الخبير في علم «المنعكسات» بيار أندريه فوتيه: الأطباء يخطئون عندما يفصلون النفس عن الجسد

نشر في 16-12-2017
آخر تحديث 16-12-2017 | 00:03
No Image Caption
علم المنعكسات «ديان تشان» تقنيّة مبتكرة في الضغط على النقاط الحسّاسة في الوجه والجسم، مما يسمح باسترخائهما وتناغمهما. ظهر عام 1980 في فيتنام على يد البروفسور «بوي تسوك تشو»، وهو معالج بوخز الإبر.
ترتكز هذه التقنيّة على مبادئ الطبّ الصيني التقليدي وأهمّ الفلسفات الآسيويّة والتقاليد الفيتناميّة، وتسمح لكلّ شخص بالعمل مباشرة على صحّته عبر ممارسة التحفيز الذاتي واستخدام الوجه بالدرجة الأولى كدعامة للعمل. كذلك تسمح بتخفيف حدّة الآلام وتنظيم وظائف الجسم الحيويّة وتحسين الرفاهية من خلال تهدئة العواطف.
للتعرّف إلى المزيد بشأن هذه التقنيّة، فيما يلي مقابلة مع بيار أندريه فوتيه، وهو خبير في علم المنعكسات الكامل، ومدرّب، وصاحب كتاب «علم المنعكسات على الوجه بحسب طريقة ديان تشان» الذي نشر حديثاً في فرنسا ويتناول كيفيّة تطبيق هذه التقنيّة بشكل عملي.
أخبرنا عن مسارك واشرح لنا أكثر عن علم المنعكسات.

ولدت في عائلة «طبية» ونشأت في جوّ استشفائي. كنت رياضيّاً محترفاً في سنّ المراهقة، ما ساعدني في المناقشات الطويلة التي أجريتها مع أصدقائي أطبّاء العلاج الطبيعي وتقويم العظم حول هذه الممارسات (كان تقويم العظام يجذبني كثيراً بالأساس لفاعليّته المدهشة). وحين كنت طالباً استطعت العمل بضعة أشهر في المستشفى كـ«حمّال» فرافقت مساعي التمريض في الرعاية اليوميّة.

أخيراً، ساعدتني دراساتي في هندسة الصوت في اكتساب معرفة علميّة بشأن الظواهر الاهتزازيّة. ثمّ أردت استعادة هذا التواصل المباشر مع الناس فاتّجهت إلى مجال الصحّة والاستماع (بمعناه الواسع) إلى الآخر بشغف ومشاركة خبراتي.

عندما نقرأ كتابك، نفهم أنّ الطاقة هي المحرّك الفعلي للحياة. اشرح لنا المبادئ الأساسيّة التي تعمل الطاقة وفقها:

في الواقع، المسألة سهلة للغاية: الطاقة تعني «الحياة». هي محرّك كلّ شيء، وقدرتنا على التحرّك والتقدّم في بيئتنا. إنها قدرتنا الحيويّة، ولا حياة من دون طاقة. كلّ ما في العالم مُجبر على التحرّك، لأنّ توقّف الحركة يعني الموت. فإذا توقّف القلب والنفس والنشاط الكيماوي العصبي، وصلنا إلى الموت. كلّ شيء في العالم ينتج طاقة: السعرات الحراريّة والسخّانات والشمس والجسم... لكنّنا مع الأسف لا نملك الوسائل الدقيقة لقياسها بطريقة سليمة، ما يجعلها تبقى فكرة مبهمة لكثير من الأشخاص.

إذاً في الوجه بطاقة عن الجسم. هل هذا صحيح؟

نعم، صحيح، ويعود الفضل إلى الكمّ الهائل من تشعّبات النهايات العصبيّة. كذلك عندنا خرائط عدّة على شكل أزرار جهاز التحكّم عن بعد. يشبه جسمنا الشبكة الكهربائيّة: لإشعال الضوء، لا داعي لتركيب المصباح، بل يكفي الضغط على زرّ، عن بعد. وعلى وجهنا «أزرار» كثيرة تشعل ضوءاً أو أكثر.

