مسلسل «سابع جار»... هل كشف المسكوت عنه اجتماعياً؟

• يتّهمه البعض بعرض نماذج تتعارض مع التقاليد

نشر في 12-12-2017
آخر تحديث 12-12-2017 | 00:04
رغم النجاح الكبير الذي حققه مسلسل «سابع جار» الذي يُعرض راهناً، فإنه أصاب قسماً من جمهوره بالصدمة فهاجمه بسبب رصده علاقات اجتماعية معينة.
هل كشف المسلسل «المسكوت عنه» اجتماعياً فأحدث حالة الصدمة تلك، وهل من المفيد للدراما أن تعري وتواجه بجرأة ما نعيشه في الواقع، وماذا عن اتهام صانعي هذه النوعية من الأعمال بمحاولة تمرير مفاهيم جديدة على مجتمعنا لا توافق تقاليدنا وعاداتنا؟
باختصار، هل ما تطرحه هذه المسلسلات من شخصيات ورؤئ وأفكار موجود فعلاً في المجتمع، والدراما ما هي إلا مرآة لتعكسها؟
«سابع جار» دراما اجتماعية تدور بشكل أساسي داخل أحد المباني السكنية في مصر الجديدة، ترصد قصص ساكنيها وما تحمله حياتهم من أسرار خلف الأبواب المغلقة، والمسلسل تجربة شبابية جديدة بكل ما تعنيه الكلمة، إذ إن معظم صانعيه من الشباب.

المسلسل من بطولة: دلال عبدالعزيز، وشيرين، وهاني عادل، ورحمة حسين، وأسامة عباس، وهيدي كرم، وسارة عبد الرحمن، ومحمد علاء، ودعاء حجازي، وصفاء جلال، والطفل أحمد داش.

انتقد البعض المسلسل أخيراً على اعتبار انه يعرض نماذج «نافرة» غير موجودة في المجتمع المصري. في هذا السياق تقول مؤلفته هبة يسري، وهي إحدى مخرجاته إلى جانب كل من أيتن أمين ونادين خان: «تعداد مصر مئة مليون شخص، وهم بالطبع لا يشبهون بعضهم بعضاً حتى لو شاركوا في الطبقة الاجتماعية نفسها»، موضحة أن شخصية «مي» في المسلسل مثلاً ابنة سفير، فمن الطبيعي أن تكون طريقة تربيتها أوروبية بعض الشيء، من ثم مختلفة عن أسلوب تربية غيرها من أبناء مصر.

وتؤكد المؤلفة أن الخطأ والصواب لا يندرجان تحت معيار واحد محدد لدى البشر، نافية أن تكون الدراما عموماً عملاً تربوياً هدفه إيصال رسالة معينة إلى الجمهور، بل هي مجرد قصة تعكس جزءاً من الواقع وليس بالضرورة أن نكون ملمين بتفاصيله كافة.

وتتحفظ المؤلفة على تصنيف المسلسل بالعائلي، موضحةً أنه طرح نماذج موجودة في مجتمعنا المصري، «الذي لم يعد منغلقاً بقدر ما كان عليه في السابق، وثمة فعلاً فتيات يسكن في منزل بمفردهن، وفتيات أخريات يتزوجن لمجرد التخلّص من العبء المجتمعي، ومن وصف «العانس»، أو بهدف الإنجاب فحسب ثم يتطلقن».

وتؤكد يسري أن المجتمع شهد تطورات كثيرة على مستويات عدة، وثمة فتيات كثيرات لديهن استقلال مادي، ويعتمدن على أنفسهن، فضلاً عن أن رغبات الفتيات أصبحت متغيرة، وغير محصورة في الزواج من «أول عريس». وتتساءل المؤلفة في ختام حديثها: «إلى متى سنستمرّ في الخوف من طرح أفكارنا ومشاعرنا، وندفن رؤوسنا في الرمال».

رأي النقد

الناقدة الفنية ماجدة خيرالله ترى أن منتقدي مسلسل «سابع جار» بسبب عرضه نماذج اعتبرها البعض غير موجودة في البيئة المحلية، لا يعرفون مجتمعهم من الأساس، مضيفةً أن نماذج عدة طُرحت في العمل موجودة في حياتنا، خصوصاً الفتاة التي تعيش بمفردها، فضلاً عن تلك التي تريد الزواج لغرض الإنجاب فحسب.

