العراق: قرار الفصائل الشيعية تسليم السلاح أقل من جديٍّ وأكثر من شكليٍّ

خلاف بين حكومة العبادي والميليشيات حول «كمية المدافع» وأماكن الحرب

نشر في 18-12-2017
آخر تحديث 18-12-2017 | 00:13
عناصر من الحشد الشعبي يرفعون صور السيستاني وأحد قادتهم أبو مهدي المهندس خلال احتفالات بالانتصار على «داعش» قبل أيام في البصرة (أ ف ب)
عناصر من الحشد الشعبي يرفعون صور السيستاني وأحد قادتهم أبو مهدي المهندس خلال احتفالات بالانتصار على «داعش» قبل أيام في البصرة (أ ف ب)
يصف كثير من الخبراء قرار فصائل شيعية بفك الارتباط بين قياداتها السياسية وأجنحتها المسلحة بأنه إجراء شكلي، غايته دخول الانتخابات المقبلة التي تفرض قوانينها ذلك، في وقت تشير مصادر إلى أن الموضوع، وإن بدا بطابع غير فاعل، يمثل بداية لمرحلة جديدة من خلاف عميق بين بغداد وميليشيات طهران حول أعداد المقاتلين والمدافع ومستوى التسليح وأماكن النشاط وراء الحدود.

وأعلنت أبرز الفصائل ما سمته فك الارتباط بين قياداتها السياسية وعناصرها المسلحة بهدف دمجها في جهاز الحشد الشعبي الذي بات قانونياً تحت إدارة رئيس الحكومة حيدر العبادي، غير أن المراقبين يشككون في أن يصبح ذلك أمراً حقيقياً؛ لأن هؤلاء المقاتلين عقائديون، رغم أن مقتدى الصدر ومنظمة بدر وعصائب الحق، انخرطوا في هذه العملية، مما يعني أن الأمر بات يشمل أكثر من نصف أعداد المتطوعين الذين قاتلوا «داعش»، ويخشى أن يمثلوا نفوذاً خارج إطار الدولة، ويجرى استغلاله في اقتراع نيابي حاسم العام المقبل.

وذكرت المصادر أن العبادي يشكك في العدد الحقيقي للمقاتلين، كما يتولى مساءلة الفصائل عن أعداد الأسلحة الثقيلة التي امتلكتها، وما إذا قامت بالتلاعب في جردها وإخفاء بعض المدفعية على سبيل المثال.

وأضافت أن الخلاف يمتد إلى قضية حساسة أخرى، وهي وجود جزء من مقاتلي منظمة بدر والعصائب في الجبهة السورية منذ عام 2013، وما سيعنيه دمجهم بالمؤسسة العراقية الرسمية إذا كان نشاطهم لا يزال يمتد إلى إسناد بشار الأسد.

وأخذت بعض الميليشيات تظهر حماسة وطنية، وتستخدم عبارات مدنية وليبرالية مثل ضرورة التوقف عن عسكرة المجتمع، وأهمية تعزيز سيادة الدولة، وعدم استغلال تضحيات الحشد في الدعاية الانتخابية. ومن المرجح أن هذه الخطوات النادرة جزء من دعاية انتخابية هدفها الفوز بأكبر عدد ممكن من المقاعد في انتخابات البرلمان، بعد بضعة أشهر، رغم أن المراقبين يذكرون أن شعبية الفصائل تراجعت كثيراً، بعدما استعاد الجيش النظامي هيبته، ونجح في معارك تحرير الموصل من «داعش»، وهي الأكبر والأصعب خلال الحرب.

ويواجه العبادي طلبات مستمرة من واشنطن والمؤسسات الدولية، ومستثمرين أجانب وعرب كبار أيضاً، بضرورة توفير بيئة قانونية وأمنية مناسبة لمساعدة العراق في استعادة عافيته، وسيبقى حل الحشد أو ضبطه وهيكلته على رأس الشروط المطلوبة في هذا الإطار.

وأيد المرجع الديني الأعلى علي السيستاني بقاء الحشد وعدم حله، لكنه أشار إلى احتواء ما وصفهم بالعناصر المدربة والمنضبطة وتسريح الآخرين، وهو موضوع خلاف معروف بين النجف والفصائل المقربة إلى طهران.

ولا ترجح المصادر أن يتورط العبادي في مواجهة مع هذه التشكيلات، لكنه بحسبها، بدأ قضم نفوذ تدريجي، كعملية تسمح بها مرحلة الانتهاء من «داعش»، التي ستجعل الجيش مسترخياً أكثر، وستقلل نفقات المعارك المكلفة، وتمنح الدولة شرعية أفضل للتعامل مع فوضى السلاح.

back to top