الكتاب عمليّ لأنّه يعرض الحركات المطلوبة في حالات محدّدة جدّاً وشائعة إلى حدّ ما، كداء الصدفيّة أو الأكزيما، والرشح القريب من الإنفلوانزا والنزف والتوتّر والسعال الجاف وغيرها. إذاً هل هو أداة في متناول الجميع؟

بالتأكيد، فصحّتنا ملكنا، ويقع على عاتقنا واجب، بل مسؤوليّة الاعتناء بها. نجد اليوم وسائل عدّة ومختلفة لتعزيز حيويّتنا وتجنّب الإصابة بالأمراض. وهذه أهمّ نقطة: يستحسن السعي إلى تقوية الجسم ليحارب الأمراض بشكل أفضل أو يبعدها حتّى بدلاً من الانتظار ليصاب بالمرض كي يتصرّف. ومن الناحية الاقتصاديّة، توفّر هذه الطريقة الكثير على المجتمع.

ماذا تقول للأطبّاء الذين يجهلون مبادئ الطاقة هذه ويضعون كلّ شيء على حساب العلاج الوهمي؟

في الواقع، أظنّ أنّ الجميع على صواب لكنّنا لا نملك وجهات النظر ذاتها. تشارك الصحافة الجماهريّة العامّة في هذا اللغط عندما تأتي على ذكر «الطبّ البديل»، وهذا خطأ وخيم لأنّه: أوّلاً، ليس طبّاً، وثانياً، لا أحد يحلّ مكان الآخر، خصوصاً بين الأطبّاء لأنّني أؤمن أنّنا نكمّل بعضنا بعضاً. والصحّة ليست طبّاً فحسب، فالأخير يتناول موضوع الأمراض، في حين أنّ الصحّة تتحدّث عن الإنسان وبيئته الاجتماعيّة والعائليّة والمهنيّة والمناخيّة والغذائيّة... تسهم هذه العوامل كلّها في الصحّة.

أعود وأكرّر أنّنا لا نسعى إلى شفاء أيّ كان بل إلى تقوية الجسم. أعتقد أنّ هذا عملٌ مشترك وبالتآزر بين الطبّ والتقنيّات التكميليّة في مجال الصحّة التي يمكننا تطويرها لتحسين النظام عموماً.

مقتطف من الكتاب:

دعونا لا ننسى أنّه قبل اختراع المجهر في القرن السابع عشر، كان العلماء يظنّون أنّ الجراثيم غير موجودة. يطرح هذا كثيراً من التساؤلات. على صعيد البشريّة، ظهر هذا الاكتشاف البارحة، إذاً لا نزال في المراحل الأولى للتعرّف إلى جسم الإنسان. في هذا الصدد، لا يسعنا سوى شكر الباحثين الذين يشاركوننا اكتشافاتهم عن طريق عرضها للعلن، ونشكر من أسهموا كثيراً في شرح العلاقة الراسخة بين الجسد والعاطفة، والفيزيولوجيا وعلم النفس، لأن من الحماقة أن نعتبر كلّاً منها مستقلّة عن الأخرى. يقول أفلاطون: «لا نستطيع شفاء جزء من دون علاج الكل. فلا يجب أن نعالج الجسد منفصلاً عن النفس، وليستعيد الجسم والروح صحّتهما، لا بدّ من البدء بالاعتناء بالنفس. وهذا خطأ أساسي يرتكبه أطبّاء اليوم: فصل النفس عن الجسد منذ البداية».

ممارسة بسيطة وفاعلة

بفضل وجود محفّزات بسيطة وفاعلة، وتمارين عفويّة تطبّق في الحياة اليوميّة، وبروتوكولات واضحة ومتاحة للجميع، نستطيع الاعتناء بجسمنا والسعي إلى الحفاظ على صحّة جيّدة أو تحسين حالتها، والأمر ذاته يطبّق على أفراد العائلة كافّة. رغم أنّ الفوائد العلاجيّة لعلم المنعكسات «ديان تشان» أصبحت معروفة في كثيرٍ من بلدان العالم، فلا تزال دول أخرى تتجاهلها. يسلّط هذا الكتاب الذي تمحورت حوله المقابلة الضوء مباشرةً على أصول علم المنعكسات الشامل «ديان تشان» والمنطق الذي ينطلق منه وسير عمله.

بيار أندريه فوتيه عالم منعكسات ومدرّب ومحاضر ومستشار في المستشفيات والمؤسّسات. أسّس معهد «ديان تشان»، مركز التدريب على علم المنعكسات الشامل، وهو اليوم عضو مؤسّس في النقابة المهنيّة لعلماء المنعكسات في فرنسا. تدرّب على هذه التقنيّة على يد مؤسسها البروفسور «بوي تسوك تشو».

على وجهنا «أزرار» كثيرة تشعل ضوءاً أو أكثر
back to top