يد إيران الضعيفة تنكشف من خلال التطورات المتواصلة في اليمن

نشر في 18-12-2017
آخر تحديث 18-12-2017 | 00:05
 واشنطن إكزامينر شكّل قتل ميليشيات الحوثيين المدعومة من إيران الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح خطوة طهران اليائسة الأخيرة لإنقاذ ماء الوجه في حرب تخسرها، فلو كانت إيران متفوقة في اليمن لحلت المسائل بالحوار من موقع آمر.

بما أن إيران والحوثيين يدركون أن صالح والمقربين منه يملكون معلومات كثيرة عن روابطهما، لم يستطيعا تحمّل كلفة انتقاله إلى الطرف الآخر وانضمامه إلى الائتلاف الموالي للمملكة العربية السعودية، فيواجه الائتلاف الإيراني-الحوثي راهناً خسارة عدد كبير من الرجال من جراء اغتيال صالح.

طوال سنوات شنت إيران حملة هدفها الاستيلاء بالكامل على دولة اليمن، التي تتمتع بموقع استراتيجي، وحققت هذه المبادرة تقدماً كبيراً سمح لها بالسيطرة على كامل البلد تقريباً وطرد عام 2015 كل القوات الموالية لحكومة الرئيس عبدربه منصور هادي المعترف بها دولياً من مدينة عدن في جنوب اليمن.

أدركت المملكة العربية السعودية العواقب المدمرة المحتملة التي قد تترتب على هزيمة مماثلة، لذلك قادت بمؤازرة الدول العربية هجوماً، مقدمةً للقوات الوطنية اليمنية دعماً جوياً وجنوداً على الأرض، وهكذا نجح الائتلاف الذي تقوده السعودية بعد نحو ثلاث سنوات في استعادة نحو 85% من اليمن.

عقب ائتلاف مليء بالتوتر شهدت الأيام القليلة الماضية شرخاً كبيراً في اتحاد متزعزع أساساً بين أنصار صالح والحوثيين الذين يتقيدون بأوامر طهران. كثُرت صباح يوم الاثنين وفق التوقيت المحلي التقارير المتضاربة عن موت صالح، ولا عجب في أن تكون وكالة أنباء فارس الإيرانية شبه الحكومية التابعة لحرس الثورة أول موقع إعلامي يعلن موت القائد اليمني السابق.

شكّل موت صالح ذروة الخلاف الأخير بين الحوثيين وأنصار صالح، في حين أشارت التقارير اللاحقة إلى دعوة هادي الشعب اليمني للنهوض في وجه الحوثيين، كذلك ذكر مسؤولون سعوديون أن اليمن سيكون أول دولة عربية تُحرر من النفوذ الإيراني.

تعي إيران أن انفصال صالح قد يشكّل مثالاً يتبعه حلفاء وأعوان آخرون ويدفعهم إلى الانشقاق بدورهم، وهذا ما تخشاه حقاً، وبعدما رأت أن البلد يخرج عن سيطرتها وأن الحوثيين قد يُرغمون مرة أخرى على الاختباء في شمال اليمن، تدرك طهران حاجتها إلى التمسك بكل وسيلة سيطرة ممكنة. من وجهة النظر الإيرانية تشكّل هذه الأزمة، التي ترافقت مع موجة جديدة من العزلة الدولية، وصفة لكارثة، وعلاوة على ذلك طالبت فرنسا وألمانيا إيران أخيراً بأن تعكس برنامجها الصاروخي البالستي المثير للجدل، متجاهلتَين ادعاءات طهران أن هذه التدابير تحمل طابعاً دفاعياً، كذلك سدد دبلوماسي بارز في باريس ضربة مدمّرة لإيران بدعوته نظامها لإنهاء "محاولات الهيمنة" التي يمارسها في منطقة الشرق الأوسط المشتعلة أساساً.

يكثر الحديث راهناً عن مبادرة سعودية للمضي قدماً بعملية السلام الإسرائيلية-الفلسطينية. صحيح أن التخمينات بشأن تفاصيل هذه المبادرة متفاوتة، إلا أن احتمال نجاح هذا المسار يُعتبر بحد ذاته ضربة أخرى لمخطط النظام الإيراني الرامي إلى إبقاء الشرق الأوسط باستمرار في حالة عداء مبهمة.

بالإضافة إلى ذلك وقعت الرياض أخيراً 18 مذكرة تفاهم في مجال الطاقة مع العراق تركّز على النفط، وتشكّل هذه إشارة إضافية إلى أن هيمنة إيران على العراق تتراجع أمام خصمها اللدود في الشرق الأوسط، وفي الوقت عينه يخسر حزب الله في لبنان نفوذاً سياسياً وعسكرياً في الداخل وفي المنطقة المجاورة.

لكي ينعم العالم بسلام حقيقي يحتاج إلى جبهة دولية قوية تتبنى معها الولايات المتحدة، وأوروبا، والعالم العربي تدابير متناسقة تهدف إلى تحميل إيران كلفة إضافية من جراء سلوكها العدواني، وقد تبدأ هذه المبادرة بتحرير اليمن من النفوذ الإيراني.

يوجّه جهد مماثل أيضاً رسالة ضرورية إلى الشعب الإيراني مفادها أن النظام الذي حكم بلده منذ نحو 40 عاماً ما عاد ينعم بالتنازلات التي نالها في محاولة للتقرب من إيران، ولا شك أن هذا سيشكّل دعماً لجهود هذا الشعب الرامية إلى إرساء أسس السلام والديمقراطية.

أمير بصيري

* «واشنطن إكزامينر»

back to top