ليس للكتاب من يؤازره

نشر في 26-11-2017
آخر تحديث 26-11-2017 | 00:00
 ناصر الظفيري الكتاب الذي صاحب مؤلفه سنوات كان فيها شاهدا على صبره وعزلته ومتابعا لجلادته، كان يدرك انقطاع كاتبه عن الجميع، وتضحيته بوقت أسرته وأصحابه وإخلاصه له، بأن يخرج كما يريد قراؤه ونقاده ثانيا، وكما يريد هو أولا. يجمعه المؤلف بين جلدتين، ثم تبدأ مرحلة التنقل بين البحث عن مدقق ومراجع أو محرر، كما يسمونه في الغرب، وبين الاتفاق مع ناشر، فيطلب أحدهم مساهمة بسيطة في النشر تصل إلى أكثر من كلفة الكتاب، ويطلب البعض الآخر الانتظار سنة أو أكثر حتى يخرج للنور. ويحدث أن يخرج الكتاب من يد صاحبه، ليرى النور وسط غمرة الفرح التي تصاحب الكتاب وصاحبه.

الخطوة الأخيرة، أن يصل الكتاب إلى قرائه، وليس أكثر فرحا للكاتب من انتشار كتابه بين أبناء وطنه الذين تناول همومهم ومآسيهم بين دفتيه. لكن هناك المعضلة التي لم يتوقعها الكتاب، هناك رجل غامض لا يعرض مدى علاقته بالكتب يقف حاملا مقصا لا يفرق بين نص وآخر. فكل كلمة يراها صاحب المقص لا تليق يقوم بوضع الكتاب كاملا بين فكي المقص، لينهي كل هذه الرحلة إلى الهباء.

إن كلمات مثل "ثدي" أو "عارية"، أو ما شابه ذلك، هي إباحية كافية بالغاء الكتاب من الوجود. ليس مهماً السياق، ولا الحالة التي يناقشها، فالرقيب الذي وضع المقص بديلا لعقله لا يفكر في ذلك.

يجلس الكتاب الآن في مخزن يضم مجموعة كبيرة من أمثاله المارقين على أعراف صاحب المقص فيما يمكن أن نسميه "مقبرة الكتب"، استعارة من الكاتب كارلوس زافون، ويرى أمام عينيه مجموعة من توافه الكلام والكتب المسلوقة على عجل تخرج للأرفف، دون أن يميز الرقيب بينها وبين أقرانه.

ولا يجد الكتاب سوى الأصوات الخافتة للدفاع عنه في عتمته. أصوات قراء وناشرين لا يؤثر صوتهم كثيرا في قرار صاحب المقص. وينتهي الحفل، ويتم شحنه مرة أخرى، ليعود إلى المكان الذي جاء منه.

طوال هذا الاحتجاز البغيض والكتاب يتساءل؛ ما الجهة الرسمية التي يمكن أن يسمع صوتها، وتساهم في الإفراج عنه؟ يعول مثلا على المهتمين بالأدب والفن والثقافة، ويرى في المجلس الوطني جهة بإمكانها أن ترفع صوتها، وتحتج على الممارسة غير الحضارية عليه، لكنها الجهة الأولى التي تبرَّأت منه، مدعية أنها جهة تنظيمية فقط. جهة تنظيمية، كان بالإمكان توفير هذا الجيش من موظفيكم، ومنح التنظيم لجهة أكثر احترافا منكم ولمدة أسابيع. اسمكم الطويل هذا لا يدل على أن لكم علاقة بالثقافة والفن والأدب، وإذا لم تتخذوا موقفا شجاعا كأن يستقيل أمينكم أو مساعده أو مدير إدارة الثقافة، فمن سيتخذ هكذا موقفا؟ هل الكراسي التي تجلسون عليها أهم كثيرا من موقف مشرف يُحسب لكم وأنتم ترون الكتابات من أدبائنا العرب وناشرينا بحق الكويت التي تحوَّلت إلى جهة طاردة، بعد أن كانت قبلة للجميع؟ للأسف، طالما المعرض يحمل مسماكم الطويل، فالموقف مطلوب منكم، والادعاء بأنكم جهة تنظيمية هي مراوغة فاشلة.

back to top