض إلى جانب رئيس الحكومة المركزية حيدر العبادي في الأزمة الأخيرة، وتأكيده أن الأولوية هي تقوية بغداد أمام نفوذ الميليشيات.

back to top