العالم يتفاعل مع اعتراف دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل

نشر في 15-12-2017
آخر تحديث 15-12-2017 | 00:04
من غير المرجح أن يكون ترامب قد مضى قدماً بخطوته في نقل سفارة بلاده إلى القدس لو لم يتأكد في المحادثات الخاصة أنه لدى العرب مشاكل أكبر ليقلقوا حيالها، فلا تهتم الدول العربية بمسألة فلسطين بقدر اهتمامها بتنامي النفوذ الإيراني وسعيها إلى التوصل إلى وسائل لاحتوائه.
 إيكونوميست حتى قبل إصدار ترامب إعلانه الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، كانت المعارضة الشديدة تتشكّل، فقد ندد البابا فرانسيس والقائد الأعلى في إيران بخطته لنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، وكذلك فعل الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس الوزراء الإيطالي، فضلاً عن مجموعة عالمية من الدبلوماسيين، لكن معارضة كل هذه الشخصيات البارزة زادت ترامب جرأة، وفي السادس من ديسمبر أطاح بكل المفاهيم المعتمدة في عملية السلام الإسرائيلية-الفلسطينية.

بعدما نقل ديفيد بن غوريون حكومته إلى القدس عام 1949، صارت إسرائيل الدولة الوحيدة التي لا يعترف سائر العالم بعاصمتها رسمياً، فما زالت الأمم المتحدة تعتبر هذه المدينة كياناً منفصلاً خاضعاً لسلطة دولية، ولكن على أرض الواقع، كان الوضع مختلفاً. حتى عام 1967 كانت القدس منقسمة بين إسرائيل والأردن، ومنذ حرب النكسة باتت خاضعة بالكامل لسيطرة إسرائيل، ولكن حتى حلفاء إسرائيل المقربون أبقوا سفاراتهم في تل أبيب على بعد 65 كيلومتراً غرب القدس.

أخبر صائب عريقات، أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية الذي شغل سابقاً منصب كبير المفاوضين الفلسطينيين في المفاوضات مع إسرائيل، ترامب بأن "يستبعد بلده من أي دور محتمل في عملية السلام"، لكن الرئيس الأميركي يصر على أنه ينوي الالتزام بوعده السابق والتوصل إلى "الصفقة الكبرى": السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. ويشدد: "لا نتخذ أي مواقف في مسائل الوضع النهائي، منها حدود السيادة الإسرائيلية الدقيقة في القدس أو حل مشكل الحدود المتنازع عليها". ولكن أصبح من الصعب بعد هذه النقطة حمل الفلسطينيين على العودة إلى مفاوضات تخلّوا عنها قبل ثلاث سنوات.

يستطيع الرئيس الأميركي التالي من الناحية النظرية تأخير نقل السفارة، مع أن هذا غير مرجّح، ونشهد اليوم موجة من التظاهرات، وما زال الفلسطينيون يصرون على ضرورة أن يشكّل جزء من القدس عاصمة دولة فلسطين في المستقبل، معتبرين ذلك أحد شروط أي صفقة سلام. يعيش نحو 300 ألف فلسطيني في القدس ويشكّلون ثلث سكان المدينة تقريباً، ومع أن هؤلاء يحملون بطاقات هوية إسرائيلية ويستطيعون التنقل والعمل في إسرائيل، لا يُعتبرون مواطنين إسرائيليين ولا يستطيعون التصويت في الانتخابات الوطنية؛ لذلك يبقى وضعهم عالقاً ويحتاج إلى حل.

أسس ترامب الجزء الأكبر من سياسته في الشرق الأوسط على بناء تحالف أقوى مع دول الخليج العربية، لكن هذه الدول عارضت علانية الاعتراف بالقدس، شأنها في ذلك شأن حلفاء الولايات المتحدة العرب الآخرين، ولكن من غير المرجح أن يكون ترامب قد مضى قدماً بخطوته هذه لو لم يتأكد في المحادثات الخاصة أنه لدى العرب مشاكل أكبر ليقلقوا حيالها، فلا تهتم الدول العربية السنية بمسألة فلسطين بقدر اهتمامها بتنامي النفوذ الإيراني وسعيها إلى التوصل إلى وسائل لاحتوائه.

مدينة مقدسة معضلة كبيرة

يجعل هذا الوضع الفلسطينيين معزولين، وهذا هو الشعور الذي لمسناه في شوارع القدس الشرقية هذا الأسبوع، يعتقد الفلسطينيون أن الولايات المتحدة لم تكن الوحيدة التي تخلت عنهم، بل العالم العربي وقادتهم أيضاً، فقد تفوه جواد صيام، زعيم محلي في بلدة سلوان العربية في القدس، بكلمات قاسية عن الرئيس الفلسطيني محمود عباس. قال: "يردد عباس دوماً أنه ما زال من الممكن للدبلوماسية أن تنجح، وها هو ترامب اليوم يصغّر عباس كثيراً أمام شعبه"، فمنذ انتخابه عام 2005 رفض عباس العنف ودعا شعبه للسعي إلى تأسيس دولة بالسبل الدبلوماسية، لكننا نشهد اليوم تنامياً للأصوات الداعية من داخل الحركة الوطنية الفلسطينية للعودة إلى الانتفاضة.

لكن فلسطينيين كثراً يخشون الصراع مع الإسرائيليين، حيث يشير فوزي عياد، تاجر من الحي الإسلامي في القدس: "لمَ علينا أن نبدأ انتفاضة جديدة ونخسر أبناءنا؟ ألأن ترامب أعلن أنه سيبني سفارة؟ لنرى ما إذا كان سيبني شيئاً. لا يقوم ترامب بأي أمر سوى الكلام".

back to top