المستثمرون يهجرون كردستان نحو البصرة إثر انفتاح خليجي

نشر في 09-12-2017
آخر تحديث 09-12-2017 | 00:03
 تظهر الجسر المعلق مؤخرا في مدينة البصرة الجنوبية
تظهر الجسر المعلق مؤخرا في مدينة البصرة الجنوبية
تقول أوساط اقتصادية إن منطقة جنوب العراق والبصرة بدأت تستعيد تدريجياً انتعاشها المفقود منذ أكثر من أربعين عاماً زخرت بالحرب، مع انتباه العالم مجدداً إلى أن هذه البقعة ليست مجرد نفط، بل سوق كبير في موقع استراتيجي مهم على رأس الخليج العربي، يشكل المرفأ التاريخي لتداول البضائع القادمة من أسواق آسيا والهند عبر الموانئ الخليجية التي ظلت قروناً تشكل محطات شحن مهمة في الترانزيت الدولي.

ولعل أهم مؤشر بعد الحضور الكبير لعمالقة البترول في حقول الزبير والرميلة والقرنة العملاقة، هو الانفتاح الدبلوماسي الخليجي على العراق، وخصوصاً من جانب الكويت والرياض، حيث تتحول البصرة إلى غرفة عمليات أساسية للانفتاح العربي بحكم علاقات الجوار التاريخي والمصاهرات والقرب الثقافي واللغوي مع الموانئ والحواضر الخليجية.

ويرصد المراقبون نشاطاً متجدداً في البصرة (نحو أربعة ملايين نسمة) يتمثل بإنشاء مجمعات سكنية عملاقة، ومدينة رياضية أخذت تستضيف مباريات دولية أخيراً، ومجمعات فندقية تتسع لتقديم خدمات للقنصليات والشركات الكبرى والأنشطة السياحية وبرامج صناعية تلبي حاجة السوق الكبيرة، إلى جانب دخول دول الخليج شريكاً فاعلاً في العراق لشركات النفط والغاز، حيث تستثمر الكويت في حقل السيبة الغازي المهم المقابل لمدينة عبادان الإيرانية، وفي قطاع الاتصالات الحيوي، وتبقى هي مع دبي محطة ترانزيت مهمة لكل رجال الأعمال المستثمرين في جنوب العراق.

ويتحدث العراقيون بفخر عن هذا الحضور الدولي والعربي، بوصفه مؤشراً يمنع إيران من الهيمنة على المنطقة الشيعية في جنوب العراق بفضل الأواصر المتنوعة تجارياً وثقافياً، وهو ما تعزز بانفتاح سعودي واعد يشمل استثمارات زراعية وصناعية لافتة تمتد من البصرة إلى السماوة صعوداً نحو غرب العراق ذي الأغلبية السنية على حدود سورية وتركيا.

وفي الآونة الأخيرة، أبدى المراقبون اهتمامهم بانتقال رؤوس الأموال بنحو ملحوظ من إقليم كردستان العراق إلى أسواق البصرة، وخاصة بعد الأزمة الإقليمية التي نجمت عن استفتاء سبتمبر الماضي حول استقلال أكراد العراق، وما أعقبه من قيود على حركة المطارات والسفر فرضتها بغداد، مطالبة بحوار ثنائي يجري بطيئاً ضمن رعاية الأمم المتحدة والتحالف الدولي ضد الإرهاب الذي تتزعمه أميركا.

وتلكأ اقتصاد الإقليم الكردي أمنياً وسياسياً، ودفع المستثمرين إلى محاولة اكتشاف سوق عراقي جديد، لا سيما في قطاعات النقل البحري والإنشاءات والاتصالات، فضلاً عن محاولة العثور على حصص في العمليات الثانوية داخل استثمارات النفط العملاقة التي رفعت إنتاج العراق بشكل ملحوظ إلى طاقة تصديرية تربو على خمسة ملايين برميل حالياً بعد نحو ستين عاماً من القطيعة مع الشركات الأجنبية.

إلا أن الخبراء يؤكدون أن نمو العلاقة التجارية والسياسية مع المستثمر الدولي والخليجي لن يعني إلغاء دور إقليم كردستان ومدينة الموصل التاريخية، إذ سيبقيان شريكاً حاسماً يربط العراق بأوروبا، ويعزز الفرص التي يجري اكتشافها لربط موانئ الخليج حتى برياً في مساع تعيد إحياء طريق الحرير القديم كنقطة وصل بين أسواق آسيا وأوروبا عبر شمال الخليج العربي، وهو ما يصفه المراقبون بمحور يمكن أن يصوغ مفهوماً جديداً للأمن الإقليمي، ويعزز فرص التعاون كبديل للتوترات التي أتاحت للإرهاب والسياسات المتشددة التحكم بمصير المنطقة طويلاً.

back to top