وتتابع: «تفكّر كثيرات في مجتمعنا اليوم بهذه الطريقة، وإن كن لا يُعلنَّ ذلك، سواء للخلاص من لقب «عانس»، أو لعاطفة الأمومة، وظهر ذلك في فيلم «بشتري راجل» لنللي كريم».

كذلك تشير إلى أن العمل الفني ليس دوره إطلاق أحكام أخلاقية أو تقنين تصرفات الناس، إذا ما كانت شريفة أو لا.

وتصف الناقدة عبارة «هذه النماذج ليست في مجتمعنا»، والتي يرددها البعض بـ«التافهة»، لأن الناس لا يعرفون ما يحدث وراء الأبواب المغلقة، مؤكدة أن المجتمع يتطور كل فترة، ويفرز نماذج مختلفة لا يمكن أن يغفلها الفن.

وتدلل الناقدة على قولها بمسلسل «هذا المساء» الذي تناول مجتمع المناطق الشعبية، والعلاقات فيه، كشخصية «أم عبير»، زوجة موظف وأم تخون زوجها، أو قضية التجسس واختراق الهواتف.

وأهم ما يجب أن يوجَّه إلى العمل الفني من نقد، بحسب الناقدة، مدى واقعيته وعدم تنميطه للشخصيات، مشيرة إلى أن «سابع جار» قدّم نموذجي المتدينة والمتحررة من دون ابتذال أو سطحية أو نمطية في التعامل معهما، فضلاً عن ترسيخه فكرة التعايش بين أفراد البيت الواحد رغم اختلافاتهم.

من جانبه، يرفض الناقد عصام زكريا مقارنة المسلسل بالمجتمع، معتبراً أن هذا التصور قصور وعدم نضج في تناول الفن عموماً، لأن العمل الفني بالأساس يعتمد على خيال مؤلفه، ولا يهتم بمقدار تطابقه مع الواقع.

ويوضح الناقد أن التعامل مع العمل الدرامي يكون من خلال منطق تطور الشخصيات وسلوكها في المواقف، وفقاً لتركيبتها وليس لوجودها في الحقيقة، مؤكداً أن المسلسل لن تتعزّز قيمته الفنية أو تقل تبعاً لالتزامه بالواقع من عدمه.

ويتابع الناقد: «أي عمل فني عبارة عن طرح لمجموعة أفكار، وعليه فإن مؤلفه يتخيل ظروفاً معينة، وكيفية تفاعل الشخصيات معها، فيتعامل مثلاً مع الفتاة التي أقدمت على علاقة في غير نطاق الزواج، أو من تريد زواجاً مشروطاً بغرض الإنجاب، وفقاً للسياق وما دفعهما إلى ذلك، ومن ينفون وجود هذين النموذجين في مجتمعنا وغيرهما مغيبون».

لا رسائل معينة

يرى الناقد رامي عبد الرازق أن العمل لا يحمل رسائل معينة سواء سلبية أو إيجابية للمشاهدين، كذلك لا يوجههم حيال شخصياته، مؤكداً أن من حق الجمهور رفض أو قبول هذه النماذج، وهذا لا يعيب المسلسل، لا سيما أنه قدّم النماذج كافة في صورة حيادية، فلم يصوِّر المتدينة معقدة، ولا المتحررة منحلة.

ويوضح عبد الرازق أن الدراما لا تعرض الواقع بحذافيره، بل ما قد يحدث فيه من وجهة نظر مؤلف العمل ذاته، الذي يتنبأ بالأحداث، وينسج الشخصيات وفقاً لوجهة نظره ولعوامل موجودة في المجتمع، لافتاً إلى أن ممارسة الضغط على الفتيات بعد سن معين ربما تدفعهن من وجهة نظر المؤلف إلى اللجوء إلى هذه النوعية من التصرفات والتي يراها البعض غريبة.

هبة يسري: الدراما ليست عملاً تربوياً هدفه إيصال رسالة معينة المؤلفة
back to top