المصالحة الوطنية

نشر في 08-12-2017
آخر تحديث 08-12-2017 | 00:08
المصالحة الوطنية مطلوبة على كل المستويات لمن أخذه الحماس في السنوات الماضية بعد ثورات الربيع العربي، مع هذا الطرف أو ذاك، فالكويت بلد السلام والتعايش السلمي، وأميرها قائد العمل الإنساني، وأبناؤها يستحقون تلك المبادرة.
 أ. د. فيصل الشريفي قال تعالى: "وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ". (الأنفال- 61).

لقد عانت المنطقة العربية في السنوات الماضية بعد ثورات الربيع العربي دمارا طال الشجر والحجر، راح ضحيته مئات الآلاف من القتلى وملايين المشردين، ودمارا للبنى التحتية يحتاج إلى عشرات السنين لإعادته إلى ما كان عليه وإلى آلاف المليارات من الدولارات، وكله وقع تحت شعار حرية الشعوب.

الحقيقة المرة أن أيا من تلك الثورات لم ينجح، ليس بسبب فساد السلطات، إنما لغياب المشاريع الوطنية الجامعة، فالحرية كانت في نظرهم عودة الخلافة وإخضاع الناس بالسيف، فلا مكان لشعاراتهم سوى الطائفية والإقصاء؛ مما عجل في نهايتهم، فالحرية التي أرادوها سهم أصاب الوطن العربي في مقتل، ورصاصهم الطائش استقر في جسد الأبرياء.

الكويت لم تكن بعيدة عن تلك الأحداث لولا أن دفع الله البلاء عنها بتكاتف العقلاء وحكمة وبصيرة أميرنا الشيخ صباح الأحمد الصباح، أطال الله في عمره، ليبحر بالسفينة إلى بر الأمان بروح الأب وحنكة القائد.

اليوم غير الأمس والأحداث قد تكشّف معظمها، وعادت معها العقول إلى الرؤوس، وما يمكن طرحه الآن يختلف عما كان عليه في تلك الأيام، فالمصالحة الوطنية مطلوبة على كل المستويات لمن أخذه الحماس في تلك الفترة مع هذا الطرف أو ذاك، فالكويت بلد السلام والتعايش السلمي، وأميرها قائد العمل الإنساني، وأبناؤها يستحقون تلك المبادرة.

صوت العقل والحكمة يجب أن يكون هو الأعلى، وصوت من يريد أن يرقص على جراح الوطن هو الأدنى، فكم من شاب راح ضحية الحماس، وكم من شاب دخل عالم السياسة دون أن يعرف دهاليزها، وكم من واحد دخل لأجل الشهرة دون إدراك لعواقب الأمور.

عندما تريد أن تعرف ضحالة تفكير من تصدر المشهد السياسي آنذاك تابع تحولاته الفكرية وتقلباته ومقارناته الإقصائية، فتارة يعلن المقاطعة، وتارة أخرى يتبنى فكرة الإصلاح من الداخل، وفي كلا الحالتين مازال يستخدم العبارات الطائفية نفسها خوفاً من فقدان كل رصيد التعبئة.

أهمية إيجاد مخرج وطني لمن انزلق وراء الأحداث المحلية والإقليمية ليس ببدعة، فالمجتمعات تتجاوز عن أبنائها من باب المحافظة على الروح الوطنية والكويت بلد الإنسانية، قد مر بتاريخها أحداث مماثلة، لكنها تعالت على الزلات فكان العفو والتسامح من شيمها، ولا أظنها ستدير وجهها هذه المرة عن أبنائها، وأبوها وربانها سمو الأمير حكيم العرب وقائد الإنسانية.

أتمنى على من يتشدق بمفردات الطائفية والاتهامات العنصرية ترك نغمة التشفي والفرز الطائفي والمقارنات الإقصائية، وأن يضع مصلحة الكويت أمام عينيه، ويرتقي بلغة الخطاب، ومن أخطأ لا يكابر ويستمر في الخطأ.

اللّهم اهدِنا فيمَن هَديْت، وعافِنا فيمَن عافيْت، وتَوَلَّنا فيمَن تَوَلَّيْت، وبارِك لَنا فيما أَعْطَيْت، وقِنا واصْرِف عَنَّا شَرَّ ما قَضَيت، سُبحانَك تَقضي ولا يُقضى عَليك.

ودمتم سالمين.

back to top